الوكيل - كثيرا ما يصطدم المرء بـ 'كلام الناس' وينزعج منه. وتختلف ردود الأشخاص أمام 'الأقاويل'، بين مكترث لحديث الآخرين عنه، وبين متجاهل له، على منوال أغنية سلطان الطرب، جورج وسوف يمكن القول 'كلام الناس لا بقدّم ولا بيأخر'، فيما يفضل آخرون إخفاء الكثير من الأمور، خشية أن يقعوا فريسة 'للقيل والقال'، وحديث الناس الذي لا ينتهي.
سامر عبدالله (29 عاما)، يقول بأن كلام الناس يؤثر فيه نوعا ما، ويستدرك قائلا: 'في نهاية المطاف أنا من يقرر خياراتي لنفسي، وأنا من يرسم حياتي، وليس الآخر'.
في حين ترى نوال (35 عاما)، التي عانت كثيرا من كلام الناس، إذ مرّت بتجربة زواج وطلاق مريرة، أن ذلك قد يؤثر كثيرا على الشخص، لاسيما في البداية، فضلا عن تدخلات الآخرين أحيانا في أمور غيرهم الشخصية.
غير أن نوال تؤكد أنها لم تعد تكترث بـ 'ما يقال عنها'، حاليا مؤكدة أنها ليس لديها استعداد لإخفاء أمر من أمورها، ولا ترغب في أن تفعل أي شيء حتى ترضي الآخرين.
تقول نوال 'اليوم لم يعد رأي الآخرين يهمني، أو يؤثر في حياتي، بأي شكل من الأشكال، لأنني على قناعة بأنني أتصرف بما لا يتعارض مع التقاليد والعادات، وبشكل لا يغضب الله، وذلك يجعلني راضية عن نفسي رضا لا تساورني فيه ذرة شك إطلاقا'.
وتتفق معها الطالبة الجامعية علا، إذ تقول 'هناك زميلات بالكلية لا يشغلهن سوى التحدث في سيرة الآخرين'، مبينة أنها لا 'تخشى ما يقلنه عنها، لأن إرضاء الناس كافة غاية لا تدرك'.
وتستغرب علا ان كلام الناس ما يزال متداولا في العصر الحالي بالوقت الذي يجب أن يهتم الفرد بشؤونه الخاصة ويبتعد عن مثل تلك الأمور، معتبرة أن الكلام يكون أحيانا جارحا الا ان 'الواثق من نفسه قد لا يتأثر بأي شكل من الأشكال بما يقال عنه'.
وأغرب ما في الأمر، في رأي علا، أن الحديث عن الآخرين ما يزال من الهوايات المفضلة عند كثيرين، في الوقت الذي يفترض أن لا يجد فيه الناس وقتا للحديث في غير ما يهمهم من شؤون الحياة التي تزداد تعقيدا يوما بعد يوم. 'فالكلام من وراء الظهر جارح وبلا طائل'.
في حين تستقبل هيا رفيق (25 عاما)، وهي موظفة في إحدى الشركات الخاصة، كلام الناس، بكل عقلانية، وتقول 'أحب أن أعرف ما يقوله الناس عني، وأحاول أن آخذ مما يقولون ما يناسبني'، متابعة 'إذا كان لدي عيب من العيوب، أو كان تصرفي غير مناسب، أسعى لتصحيح ما يجب تصحيحه في سلوكي وتصرفاتي، لأنه لا يمكن للإنسان أن يعيش في محيط يتجاهل فيه الآخرين، ولا يستمع لكلامهم'.
وتبرر هيا رؤيتها هذه بالقول إنها كثيرا ما تتحدث عن تصرف زميلة من زميلاتها، أو تناقش وضْع شخص من الأشخاص، للاستفادة، وأحيانا لطرح رأي قد يعمل على تصحيح خطأ ما، في حياة شخص بعينه. وفي نظرها أن هذه الظاهرة حسنة، شريطة أن تتسم بالإيجابية والعقلانية، وأن تؤثر على الأفراد نحو الأفضل.
في حين يرفض الثلاثيني، عيسى، أن يكترث لآراء الناس، مفضلا أن يتصرف كما يريد، وان يُعدّل من تصرفاته كما يشاء، حيث يقول إن كلام الآخرين، 'يحمل نوعا من الغيرة، أو الحسد، ويمارسه الشخص الغافل عن الكثير من الأمور الحياتية'.
