الأحد 2024-12-15 05:51 م
 

ضللوا أبناءنا وأرسلوهم إلى التهلُكة

12:21 م

«لا يستطيع أحد، مهما بلغت قوته، أن يهدد الدين.
الذين يقولون انهم يدافعون عن الدين، ضد من يهدده، هم في واقع الحال يدافعون عن مصالحهم الخاصة».اضافة اعلان

نصر حامد أبو زيد.
الإسلام، الذي يحميه ربُّ البيت، لا يحتاج إلى كهنة لحمايته، ولا إلى سدنة من متكسبي الفضائيات الأثرياء، ولا الى فرسان الخطابة والزعيق.
الدعوةُ الى القطيعة مع العصر ومع العالم، والبقاء في القدامة، والقعود في الظلمات، بحجة حماية الإسلام من الحداثة، هي عزلة وانغلاق وغلو وتعصب وانقطاع عن التقدم وتفزيع المؤمنين الغيورين على دينهم من التطور هو إضرار بالإسلام.
فزّاعةُ ربط الحداثة والعلمانية بالإلحاد، هي جهلٌ وافتقارٌ إلى الثقة بالإسلام، وتضليلٌ وتدجيلٌ ورِهابٌ وإِرهاب.
تقدَّم الإسلامُ عندما اتصل بحضارات الشعوب، وثقافاتها، فأخذ منها وأعطاها واغتنى منها واغناها، في كل حقول المعرفة، وهو ما نجد شواهده في العصر الوسيط.
فقد طور علماء المسلمين العلوم الموجودة مثل الطب والفيزياء والبصريات والهندسة والجغرافيا والفلك والعمارة، كما ابتكروا علوما جديدة مثل الكيمياء والصيدلة والجيولوجيا والجبر والميكانيكا.
لم يكن الإسلام في يوم من الأيام منبتا ولا منفصلا عن العالم، بل هو حلقة متينة في سلسلة الحضارة الإنسانية. علاوة على ان الإسلام أممي وعالمي، لانه مزيج من أمم الأرض وشعوبها بكل ما حملته تلك الشعوب من ثقافات واعراق وفلسفات وعلوم، صبتها كلها في حوض الإسلام الواسع المرن المتفاعل الفاعل الذي يأخذ ويعطي.
تنظر البشرية اليوم بالتبجيل والتقدير والعرفان، للعلماء والفلاسفة والصوفيين المسلمين الذين قدموا اسهامات فائقة الأهمية للإنسانية جمعاء أمثال: الرازي والطبري والبيروني وابن الهيثم وجابر بن حيان والادريسي والخوارزمي والكندي وابن النفيس وابن حزم والزهراوي وابن خلدون وابن رشد وابن عربي وجلال الدين الرومي ورابعة العدوية والتبريزي والشاعر الفلكي الموسيقي المهندس عباس بن فرناس.
الإسلام في الأردن هو في اكثر بقاع الأرض امانا واطمئنانا واستقرارا، وتمت حمايته وحفظه على مدى 1400 عام ، فالله خَيرٌ حافظاً.
كان الاستعمارُ البريطاني والفرنسي والإيطالي يغمر بلادنا ويدير كلَّ شؤون الحياة فيها. وكانت الخمارات والحانات والملاهي الليلية والمراقص والمواخير، تملأ بلادَ المسلمين: الأردن ومصر وسوريا والعراق وليبيا وفلسطين والمغرب وتونس والجزائر والسودان واليمن، ولم يهتز الإسلامُ قيد شعرة ولم يتحول المسلمون عن اسلامهم.
في القرنين الخامس عشر والسادس عشر، قامت حركةُ الإصلاح الديني في أوروبا، وكانت الرد الشجاع الحاسم على الكُهّان النصّابين الذين كانوا يبيعون «صكوك الغفران» للبسطاء والمغفلين والاغبياء، قامت تلك الحركة الثورية التقدمية، من اجل ان تواكب المجتمعاتُ الاوروبية التحولاتِ العلمية والاقتصادية والثقافية، وللرد على الخزعبلات والخرافات التي كانت تكبل اوروبا.
اليوم، يبيع الدعاةُ المهفهفون المحفحفون الأثرياءُ «المجاهدون» على فضائيات الدم، صكوكَ غفرانٍ وبطاقاتِ دخولٍ الى الجنة وعقودَ زواجٍ بـ 70 من الحور العين.
الذين يشكلون خطرا على مجتمعنا، هم اولئك الذين غرروا بأبنائنا وضللوهم وارسلوهم الى التهلكة في سوريا فذَبحوا وذُبحوا. وهم أولئك الذين يسمون تطويرَ المناهج كفراً ويعتبرون الدولةَ المدنية ردةً ويصنفون الفلسفة هرطقةً ويتخذون الديمقراطية سلّما ويعتبرون كل بني البشر غيرهم ضالين مرتدين مارقين كفارا يستحقون الموت والتعزير والاستتابة والجلد واستحضار المطوعين الغلاظ الفظين لممارسة فعل هدايتنا (...ولو كنت فظّا غليظ القلب لانفضّوا من حولك).
موجة التنظيمات المسلحة المتلطية بالإسلام، بدأت في العصر الحديث في أفغانستان سنة 1979 بإدارة وتنظيم وتوجية الـ C.I.A.
موجة التنظيمات المسلحة المتلطية بالإسلام الثانية، في العصر الحديث، بدأت في العراق، سنة 2006 (دولة العراق الإسلامية) نتيجة لقانون «اجتثاث البعث» الطائفي الذي فرضه بريمر- الجلبي- الحكيم- الحرس الثوري الإيراني سنة 2003، والذي دمّر المكوّن السنّي والجيش العراقي العظيم.
الإرهابيون التكفيريون الذين نشأوا بيننا وطلعوا من مجتمعنا، يعتبرون من ليس على قناعاتهم المظلمة مرتدين (كما جاء في بيان داعش حول احداث قلعة الكرك). لقد جاهدوا فينا، واطلقوا النار عشوائيا على المارة أبناء وطنهم في الكرك وفي اربد وفي عين الباشا وفي الركبان.
«شريبة الدم» الذين ذبحوا أهلنا في الكرك وغيرها بدم بارد، لا شك انهم ارتكبوا ويرتكبون جرائم وحشية في العراق وسوريا ضد أبناء شعبنا العربي هناك.
لم يتلق الإسلام دين «وما ارسلناك الا رحمة للعالمين»، ضرباتٍ وطعنات واساءات وتشويها، كما تلقى من المارقين الذين رفعوا شعارات إقامة دولة الخلافة الإسلامية.
 
gnews

أحدث الأخبار



 




الأكثر مشاهدة