الإثنين 2024-12-16 08:03 ص
 

سيادة الدولة وحماية ثرواتها الطبيعية .. إلى أين ؟؟

12:10 م

الدكتور موسى الحسامي العبادي - المصادر الطبيعية للموارد المعدنية النفط والمائية والآثار وغيرها ملك للدولة وللمواطنين، وليس من حق الأفراد تحت أي ذريعة من الذرائع استخدمها وإستثمارها من دون الحصول على تصاريح تجيز ذلك،أو الحصول على التراخيص من خلال القرارات التي تخالف القوانين والنصوص الدستورية التي تحمي هذه المصادر . اضافة اعلان


ومن اهم هذه المصادر المياه الجوفية والتي تعتبر ملك للدولة،وليس لأحد أن يدعي ملكيتها أو حق التصرف فيها حتى ولو كانت تقع ضمن الملكية الخاصة أو في دائرة نفوذه السياسي أو الاقتصادي أو الإجتماعي في أي دولة تدعي العصرية والديمقراطية، إذ أن هذه المصادر دائما محط أطماع داخلية وخارجية على حد سواء قادت في كثير من الأحيان إلى نزاعات محلية و حروب إقليمية ودولية بهدف الاستيلاء عليها وإستثمارها.

الأردن يعد من أفقر دول العالم من حيث موارده المائية ، لانعدام وجود الأنهار نظرا لموقعه الجغرافي الصحراوي ، و زاد الأمر سوءاً استيلاء إسرائيل على منابع و روافد مياه نهرالأردن في عام ،1967 وإستيلائها على الجزء الأكبر من مياه نهر اليرموك، بعدها أصبح الأردن يعتمد اعتمادا كبيرا على مياه الامطار، وهي شحيحة لا تكفي الاحتياجات الزراعية ولا تسد الطلب على مياه الشرب في ارجاء المملكة ، اذ يعتمد بشكل اساسي على استخراج المياه الجوفية، بحيث جف العديد من مخزون الابار غير المتجددة و المتجددة بفعل الضخ الجائر و الاستخدمات غير المشروعة لتلك الابار، بسبب استخدامها لري المحاصيل لحساب فئة اجتماعية ذات نفوذ اقتصادي او سياسي، وزاد من حدة هذه الامورعوامل متعددة منها الزيادة المضطربة في تعداد السكان غير الطبيعي، و التي تفوق أي دولة في العالم والذي كان سببها إستقبال إكثر من مليونين نسمة سواءاً كان من اللاجئين العراقين والسورين وغيرهم في غضون عشر سنوات (الهجرات القصرية الناتجة عن الاضطرابات السياسية والحروب الاقليمية)، ومن المعروف ان الزيادة الطبيعية في تعداد النمو السكاني بحدود 3% في العام، أصبحت في الأردن 30% مما أرهق كل الموارد والأ

مكانيات وأهمها الموارد المائية مما ساعد على بروز أزمة مياه الشرب، ناهيك عن سوء استخدام المتأتي من إعطاء مئات الرخص للأفراد لحفر آبار إرتوازية في أراضيهم و استخدام هذه المياه لاغراض الزراعة و ري المحصولات، والأكثر من هذا وأدهى هو السماح بإستخدام هذه المياه كسلعة تجارية لصالح بعضهم، وكأن الدولة جيرت مصدرا من اهم المصادر الطبيعية التي يفترض أن تكون ملكا للدولة ،و كلنا على علم كيف أن الآبار المملوكة لأشخاص قرب عمان أو داخلها تباع للمواطنين بأسعار مرتفعة ومن الأجدر أن تقوم الدولة بهذا الدور لمصلحة المواطنين ليصبح المردود رافدا من روافد الخزينة ... .

