الخميس 2024-12-12 11:33 ص
 

كيانات برلمانية جديدة لتذويب الكتل القائمة

01:08 ص

الوكيل - دخل مجلس النواب في الاونة الأخيرة مرحلة إعادة تفكيك وتركيب الكتل البرلمانية على أسس بدت في معظمها إما وظيفية أو جندرية'النوع الاجتماعي' او برامجية أو انتخابية، في الوقت الذي ذهبت الكتل البرلمانية فيه إلى التزام الصمت بانتظار ما ستبديه الأيام من تطورات من المؤكد أنها ستؤدي بمعظم الكتل البرلمانية القائمة الى الفناء الداخلي.اضافة اعلان


وبدت الكتل البرلمانية وكأنها كواكب قديمة تدمر نفسها بنفسها، فخلال الأشهر القليلة الماضية أعلن نواب عن تشكيل ائتلافات وتكتلات ومنتديات برلمانية جديدة جاءت كلها على حساب الجسم الكتلوي نفسه، فائتلاف مبادرة الذي يضم حاليا 29 عضوا هو في الأساس جزء من كتل نيابية قائمة ويعتمد على البرامج التي يرى انها تصلح بديلا للبرامج الحكومية أو مساندة لها، والملتقى الوطني الذي بنى نفسه على مبدأ ان يكون أعضاؤه من العسكريين المتقاعدين'الدور الوظيفي' يضم في عضويته 20 نائبا، وملتقى النساء البرلمانيات بدا هو الآخر تكتلا جندريا يستند الى النوع الاجتماعي في سياق بحث عضواته من النساء البرلمانيات عن هوية'جندرية لهن' ليتماهى دورهن لاحقا مع برامج التمويل الخارجي التي تتخذ من سنة 2014 عنوانا مباشرا ومفتوحا لدعم المرأة، بينما ظهر التحالف النيابي بين كتلتي وطن والوسط الإسلامي'35 نائبا' وكانه تحالف مبكر من اجل تجذير التفاهمات الانتخابية المبكرة للدورة العادية الثانية المقبلة.

وبدت خارطة التكتلات النيابية في نهايات الدورة العادية الأولى وكأنها خارطة فسيفسائية تتنازعها الانشقاقات الصامتة تمهيدا لإعلان موت معظم الكتل القائمة والإعلان عن ميلاد بدائل لها خلال الأشهر القليلة المقبلة الفاصلة بين الدورة العادية الأولى الحالية والدورة العادية الثانية التي تبدأ دستوريا في الأول من شهر تشرين الأول المقبل.

وهذا ما اعلن عنه بوضوح رئيس ائتلاف'مبادرة' النائب سعد سرور في مؤتمره الصحافي أواسط الأسبوع الماضي، فقد قال بوضوح إن'مبادرة' ستتحول الى كتلة برلمانية في الفترة المقبلة، لكن من الواضح ووفقا لمصادر داخل المبادرة نفسها فإن طموحاتها تذهب لتشكيل أكثر من كتلة برلمانية.

وفي هذا السياق فإن الاعلان نهاية الأسبوع الماضي عن تشكيل'الملتقى الوطني' ذي البزة العسكرية من عضوية عشرين نائبا يعني بالضرورة أن حاصل ما سيصل اليه المشهد البرلماني هو إعادة خلط اوراق الكتل البرلمانية وإعادة إنتاج صور جديدة استعدادا للمرحلة المقبلة التي لا تظهر من تفاصيلها غير الانتخابات الداخلية لمجلس النواب.

وبالرغم من ان الكتل البرلمانية في هذا المجلس لم تقدم أي جديد يمكن ان يحسب لها باستثناء'مبادرة' التي اعتمدت مبدأ التعاون مع الحكومة في ورشة حوار مفتوحة بينهما وعلى أساس برامجي فإن باقي الكتل البرلمانية بدت وكأنها تقوم بدور تذكاري فقط تعيد فيه للأذهان مقاهي وسط البلد القديمة، بجمع الناس وتبادل الأحاديث والأخبار، والإشاعات، والاتفاق على مواعيد قد لا ينجز منها شيء، ثم العودة الى المنزل دون إنجاز شيء على الأرض.

