هو الوحيد الذي لا يستعمل جرس المنزل ولا يطرق الباب، ف(كحته) تسمع من أول الحارة كما لو أطلقت صافرات الأنذار. وصل ابو محمود الى حيث يسهر أبناء عمومته، كانت الغرفة دافئة كونها محكمة الأغلاق، أخذ مكواعا وبدأ ينسجم معهم بالحديث الدائر، دقائق معدودة وأخرج أبو محمود علبة (الهيشي) وهو دخان طبيعي ليس عليه أي أضافات ويلف يدويا، فتح العلبة وأخرج ورقة اللف، وضع الهيشي داخل الورقة ولحس بلسانه أطراف الورقة وبدأ بلفها، وحين أكمل بصق القطعة الزائدة من طرف السيكارة وإذا بها في صباح أبو مروان الجالس في أقصى طرف الغرفة حيث أن مداها كان أبعد من مدى صاروخ كروز وعادة ماتصيب تلك القطعة التي يخرجها مدخنو الهيشي أهدافها بدقة متناهية!
شفط أبو محمود أول شفطة من سيكارته وأخرج ما يشبه الغيمة الكثيفة في المنخفضات القطبية، فأصيب من في جانبه بدوار البحر، والبر، والجو، والنهر، والمريخ، وزحل.
وسرعان ما أتبعها أبو محمود بشفطة ثانية حيث توّهج رأس السيكارة كفوهة البركان، وحين خرجت الدفعة الثانية من الدخان أدمعت عيون كل من في الغرفة وأصيبت بالاحمرار.
شعر أبو محمود بالاختناق وبدأ يكح، فتحوا الشبابيك، وأحضروا له الماء، وفتحوا أزرار الثوب الذي يلبسه فقد أعتقدوا أنه يلتقط أنفاسه الأخيرة حتى أن أحد الموجودين طلب من أبو محمود أن ينطق الشهادتين.
ماهي الا دقائق حتى عاد أبو محمود الى طبيعته وعاد لاشعال سيكارة أخرى وهذه المرة كانت القطعة الزائدة التي بصقها من نصيب صباح أبو خالد، وحين دخل ابن المعزب بأبريق الشاي وضعه في حضن أبيه بدلا من وضعه على الأرض وكاد أن يتسبب بكارثة بسبب أنعدام الرؤية في الغرفة الذي سببها دخان سيكارة أبو محمود.
واصل أبو محمود تجليه على سيكارته والضحايا في أزدياد، حتى أن أحد الجيران كاد أن يبلغ الدفاع المدني عن وجود حريق بسبب كثافة دخان سيكارة أبو محمود.
لم يستطع أحد أن يطلب منه أن يطفئ سيكارته احتراما لعمره، الكل ينتظر أن ينعس أبو محمود ويغادر.
شعروا جميعا بالنعاس الا أبو محمود وبدأ من كان حاضرا بالانسحاب فردا فردا، منهم من وصل سالما الى منزله، ومنهم بسبب مفعول سيكارة أبو محمود بدل أن يطرق باب منزله طرق باب منزل الجيران.
لم يبق الا أبو محمود والمعزب، فاستأذنه بالمغادرة بعد أن يدخن آخر سيكارة فكانت كافية لأن ينام المعزب ليلته في غرفة العناية الحثيثة.
المذكرات النيابية تشبه سيكارة هيشي أبو محمود، فما أن يوقعها النواب حتى يصاب المواطنون بالدوار، وتدمع عينهم على ما يفعله النواب، وتسبب غماما في الأجواء.
لسنا بحاجة الى مذكرات لم تنجح أي منها، فعليا حماية المواطن تتم برفع الأيدي عند التصويت أما المذكرات فلا تغني ولا تسمن من جوع وهي مثل الدخان في الهواء.
هي فقط تزعج الناس، وتربك حياتهم، ويشعرون بالضجر والاختناق منها، فمن يوقع رافضا عند التوصيت يرفع يده موافقا. لذلك آثار المذكرة النيابية لا تختلف شيئا عن آثار سيكارة الهيشي!
-
أخبار متعلقة
-
أفضل سيارات مازدا في استهلاك البنزين لعام 2018
-
الفاخوري يعلن تبرع بنك الأردن بمليون دينار أردني لصندوق "همة وطن"
-
توفيق فاخوري يدعم صندوق "همة وطن" بمبلغ نصف مليون دينار أردني
-
شاهد لحظة سقوط الطائرة الأوكرانية بعد اشتعالها في الهواء
-
مدرسة الموقر ترسم أجمل منظر – فيديو وصور
-
مدرسة الموقر ترسم أجمل منظر
-
بـرنامـج الـوكـيـل فـي إجـازة سـنـوية
-
حفرة امتصاصية في جرش .. خطرٌ يُهدد المواطنين و يُضر السياحة | فيديو