المؤكد هو أن حكومة د. عبدالله النسور سترحل من دون أن تُحدث اختراقاً، ولو محدوداً، على صعيد قطاع النقل؛ وذلك برغم الزمن القياسي الذي أمضاه د. النسور في 'الدوار الرابع' مقارنة بجميع رؤساء الحكومات في عهد جلالة الملك عبدالله الثاني.
للأسف، مر على وجود حكومة د. النسور، الأولى والثانية، ثلاث سنوات ونيّف، لكنها لم تكن كافية حتى لوضع قطاع النقل على أول الطريق، وفي مقدمة المشاريع العابرة للحكومات، لاسيما مشروع النقل بين عمان والزرقاء، والباص السريع في العاصمة، وشبكة الربط السككي بين المحافظات، وغيرها.
القطاع عموماً اقترب من حافة السقوط، إن لم يكن قد هوى فعلاً! ليس أدل على ذلك من تعاظم عدد السيارات في المملكة، والذي يجسد البديل المتاح إزاء فشل الحكومات المتعاقبة في خلق قطاع نقل لائق، ولا نقول ممتازاً.
اليوم، تزداد حساسية هذا القطاع الذي يمسّ مختلف شرائح المجتمع، وترتفع فرص تفاقم التبعات السلبية لذلك على مؤشر مثل البطالة؛ إذ إن غياب منظومة النقل العام اللائقة، ومن ثم ارتفاع الكلف على هذا الصعيد بالنسبة للأفراد، يدفع بكثير منهم إلى رفض فرص عمل توفر الحد الأدنى للأجور، والمقدر بحوالي 190 ديناراً. فاستحواذ كلف النقل، بحسب إحصاءات ودراسات، على نسبة تقارب 45 % من دخل الفرد، يقلل حتماً من جاذبية هكذا فرص عمل.
حالياً، يفوق عدد سكان العاصمة عمان الأربعة ملايين نسمة. كما تزايد عدد السيارات، بشكل سريع جداً، إلى مليون سيارة، بما يعبر عن تهالك قطاع النقل، نتيجة عدم إحراز تقدم ملموس في أي من مشاريعه، بشكل يسهم في تحسين هذه الخدمة المقدمة لعموم السكان الذين قفز عددهم فجأة بسبب اللجوء السوري، كما أيضا نتيجة النمو الطبيعي للسكان.
ما لا تدركه الحكومة، أو هي لا تريد الإقرار به، حقيقة أن لقطاع النقل خصوصية كبيرة، كونه يمس حياة الناس ويؤثر فيها، بما في ذلك حالتهم النفسية. والعبء النفسي، وما يتأتى عنه من مزاج سيئ، نتيجة سوء الخدمات، يمثلان قضية تستحق أن يُسأل عنها علماء النفس والاجتماع، بحكم اتساع مدى المشكلات التي يولدها هذا الإهمال في إدارة القطاع.
المؤشرات والمعطيات الحالية تُظهر أن ماكينة إصلاح 'النقل العام' لم تُشغَّل حتى الآن، وليس ثمة أمل في تحقق ذلك قريباً. وليس يغير من هذه النتيجة السير بالعديد من المشاريع، طالما أن ذلك يتم بوتيرة بطيئة جداً، وتكون الخلاصة الواضحة هي استمرار معاناة الناس بحكم التعامل مع قطاع نقل بدائي، يجسد قصة فشل حقيقية للحكومات المتعاقبة، وضمنها الحكومة الحالية، على مدى عقود طويلة.
قطاع النقل ليس خدمة عامة وحسب، بل هو قضية اجتماعية واقتصادية وسياسية. وتغيير أحوال هذا القطاع الحيوي ربما صار يحتاج لإرادة سياسية عليا، علّنا نشعر فرقاً؛ تماما كما حدث في قطاع الطاقة. بغير ذلك، فإن بقاء النقل العام على حاله يجعلنا نخشى من أزمة اجتماعية يصعب السيطرة عليها إن هي خرجت عن حدودها.
إضافة لذلك، فإن النقل العام يقدم دلالة حاسمة على المستوى الاقتصادي والاجتماعي لأي بلد. ونظرة بانورامية لحاله تخبر الزائر أن حكوماتنا عاجزة عن تنظيم القطاع بما يريح الناس ويسهل حياتهم، بدلا من تعقيدها؛ رغم أن تطويره لم يعد ترفا، بل حاجة ملحة، لاستيعاب ملايين البشر الذين يسكنون عمان.
بعد كل ذلك، فإنه لا يمكن أن نعقد الأمل هنا على حكومة د. عبدالله النسور المتوقع رحيلها خلال أشهر على أبعد تقدير، بل يتوجب علينا –وللأسف- انتظار حكومة جديدة، علها تعلن صفارة الانطلاق لإصلاح القطاع.
-
أخبار متعلقة
-
أفضل سيارات مازدا في استهلاك البنزين لعام 2018
-
الفاخوري يعلن تبرع بنك الأردن بمليون دينار أردني لصندوق "همة وطن"
-
توفيق فاخوري يدعم صندوق "همة وطن" بمبلغ نصف مليون دينار أردني
-
شاهد لحظة سقوط الطائرة الأوكرانية بعد اشتعالها في الهواء
-
مدرسة الموقر ترسم أجمل منظر – فيديو وصور
-
مدرسة الموقر ترسم أجمل منظر
-
بـرنامـج الـوكـيـل فـي إجـازة سـنـوية
-
حفرة امتصاصية في جرش .. خطرٌ يُهدد المواطنين و يُضر السياحة | فيديو