الأحد 2024-12-15 02:33 م
 

عــروبــة الجـيـش وتعـريـبــه

11:33 ص

مراجعة مكتبة الموسيقى الاردنية تكشف ان الجيش هو الاكثر حضورا في الاغنية، فهو ترويدة النساء واهزوجة الرجال، اغانيه السائدة في الافراح الشعبية الخاصة وهي السائدة في الافراح الوطنية الكبرى، اول المؤتمرات اثناء تجمّع الحضور وهو الختام، هو رفيق سائق الحافلة عبر الطريق من خلال الاغاني وهو الجاذب لحلقات الدبكة حين تصدح الحناجر بأول كلمة تغازل البوريه والزي العسكري .اضافة اعلان

الجيش هو قصة البداية في الوجدان الوطني الاردني، وهو اول حكايا البطولة التي ترويها الجدّات، في وطن عاش كل عمره في عين العاصفة ولم يتأثر برياحها واعاصيرها، هو الحاضر الذي لا يغيب عن العقول والالسنة وهو المتواجد على الاطراف وخارج المدن والعاصمة، تكفي رؤية رجاله ليكون الاطمئنان ويكفي هدير الكونتنتال او رؤية سارية اللاند روفر كي يصبح الامان حاضرا .
ثلاثون عاما اختصرها الراحل الحسين في لحظة وطنية وقومية بإمتياز، حين اعلن تعريب الجيش العربي قبل ستة عقود، وكان مخطط كلوب ان يتولى اول ضابط اردني قيادة سلاح من اركان الجيش في العام 1985، فسابق الحسين رحمه الله الزمن وسبقه، وبات الجيش العربي عروبيا بالكامل، رجالا وفكرا وقيادة .
سرُ تجليه في غيابه عن السياسة، وبهاء حضوره في النأي عن العاب التدخلات وتربية القطط السمان، تعرف رجالاته حتى لو “ شلحوا “ زِيّهم الرسمي، فخطوط البوريه مرسومة على الرأس ومحفورة في الوجدان، يبقون كما هم، بنشاط دؤوب وهندام كامل، ويقظة في بواكير الصباح ونوم بعين واحدة، فثمة عين تحرس حتى وهم خارج الخدمة، فهم عفيفو اللسان رابطو الجأش .
متوكلون دون تواكل موقنون بوطنهم وقيادتهم يقين الصابرين، فما زالوا على عهدهم مع كلمة المعاش بدل الراتب، وما زالوا على عهدهم بأن اللباس لباس الجيش فقط وقالوا عند الخروج من الخدمة وشرفها “ شلح “ يقسمون بالنعمة، ويقبلون كسرة الخبز ويرفعونها عن الارض للحفاظ على النعمة وديمومتها .
يحتاج الاردن الى علم الاجتماع كي يقرأ الجيش في وجدان اهله، فما مِن شعب يحب الجيش مثل الاردنيين، وما مِن جيش صدق وعده وعهده كما الجيش العربي قبل التعريب وبعده، وما زالوا على وعدهم وعهدهم مع الطُهر والطيبة، في الثلج تجدهم وهم في الغَوث موجودون، وفي الاصقاع ينثرون العلاج والدواء زهورا على شواطئ غزة ودجلة وطرابلس دون منّة او كلل .
في اقليم مشتعل ومتحرك مثل كثبان الرمل، كانوا كلمة السر في الصمود والثبات، وفي وقت الراحة لا يستريحون، يحملون الوطن سلاحا يواظبون على جاهزيته وجهوزيته، ترى حضورهم ولا تراهم، فهم يعّفون عند المغنمِ .
الجيش قامة وطنية نأت بنفسها عن تفاصيل السياسة والاعيبها، ونأت بنفسها اكثر عن الدناسة والنخاسة، فقدّمها الاردنيون على ما غيرها، وانزلوها منزلها الذي يليق .
في الذكرى الستين للتعريب ما زال الجيش اهزوجة وما زال الشعار شرفا، وما زال الحلم بلبِس الشعار متصلا وموصولا، وما انفك الاردنيون يهزجون لابنهم العسكري ويرددون مرحى لمدرعاتنا، وما زال كوبان خسيسا في عين الصبايا اللواتي احببن الوليف اللابس عسكري .
الجيش ما زال على عهده مع القدس وما زالت اهازيج رجالاته في التدريب الصباحي نفسها، ودماء رجالاته منثورة كما الدفلى في بلاد العرب، وما زالت جنين على وعدها وما زالت القدس وباب الواد ومرتفعات السلط وذرى الكرامة شاهدة على وفاء وعده ومضاء عزمه .


 
gnews

أحدث الأخبار



 




الأكثر مشاهدة