السبت 2024-12-14 07:40 ص
 

لاعب الحلبة رئيسا

07:27 ص

ثمة سؤال كبير متداول اليوم بين النخب والعامة، ماذا سيفعل الرئيس الأميركي الجديد دونالد ترامب؟ وكيف ستيعامل مع حلبة الصراع الدولي، وهو لم يعرف سوى حلبة المصارعة الحرة التي يحبها؟.
كان ترامب عبر مسيرته الانتخابية شخصية جدلية مثيرة للتساؤلات، جريئا وغريب الأطوار، حتى وصل بالبعض إلى تشبيهه بالرئيس الليبي الراحل معمر القذافي، بعكس منافسته هيلاري كلنتون الديبلوماسية المخضرمة التي فاقت خبرتها العقود الثلاثة.

اضافة اعلان


ففي خطاباته الانتخابية ولقاءاته الإعلامية ومناظراته الانتخابية استعدى ترامب المسلمين والنساء والأفارقة والمحاربين القدامى، وحتى المعوقين لم يسلموا من سخريته! ومواقفه معروفة من القوى المحافظة في منطقتنا، ومهما تحدثنا عن مؤسسية الدولة الأميركية والنظام السياسي الأميركي، لكن بالنهاية لساكن البيت الأبيض بصمته وقراره الفصل وإن بحدود.


الخطاب الأول الذي قدمه ترامب بعد الفوز خلا من شطحاته التي اعتدنا عليها، وتلك المواقف التي كانت تثير الجدل، لكن ذلك لا يعني أننا لن نشهد مواقف وشطحات 'ترامبية' مشابهة خلال مدة رئاسته وبقائه في البيت الأبيض.


التكهن بما هو آت مسألة صعبة في ظل محدودية تاريخ الرجل السياسي، بعكس منافسته الديمقراطية هيلاري كلينتون، التي لو فازت لصرنا قادرين على قراءة وتحليل الخطوات المقبلة لها قياسا على مواقفها السابقة.


خسر الحزب الديمقراطي، وخسرت فكرة انتخاب أول سيدة لرئاسة البيت الأبيض، ولذلك أسباب ترتبط بالسيدة نفسها ومواقفها وبعض أخطائها، لكنها أيضا انعكاس للسيكولوجية الشعبية الأميركية، التي كشفت أن عقلية الكاوبوي وصفات هذه الشخصية المغامرة المجهولة سيطرت على قرار الناخب فأخرج لنا مرشح حلبة المصارعة ليكون رئيسا لدولة تحكم العالم.


يضاف إلى ذلك تنامي الشعور بالهوية الأميركية التي دعمها خطاب ترامب الشعبوي في حالات كثيرة، وأيضا انتقال حالة العدوى العالمية من تنامي الميل والرغبة بالانتماء لهويات فرعية، إذ لا أحد اليوم محصن من ذلك بما في ذلك أوروبا بدءا من بريطانيا التي قررت تطليق الاتحاد الأوروبي، أو تعامل القارة الأوروبية مع اللاجئين، والشعور بالعداء تجاههم أيضا، فيما أدّت الهجمات الإرهابية التي تعرضت لها تلك المنطقة إلى تضخم الشعور أكثر.


بالعودة إلى السؤال المطروح، كيف سيتعامل الرئيس الجديد مع كل الملفات الشائكة في منطقتنا؟ الظن أن تبقى السياسة الخارجية الأميركية محكومة بمصالحها المتغيرة، وذلك تقرره المؤسسات الأميركية نفسها في الولايات المتحدة، وهو ما سينعكس على علاقاتها مع دول العالم ولاسيما في منطقة الشرق الأوسط، وهو مشهد بدأت ملامحه قبل ترامب، لكن من الواضح أن أميركا ستأخذ من شخصية رئيسها عدم المجاملة والجرأة.


في الملف الفلسطيني وحل الصراع العربي الإسرائيلي، لا يساور أحد الشك بأن كل إدارة تأتي إلى البيت الأبيض (جمهورية أو ديمقراطية) تكون أكثر تعاطفا من سابقتها مع إسرائيل، ولذلك ستبقى معاناة الشعب الفلسطيني وعملية السلام برمتها تحت رحمة تل أبيب إلى أن تشاء.


أما قضايا مثل سورية والحرب على الإرهاب والعلاقة مع دول الإقليم مثل السعودية وإيران، فثمة اعتقاد أنه ستتم إعادة تقييم المواقف الأميركية والسياسات من جديد، لكنها لن تختلف إلا بقدر محدود، لأن السياسة الخارجية الأميركية تمثل أكثر الأشياء ثباتا بين الجمهوريين والديمقراطيين، فهناك أيضا ثمة مؤسسات عميقة تحكم، ومراكز تفكير تضع الخطة لتلك السياسات.


بالمحصلة، انتخاب ترامب شكل صدمة للعالم، وما من شك أنه حدث تاريخي، لا ندري إن كان سيغير وجه أميركا والعالم.


 
gnews

أحدث الأخبار



 




الأكثر مشاهدة