مثل سائر المدن والعواصم العصرية، تواجه عمان تحديات كبيرة؛ بعضها ناجم عن النمو السريع لمدينة تختصر الأردن بحاله، وبعضها الآخر يعود إلى أخطاء، لا بل خطايا في التنظيم والسياسات التي حكمت خطط التطوير والتوسع والإدارة.
بمقدور أي عمّاني أن يسرد قائمة طويلة من المشكلات التي تعاني منها المدينة؛ مجالات الخدمات والبناء والبيئة، والتوسع العمراني المنفلت، والنظافة، وغيرها الكثير. وهي في العموم تحديات وهموم سكان المدن حول العالم.
لكن أخطر المشكلات التي تواجه عمان، في اعتقادي، هي المتعلقة بقطاع النقل.
استعادت أمانة عمان الكبرى زمام المبادرة، وبدأت منذ مدة تحريك المشاريع المعطلة في مجال النقل، وأبرزها مشروع الباص السريع الذي تعرض لمؤامرة أعاقت تنفيذه كما كان مخططا له. كما يدور الحديث عن مشروع للنقل السريع يربط عمان بالزرقاء، يخفف من معاناة عشرات الآلاف من المواطنين الذين يتنقلون يوميا بين المدينتين.
لكن المشروعين المذكورين لن يدخلا حيز الخدمة قبل سنوات. وفي الأثناء، ثمة وحش اسمه أسطول السيارات، يستبيح عمان من كل الاتجاهات؛ يبتلع بنهم شوارعها وساحاتها.
عندما تنظر إلى عمان، في أي وقت وأي اتجاه، فإن المعلم الوحيد الذي يحتل الصورة هو جموع السيارات المتحركة في الشوارع، أو المركونة في كل زاوية و'قرنة'. هل تشاهدون شيئا آخر في عمان غير السيارات؟ هناك معالم جميلة كثيرة يمكن التمتع بها، لكن مشاهد السيارات المتراكمة تحجب الرؤية تماما، ولا تترك مجالا لرؤية جمال المباني والفلل، والدواوير، والمساحات الخضراء على تواضعها.
في الأحياء والحارات، وداخل الأزقة الضيقة، لم يترك 'الوحش' مترا واحدا للمشاة. إذا فكرت في ممارسة رياضة المشي في الحي الذي تسكن فيه، سيصادفك 'الوحش' بعد بضع خطوات، ويردك خائبا إلى بيتك.
بحكم الأمر الواقع، أصبحت الأولوية في عمان للمركبات وليس للمشاة. ما من قطاع ينمو بالسرعة التي تزيد فيها أعداد المركبات في العاصمة. كانت المأساة تكبر يوما بعد يوم أمام ناظرينا، من دون أن ننجح في كبح جماحها أو الحد منها، حتى تحولت إلى وحش نهابه جميعا، ونستسلم لحكمه الطاغي.
وبعد أن تمدد هذا 'الوحش' وفرض سطوته على عمان، صار يتحكم بإيقاع حياتنا. هو من يقرر ساعة انتقالنا للعمل والعودة منه، كما يحدد الأماكن المسموح بزيارتها، وفي أي ساعة، نهارا وليلا.
شرطة المرور تتحرك حسب رغبته؛ تغلق هذا المسرب أو ذاك حسبما يشاء، وتمنع الالتفاف حين يحكم قبضته على الشارع. وعندما يضغط على تقاطع من تقاطعات العاصمة، يعطل إشارات المرور، ويفرض قانونه على السائقين.
عمان تحت رحمة 'الوحش'، حالها من حال مدينة في فيلم خيالي تغزوها مخلوقات عجيبة من الفضاء.
نسأل أنفسنا ونحن في زحمة الشوارع كل يوم: ماذا سيحل بعمان بعد سنوات؟ هل من متسع فيها لمزيد من المركبات التي تفيض بها الشوارع والساحات؟ الحصول على وظيفة في الأردن بات أسهل على المرء من الحصول على موقف في الشميساني ساعات الذروة.
عمان في قبضة 'الوحش'، وما من حلول يقدمها المسؤولون لتحرير العاصمة منه.
-
أخبار متعلقة
-
أفضل سيارات مازدا في استهلاك البنزين لعام 2018
-
الفاخوري يعلن تبرع بنك الأردن بمليون دينار أردني لصندوق "همة وطن"
-
توفيق فاخوري يدعم صندوق "همة وطن" بمبلغ نصف مليون دينار أردني
-
شاهد لحظة سقوط الطائرة الأوكرانية بعد اشتعالها في الهواء
-
مدرسة الموقر ترسم أجمل منظر – فيديو وصور
-
مدرسة الموقر ترسم أجمل منظر
-
بـرنامـج الـوكـيـل فـي إجـازة سـنـوية
-
حفرة امتصاصية في جرش .. خطرٌ يُهدد المواطنين و يُضر السياحة | فيديو