إن المشهد البرلماني من خلال كتله البرلمانية وتشكيلاته الجديدة التي بدت تظهر في الأفق في أواخر عمر الدورة العادية الأولى الحالية سيقود أي مراقب للنظر من الزوايا المختلفة لهذا المشهد الفسيفسائي الذي سيفضي حتما الى تشكيل عناوين جديدة في دفتر قديم سيبقى يفتقر لخطوط جديدة قد تثريه وتضيف اليه جديدا.

ومن الواضح ان حركة اعادة تفكيك الكتل التي تتم الآن بكل هدوء، واعادة بناء كتل جديدة تحت عناوين فرعية عديدة تصب كلها في خانة واحدة فقط هي البحث عن عناوين متجددة لمحطات قديمة يراد منها تجديد الشكل والإبقاء على المضمون، فهذا النشاط الموسمي الذي بدأ يكشف عن اوراقه ينبني على خطابين متضادين اولهما خطاب برامجي طامح يراد منه مخاطبة الكيان البرلماني شكلا، وثانيهما خطاب مضمر يراد منه تسخين المساحة الضيقة أمام الطامحين بالوصول الى سدة رئاسة مجلس النواب، وتقاسم مغانم المكتب الدائم واللجان الدائمة، فضلا عن رغبة الجميع في تحسين شروط تفاوضه مع الكيانات البرلمانية الأخرى.

وبالرغم من عدم اكتمال مناقشة اللجنة القانونية لتعديل النظام الداخلي لمجلس النواب، وكيف يمكنها ان تعيد تحسين صناعة الكتل النيابية داخل المجلس فإن من المفترض ان تعمل اللجنة القانونية على إعادة النظر في المواد المتعلقة بتنظيم عمل الكتل البرلمانية بنصوص واضحة لا تقبل التأويل، ولا تقبل الازدواجية في الولاءات الكتلوية، وتمنح للكتل مساحات أوسع للعمل تحت قاعدة 'التحفيز الدائم'.

وشهد المجلس في الفترة الماضية طروحات تتعلق بعدم شرعية'مبادرة' النيابية لأنها مخالفة تماما لنصوص النظام الداخلي، وإذا كانت لديها الرغبة في الحصول على شرعية قانونية بموجب النظام فعليها التحول إلى كتلة برلمانية.

كان هذا الصوت يعلو تماما في ردهات المجلس، وهو ما دفع كتلا نيابية للطلب من اعضائها المسجلين لديها ولدى الأمانة العامة مغادرة'قائمة مبادرة' والعودة إلى أحضان'الأمهات' من الكتل الأخرى، إلا أن هذا الصوت لم ينظر إلى مدى شرعية ملتقى البرلمانيات، وليس من المرجح أن يعود هذا الصوت مرة اخرى بعد أن'اتسع الخرق على الراتق' وتنوعت التحالفات والائتلافات والملتقيات، وأصبح 'حديث الشرعية' مجرد صوت خافت في واد عميق.

ولعل أبرز ما تم تسجيله من ملاحظات على هذه الكيانات الجديدة خارج الكتل البرلمانية، أن العديد من اعضاء هذه الكيانات هم أعضاء في كتل برلمانية قائمة، وأعضاء أيضا في أكثر من كيان جديد، مما يجعل من الصعوبة بمكان تحديد الهويات المتنوعة للأعضاء، وكيفية فهم مناقلاتهم السريعة بين تلك الكيانات الجديدة والقديمة، وكيف يمكنهم توفيق أوضاعهم وفقا للصورة الجديدة المقبلة.

ووفقا لكل المعطيات الحالية فإن معظم الكتل البرلمانية القائمة حاليا ستنتهي من حيث بدأت وستحل محلها كيانات برلمانية جديدة ربما بشكل ومضمون أقوى مما هو قائم حاليا، لكن العنوان الذي سيكون أكثر بروزا وحضورا في الأشهر القليلة المقبلة هو حجم الاستقطابات التي بدأت بالتشكل في الظل من أجل تقوية الصراعات بين كل الطامحين للوصول الى سدة رئاسة مجلس النواب ومكتبه الدائم وحتى رئاسة اللجان العشرين الدائمة، لأن المساحة التي بدأت بالانفتاح على'كرسي الرئيس' قد بدأت بالفعل وبشكل مبكر لم يكن أحد يتوقعه.

العرب اليوم


 
gnews

أحدث الأخبار



 




الأكثر مشاهدة