من هنا نتسأل من أعطى هذه التصاريح لبيع هذا المصدر الثمين لصالح أفراد بعينهم وبأسعار باهظة للمواطنين ..... ؟؟

أليست المياه التي تباع من المخزون المائي لحوض عمان الزرقاء وحقل أبار الجيزة، والتي تعتبر جزء من هذا الحوض هى جزءاً من عملية الفساد الذي يعتبر تنازلا عن سيادة الدولة وثروتها المائية ...... ؟؟

لعل المواطن في الأردن على معرفة بحجم الاعتداءات الجائرة على المياه الجوفية، من خلال حفر مئات الآبار الارتوازية غير المرخصة كما هو في المفرق و الأزرق و جنوب العاصمة و غور الاردن وغيره، كما أن المواطن يدرك خطورة تأجير ألاف الدونمات لصالح أصحاب الثروة و النفوذ كما هو في جنوب الأردن، فقد إستغلوا مياه الديسة بشكل سافر وجائر وعدم مراقبتها من حيث الكميات المستخدمة ...

أن هذا الصمت والترهل المقيت لا يعني ولا يعكس بأي حال من الأحوال قبول هذا الواقع أو الموافقة عليه من الشعب الأردني الممتعض والمتذمر من هذا الواقع المرير ....

إن الأردنيون يدركون أن هذا الواقع يأتي في دائرة شبه الفساد الإداري الممنهج ، اذ أن هذه الإعتداءات على المصادر الطبيعية للمياه يشبه الى حد كبير الاعتداء على الاثار من قبل عصابات النهب والسرقة تحت سمع و بصر الاجهزة المعنية أليس كذلك ....؟؟؟ حيث ان الجهود قليلة ولم تفلح من ردع ومنع الاعتداءات .... فإذا كان من الجائز أن تمنح الدولة ثرواتها المائية للمواطنين أو للشركات بهذا الشكل ... فهل هذا يعني أن الدولة تخلت عن حماية هذه المصادر والتي نراها جزءاً من سيادة الدولة التي لا يمكن التفريط بها، لما لها من أهمية بإعتبارها خطاً احمر لا يسمح بتجاوزه ...

هنا نتسأل هل تملك المواطن لقطعة ارض تحوي على معادن أو خامات أو دفائن أثرية أن يتقدم بطلب الترخيص لإستخراجها .... ؟؟

وهل من حقه ان يحولها الى سلعة تجارية لصالحه... ؟؟؟؟

لقد فرطت الدولة في كثير من أمور السيادة ومن بينها الأرض التي هي الركيزة الاساسية من ركائز الدولة حين حولتها الى واجهات عشائرية او اقتطاعات لصالح المتنفذين واصحاب رؤؤس الأموال والمستثمرين وحرمت أبناء الوطن حق الانتفاع منها وملكتها لمن لا يستحق .

ومرة اخرى نتسال من ينقذ ثرواتنا الوطنية ، ومن يروي عطش الملايين من الأردنيين ، ومن يحمي ويحفظ مصادرنا الطبيعية للأجيال القادمة من الإستغلال الممنهج .......؟؟؟؟؟

و أخيرا كلنا أمل من حكومتنا الرشيدة وعلى رأسها دولة رئيس الوزراء الأفخم الذي حظي بالتكليف الملكي السامي، وحصل على الثقة من مجلس النواب الموقر ونال التهنئة والتبريك من الشعب الأردني، والذي اصبح صاحب الولاية وبتوجيهات صاحب الجلالة الملك عبدلله أن ينظر في هذه الأمور لما لها من أهمية ودور كبير يسهم في إرساء هيبة الدولة وبسط سيادتها على مثل هذه القضايا التي تم التفريط بها بشكل واضح ، فالأردنيون يترقبوا وينتظروا بلهف من الحكومة الالتفات والنظر بإيجاد الحلول الحكيمة والعادلة، لمنع الانتهاكات والتجاوزات التي مورست بحق ممتلكات الدولة السيادية وعلى مؤسساتها و رموزها وعلينا جميعا ،بدفع عملية تطوير عجلة التنمية المستدامة وتقديم الخدمات التي تواكب العصر مع الحفاظ على ديمومة الامن والاستقرار في أردننا الحبيب الذي يمارس سيادته فوق الارض وباطنها وسمائه وحدوده وقراراته .

وفق الله الجميع وسدد الخطى لما هو خيرا لأردننا العزيز تحت ظل الراية والقيادة الهاشمية.


 
gnews

أحدث الأخبار



 




الأكثر مشاهدة