الأحد 2024-12-15 12:16 م
 

قانون الضريبة: قبل ضياع الفرصة

10:48 ص

يمضي مجلس النواب، حالياً، في إقرار مواد (مشروع) قانون ضريبة الدخل الجديد، وسط موجة تهديد من أعضاء بالاستقالة، وأخرى بطرح الثقة بالحكومة، إنما على خلفية صفقة شراء الغاز من إسرائيل.اضافة اعلان

الحكومة مستعجلة في إقرار التشريع الاستراتيجي. ويبدو أن تنفيذ هذه المهمة يتفوق لديها على ضرورة أن يكون قانونا حضاريا، بحيث يسهم في تحقيق النمو والتنمية المنشودين، واللذين يمثلان روح قوانين الضريبة. إذ يظهر جلياً أن فكرة الجباية وحدها هي العنصر المسيطر على وضع بنود مشروع القانون، من دون النظر إلى العديد من القضايا الحساسة فيه.
أبرز ما يغيب عن القانون الجديد، هو المواد المتعلقة بمحاربة التهرب الضريبي، والذي يمضي العام تلو الآخر من دون أن نحدث فرقا بشأنه، برغم أنه يساعد الحكومة على ضمان تحصيل أموال تقدّر بمئات ملايين الدنانير من المتهربين من تسديد حقوق الخزينة. وليكون التركيز، بدلاً من ذلك، على جمع مبالغ أكبر من الملتزمين أصلا بالقانون؛ قطاعات وأفراداً!
هذا ما تقوم به الحكومة من دون تجميل؛ فنجدها من جديد تعاقب الملتزم لأجل تحصيل 150 مليون دينار إضافية من إيرادات ضريبة الدخل، فيما تتهاون مع المقصّر والمتهرّب من تسديد الضرائب، لاسيما أصحاب المهن في قطاعات طبية ومهندسين ومحامين وغيرها.
المسألة الأخرى تتعلق بإحداث التنمية التي ينتظرها المجتمع، من خلال تحفيز قطاعات بعينها. لكن يبرز هنا، مثلا، ونقيضا للغاية المأمولة، فرض ضريبة على القطاع الزراعي تبقيه ضعيفا غير قادر على التطور، بدلا من ازدهاره إلى مستوى قطاع تصديري؛ يخلق فرص العمل ذات القيمة المضافة، ويجلب في الآن ذاته العملة الصعبة للبلد.
كذلك، فإن شركات تكنولوجيا المعلومات، وقطاعها الحيوي الذي أضعفته السياسات الحكومية، ستجد نفسها مع استهدافها بمزيد من الضرائب، مضطرة للمغادرة إلى دول أخرى، توفر لها العديد من الامتيازات. ولتتفاقم الخسائر متجاوزة المالية منها، نحو توجيه الحكومة صفعة جديدة للشباب الذي حلم يوما بفرصة في هذا المجال الذي قدمته الحكومات، في ما سبق، سبيلا لهم للإنجاز والتغيير وبناء اقتصاد المعرفة.
بقانونها الجديد، تضرب الحكومة عرض الحائط بفكرة تحفيز الشركات الصغيرة والمتوسطة، والتي هي المشغل الرئيس للعمالة، والمولدة لفرص العمل. إذ يخنق القانون هذا القطاع بالضرائب، ويعامله معاملة الأفراد. وهو الأمر البعيد تماما عن الإنصاف والعدالة، والمدمر للنمو وفرص تخفيض معدلات البطالة.
ما لا تدركه الحكومة والنواب خلال مناقشة بنود (مشروع) قانون الضريبة، هو إهمال الهدف والغاية اللذين لأجلهما يشرع القانون الجديد. فإقرار هذا الأخير بصيغته الحالية، سيفوّت الفرصة على وضع قانون ضريبة عصري حداثي، يخدم الرؤية الاقتصادية للبلد، ويساعد في التخفيف من أعبائه الاقتصادية والاجتماعية على حد سواء.
ولا يستغربن أحد إنْ جاءت حكومة جديدة لاحقاً، وأكدت أن القانون بحاجة إلى تغيير؛ فهي بذلك لن تكشف سراً، وإنما تؤكد أمرا يمكن الاستدلال عليه بسهولة من قراءة سريعة للقانون الموجود اليوم بين أيدي النواب.
على الحكومة تحمل مسؤولياتها، وأن تفكر ملياً في جدوى وضع مثل هكذا قانون يعيدنا خطوات إلى الخلف، ويعيق الاستثمار، كونه منفرا لأصحاب الأموال والأعمال.
ما تزال الفرصة متاحة لإعادة النظر في بنود القانون وفق رؤية بعيدة عن الجباية، تؤمن أنّ الهدف من قوانين الضريبة هو توسيع دائرة المستفيدين والخاضعين، علّنا نجعل الأردن أنموذجا في التطور التشريعي، لا مضرب مثل في ضعف القدرة على تطوير البيئة القانونية الجاذبة.
اليوم لدينا قانونان اقتصاديان يعيداننا خطوات إلى الخلف، هما الضريبة وتشجيع الاستثمار؛ فهل سنمضي في الطريق وكأن الهدف هو تكديس القوانين المضرّة، ولا أقول غير المفيدة فحسب؟!
 
gnews

أحدث الأخبار



 




الأكثر مشاهدة