حتى الآن، لم يُدْلِ البرادعي بأيِّ تعليق على ما نَسَبَتْه إليه صحيفة 'فايننشال تايمز' من أقوال في شأنْ 'الصِّلَة الجديدة' بين 'شباب الثورة' وحزب مبارك المُنْحَل؛ فإنَّه لم يؤكِّد، ولم يَنْفِ؛ لا بَلْ لم يُوضِّح، مُفضِّلاً (على ما يبدو، وحتى هذه اللحظة) الاعتصام بِحَبْل الصَّمت، الذي ليس بـ 'ذهبيٍّ'. البرادعي قال (وبئس ما قال) إنَّ 'شباب ثورة 25 يناير'، ويا للمفارقة، على ما قال، يتلقون الدَّعم (المالي، وغير المالي) الآن من حزب مبارك (المُنْحَل) في مواجهة خطر هيمنة الإسلام السياسي على الدولة.
إنَّني أربأ بهذا الشباب الثوري، الذي فجَّر ثورة 25 يناير العظمى، عن الإتيان بهذه الفاحشة المُحرَّمة ثورياً، وإنْ كنتُ لا أُبرِّئ ساحة بعضهم، أو أُنزِّهه عن هذا الفعل، أو السلوك، المشين. حتى المفاضَلَة بين 'شيطانين'، وإذا ما أصرُّوا على رؤية 'الإسلام السياسي' على هيئة 'شيطان'، لا تنتهي، ويجب ألاَّ تنتهي، إلى مَدِّ جسور التعاون مع عهد مبارك وحزبه؛ فهذا مُحرَّم ثورياً تحريماً يَعْدِل، في قوَّة،، إنْ لم يَفُقْ، المُحَرَّم دينياً؛ والثورة، ثورة 25 يناير العظمى، قد تَغْفِر لهؤلاء الإساءة التي ارتكبوها في حَقِّها؛ لكنَّها لن تَغْفِر لهم أبداً الإساءة التي ارتكبوها في حقِّ أنفسهم.
البرادعي، الغني عن التعريف، والذي لم يُرْسَل إلى مصر إلاَّ لتشويه ومَسْخ ثورة شعبها، وتسيير رياحها بما تشتهي سفينة مُرْسليه، ولِرَفْع منسوب 'الليبرالية المغشوشة' في 'العهد الجديد' بما يجعل 'الربيع العربي' متصالحاً مع إسرائيل، ومع مصالح وأهداف القوى الإمبريالية في مصر وسائر العالم العربي، إنَّما أراد في تلك الأقوال التي قاءها (لا قالها) أنْ يقول لمُرْسليه وأسياده في الغرب (والذين استغاث بهم واستنصرهم بعد نشوب 'أزمة الإعلان الدستوري المؤقَّت' الذي أصدره الرئيس مرسي) إنَّكم مَدْعُوُّون الآن إلى الوقوف مع الثائرين على حُكْم مرسي الإسلامي، المتمادي في إسلاميته، والذي تستشعرون مخاطره، وتتطيَّرون منه؛ وتشجيعاً لكم على ذلك فإنِّي أَزُفُّ إليكم بشرى 'التعاون الذي بدأ بين شباب الثورة وعهد مبارك وحزبه'؛ فها هُمْ 'شباب الثورة' يتلقون، ويقبلون تلقِّي، الدَّعم من حزب مبارك المُنْحَل، وما عليكم، بعد هذا التحالُف الجديد بين 'الثورة' و'الثورة المضادة'، إلاَّ أنْ تُوْعِزوا إلى الجيش (أيْ المؤسسة العسكرية) و'المحكمة الدستورية العليا' بالانضمام إلى 'الشعب الثائر على الإسلاميين والأسلمة'.
لقد قَبِلَ البرادعي ما أمْلَتْه عليه مصالحه الشخصية، وشرع يؤدِّي ما أُريد لـ 'حصان طروادة' تأديته من مهمَّات في عُقْر دار 'العدو'، فنصَّب نفسه، أو نصَّبوه، زعيماً ليبرالياً لثورة الشعب المصري، وكأنَّ 'شباب يناير' قوم من الأغبياء؛ وكان له 'المُحْبَط الكبير' عمرو موسى عَوْناً في تأدية مهمَّة 'حصان طروادة'، ناسياً البرادعي، أو متناسياً، أنَّ 'القط'، ومهما حُقِن بمصول القوَّة، لن يغدو 'نِمْراً'. إنَّني أعرف أنَّ بعضهم من 'اليساريين' و'الشيوعيين' و'الاشتراكيين'، ومن 'الليبراليين' و'الناصريين' و'القوميين'؛ وأنا لا ألومهم على ما أبدوه من عداء لأحزاب وقوى 'الإسلام السياسي'؛ وكيف لي أنْ ألومهم على ذلك وأنا بيني وبين 'الإسلام السياسي' خصومة فكرية عرضها السماوات والأرض؟! لكنِّي ألومهم على ما أبدوه من 'صبيانية سياسية وفكرية' في خوض الصِّراع؛ فَهُمْ صارعوا 'الإسلام السياسي' بما يقوِّيه، لا بما ينال من قوَّته ويضعفه، وكأنَّ غايتهم أنْ يقيموا الدليل للشعب على أنَّهم ليسوا بأهلٍ لمصارعته، والتغلُّب عليه!
إنَّهم لم يُجيدوا خوض الصراع الذي لا بدَّ لهم من خوضه، توصُّلاً إلى بَذْر بذور القِيَم والمبادئ العالمية للدولة الديمقراطية المدنية العلمانية في تُرْبةٍ شعبية مصرية صالحة؛ فكانت العاقبة أنْ مَكَّنوا بأنفسهم لـ 'الإسلام السياسي' في 'أرض الثورة'.
وألومهم على ارتضائهم أنْ يكونوا أقنعةً (يسارية وليبرالية وعلمانية وقومية) لقوى الثورة المضادة، فأساءوا أَيما إساءة إلى اليسار والليبرالية والعلمانية والقومية؛ وأحسب أنَّ لقوى وأحزاب 'الإسلام السياسي' مصلحة في طَلَب مزيدٍ من خصومة هؤلاء الخصوم ! .
كان ينبغي لهم أنْ يؤكِّدوا للشعب، قولاً وفِعْلاً، أنَّهم ألدُّ أعداء العهد البائد، وأنَّهم يَقِفون على هذه الأرضية الصَّلبة في صراعهم مع 'الإسلام السياسي'، وأنَّهم يصارعونه بما يَنْقُل مزيداً من رصيده الشعبي إليهم؛ لكنَّهم لم يسألوا أنفسهم (فَلَمْ يجيبوا من ثمَّ) أهم سؤالين: 'ماذا نريد الآن (وغداً)؟'، و'كيف نَبْلُغ هذا الذي نريد؟' .
-
أخبار متعلقة
-
أفضل سيارات مازدا في استهلاك البنزين لعام 2018
-
الفاخوري يعلن تبرع بنك الأردن بمليون دينار أردني لصندوق "همة وطن"
-
توفيق فاخوري يدعم صندوق "همة وطن" بمبلغ نصف مليون دينار أردني
-
شاهد لحظة سقوط الطائرة الأوكرانية بعد اشتعالها في الهواء
-
مدرسة الموقر ترسم أجمل منظر – فيديو وصور
-
مدرسة الموقر ترسم أجمل منظر
-
بـرنامـج الـوكـيـل فـي إجـازة سـنـوية
-
حفرة امتصاصية في جرش .. خطرٌ يُهدد المواطنين و يُضر السياحة | فيديو