ويعتبر عيسى أن ما يتخذه من قرارات مبني على قناعات شخصية ثابتة، ولا يستطيع أي فرد آخر، حتى وإن لم يذكره إلا بالخير، أن يغيّر من قراراته مهما فعل، أو أن يؤثر عليه سلبا، ولا يهمه أن يتأثر الكثير من الناس بآراء الآخرين، فيغير قراراته وفقا لهذه الآراء، لأنهم يخشون ما قد يقال عنهم لاحقا.
المرشدة الأسرية، مروة حسن، تعتبر أن ظاهرة 'كلام الناس'، المندرجة تحت (القيل والقال)، ليست سوى 'سلوك نابع من سوء التنشئة'، التي يفترض أن تكون قائمة على أسس يقدّر فيها الفرد حرية الآخرين وحقهم في الاحترام.
وفي هذا الشأن تؤكد حسن أن 'ظاهرة' كلام الناس، مع وفرة التكنولوجيا، 'تراجعت وقلت' بالنسبة لما كانت عليه سابقا، إلا أن هناك أفرادا يتأثرون بحديث الناس عنهم، خاصة إذا كان الحديث سلبيا، ووصل إليهم بطرق غير مباشرة.
وتنصح حسن أن يلتزم الأهل بمستوى من الوعي، في تربية أبنائهم على مفاهيم المسؤولية، وعدم التدخل في شؤون الآخرين، حتى لو كان الحديث عن الآخرين من وراء ظهورهم.
وفي هذا الصدد تشير أيضا إلى أن العائلة هي المدرسة التي تلقن مبادئ خصوصيات الآخرين، واحترام شؤونهم الخاصة، 'تفاديا لتفشي هذه الظاهرة السيئة في المجتمع'، مع تربية الابن على ثقته بنفسه، تحسبا لما قد يسمعه في حق شخصه من كلام الآخرين.
أستاذ علم النفس التربوي في جامعة مؤتة، الدكتور عماد الزغول، يؤكد أن الإنسان، بطبعه، يأخذ بكلام الناس، السلبي منه والايجابي، لكن هذا الإنسان، إذا كان يدرك قدراته وإمكاناته فإنه يستطيع التعامل مع حديث الناس بشكل إيجابي، فلا تتأثر قراراته بما يقوله الناس، ولا يسبب له هذا الكلام عائقا نفسيا، بأي حال من الأحوال، لأنه يعي قدراته الحقيقية، وحدوده الحقيقية.
ويضيف الزغول أن الإنسان الذي يتأثر بما يسمى في علم النفس بـ'مركز الضبط الخارجي' هو الذي يتأثر بحديث الآخرين، لأنه فرد يهتم برأي الآخرين فيه، ويعتمد على 'الخارج' في تصويب أموره، وفي اتخاذ قراراته. وفي هذه الحالة فلا شك أن الحديث عنه، سواء كان مدحا، أو ذما سوف يؤثر في حياته، وقد يؤدي به إلى الانعزال عن الآخرين، مع ما يترتب على ذلك من أعراض نفسية قد يصعب عليه علاجها بسهولة.
وينصح الزغول، الأفراد، بأن يعززوا في نفوسهم 'مركز الضبط الداخلي'، من خلال تعزيز الثقة بالنفس، والاعتماد على الذات والاستقلالية، لأن هذه الصفات هي التي تجعل الفرد أكثر قدرة على التعامل مع 'كلام الناس'، وتقييم هذا الكلام بحكمة وعقلانية، حتى لا يؤثر على حياته.
الغد
-
أخبار متعلقة
-
أفضل سيارات مازدا في استهلاك البنزين لعام 2018
-
الفاخوري يعلن تبرع بنك الأردن بمليون دينار أردني لصندوق "همة وطن"
-
توفيق فاخوري يدعم صندوق "همة وطن" بمبلغ نصف مليون دينار أردني
-
شاهد لحظة سقوط الطائرة الأوكرانية بعد اشتعالها في الهواء
-
مدرسة الموقر ترسم أجمل منظر – فيديو وصور
-
مدرسة الموقر ترسم أجمل منظر
-
بـرنامـج الـوكـيـل فـي إجـازة سـنـوية
-
حفرة امتصاصية في جرش .. خطرٌ يُهدد المواطنين و يُضر السياحة | فيديو