الأحد 2024-12-15 11:27 ص
 

عدنان أبو عودة: "من المتَّهَم"؟!

11:59 م

احتفلنا أول من أمس، في منتدى شومان، بأحد أعمدة السياسة الأردنية خلال العقود الماضية، ومفكر سياسي أردني من طراز نادر، هو د. عدنان أبوعودة، بمناسبة عبوره الثمانين من العمر، زاده الله علماً وحكمة وخبرة وعطاء.اضافة اعلان

الندوة المغلقة جاءت بعنوان 'ثلاث حيوات في حياة'. وتحدث فيها أبو السعيد عن محطات في حياته الحافلة بالعمل العام؛ من معلم في مدرسة السلط الثانوية، إلى ضابط في جهاز المخابرات العامة مسؤول عن التحليل السياسي، ثم وزير للإعلام في أحداث السبعين، مروراً بمواقع أخرى في مجلس الأعيان، ورئاسة الديوان الملكي، والعمل الدبلوماسي.
بانتظار أن يتمّ د. أبو عودة كتابة مذكراته، والتي ستغطي فترة مهمة من تاريخ المملكة، عبر رؤية تحليلية نقدية متوقعة من مثقف ومفكر يمتلك أدوات التنظير والتحليل السياسي بدقة وعمق، فإنّ إحدى الملاحظات المهمة التي ذُكرت من قبل د. مروان المعشّر في الندوة، هي كيف أنّ أبو عودة يمثّل 'أنموذجاً استثنائياً' في الخبرة السياسية الأردنية. فهو سياسي مفكّر في الوقت نفسه، تكشف تجربته اللاحقة والتذمّر الذي بدأ من أطراف رسمية من رؤيته السياسية النقدية، إلى الهجوم الإعلامي عليه، وتحويله للقضاء في أوقات معينة، عن عدم قدرة العقلية الرسمية تحمل هذا النمط من السياسيين والمثقفين؛ فتبدأ عملية محاصرتهم وإخراجهم من المشهد السياسي!
ربما تعليق د. المعشّر يفتح بالفعل النقاش واسعاً من نموذج عدنان أبو عودة إلى الخبرة السياسية الأردنية والتحولات الجارية ومستقبل الدولة. وربما الوجه الآخر من الدلالة، وهو المهم؛ كيف أنّ الدولة كانت تتحمّل خلال العقود السابقة شخصية نقدية مفكّرة مثل د. أبو عودة، الذي كان شريكاً في قرارات ومحطات مصيرية وجودية ومفصلية في التاريخ السياسي.
هل تغيّر أبو عودة، فانقلب على نفسه بعد أن كان أحد فرسان 'إنقاذ الدولة'، مع وصفي التل والأمير زيد بن شاكر وحابس المجالي، في أحداث السبعينيات، إلى صناعة قرار فك الارتباط، وصولاً إلى الانفتاح الديمقراطي وفكرة الميثاق الوطني في بداية التسعينيات؛ أم أنّ الدولة هي التي تغيّرت فأصبحت غير قادرة على استقطاب المثقفين والمبدعين والمفكّرين وأصحاب الرؤى النقدية؛ فأصابتنا حالة من النزق والتشنج والاختزال لكل رأي نقدي مختلف عن السياسات الرسمية، وأصبحت عقلية التصنيف هي السائدة بدلاً من عقلية الاحتواء والتوظيف؟!
أبو عودة لم يتغيّر، فهو صاحب الرأي الجريء والرؤية النقدية الفلسفية دائماً، وهو منحاز للدولة والاستقرار والتقدم سابقاً ولاحقاً. وربما ذلك الحس النقدي هو نفسه الذي ساهم في إنجاز المهمة في محطات حساسة، وهو الحسّ ذاته الذي يدفعه اليوم إلى التحذير من خطورة الركون إلى الدعة والراحة والجلوس مطمئنين بالقول 'نحن في أمن وسلام بعيداً عن الإقليم المضطرب'، لأنه يرى ضرورة الاهتمام بالشأن الداخلي، والاكتراث بإصلاح العطب والاختلالات التي تزداد، وإذا ما تضاعفت فستصبح مثل مرض السرطان بلا علاج حقيقي ناجع.
أخطر ما يتهدد الدولة اليوم، تلك الرؤية التي تدّعي الوطنية والحرص على الدولة والهوية الوطنية، إلاّ أنّها في الوقت نفسه هي التي أضرت، خلال الأعوام الماضية، ببنية الدولة ومفهومها ومؤسساتها في الصميم. وبدلاً من أن نتقدم إلى الأمام، عدنا إلى الوراء قفزات كبيرة، وبدأ الحديث عن هيبة الدولة وسيادة القانون، حتى أصبح إجراء امتحان الثانوية العامة 'التوجيهي' بسلام وبلا اختراقات، مهمة صعبة وقاسية، وإنجازاً وطنياً شكرنا جميعاً وزير التربية عليه، فيما كان الأمر في الماضي من البدهيات!
 
gnews

أحدث الأخبار



 




الأكثر مشاهدة