ماذا نفعل هنا بالضبط، نحن الذين اكتفينا ذاتيا من الجزع والرهبة من الآتي، كل مطلع شمس؟ نفتح أعيننا على صور ثقيلة لا تكاد تحملها أجهزتنا المحمولة، من فداحة الجرم وكآبة المنظر. نفتحها متثاقلين من الدهشة الغائبة عن الوعي وذكاء التخيل التراكمي، من هول ما مرت به ذاكرتنا المرئية، واجتازته بامتياز، نحن أنفسنا ندهش منه!
ماذا نفعل هنا، بعد كل ما مر علينا وأثناء ما يجري حتى لحظة كتابة هذه السطور، المترددة من شكل النهايات، التي تتبدل بين دقيقة وأخرى، حتى لا تكاد تترك مجالا للتنبؤ أو حتى للرهان. ثم على ماذا نعول حقيقة لنستمر في تلقي الصفعة بعد الأخرى، من دون أن تترك واحدة منها أثرا يدوم لأكثر من يومين، كافيين جدا لاستقبال الضربة الجديدة؟
هل على الصبر أم الاعتياد أم قلة الحيلة، فيما يخص رسم مستقبل بناتنا وأولادنا، ضمن معطيات تستكثر على نفسها أن تسمى بالمعطيات من حيث الأساس، لأنها ومن دون مواربة ليست إلا مجموعة أحداث سيئة تليها ردات أفعال سيئة، تصنع أحداثا أسوأ تنتج عنها بطبيعة الحال ردات أسوأ، وهكذا دواليك، وهذه بالتالي ليست معطيات ولا ظروفا ولا ترقى حتى لشكل المعايير، كي نؤقلم حياتنا على أساسها. فلا واقع يبنى على الفاتازيا، ولا مستقبل ترسمه المفاجآت!
في لحظة، في أقل من اللحظة بجزء أو جزأين، تنفجر العبوة الناسفة وتتفتت الأجساد، ذكريات وبقايا أصوات بين المقاعد. كما الضغط على زر الحزام الناسف، لا يحتاج أكثر من لحظة للتردد وأخرى لتتهشم الصلوات والعبرات أمام محراب الدعاء.
في حين أن قرارا بالفتك بعظام الأطفال حتى النخاع، ربما يحتاج لأكثر من اللحظة بلحظة خشية أن يستمر الغضب هذه المرة أطول من اليومين المسموح بهما للتنفيس. فيما استهلك وقت أطول قليلا على الجانب الثاني من العالم، واحتاج تبريرا مقنعا جدا لوجود أطفال بقوا لحينها على قيد الحياة، ينتظرون القصاص من الضربات العادلة.
ونحن؟ حتى الشارع الذي كنا قبل سنوات قليلة ماضية ننزل إليه ولو بالعشرات، نساند الضحايا بأضعف الإيمان، صار مقفرا ناشفا موحشا من غيابنا المتعمد وتقصيرنا المتمادي في انسجامه مع نفسه!
أتذكرون التفافنا في ميادين التواصل الاجتماعي، والذي كان تهمة نتبادل عارها فيما بيننا ككرة الطاولة، وثوراتنا “الفيسبوكية” و”هاشتاغاتنا” الغاضبة، تلك التي كنا نعاير بعضنا بها، كونها موضة باردة وسخيفة؟ لم تعد كما هي مذ بدأت. صارت أبرد وأقل صبرا وأبهت لونا وتأثيرا.
ماذا نفعل هنا إن كنا لن نهرب إلى ذاكرة نظيفة تقوم بها بكل عنجهية، شبابيك سفارات أجنبية، تعرف كيف ترصنا صفوفا لا تخرج على الخط المرسوم. أو شبابيك سفارات عربية، تخرجنا من الصف وتسلمنا ممحاة نمسح بها الخط بأيدينا!
أما من قرر بأنه لن يحتمل الوقوف أمام الشبابيك، حين لا تهون عليه ساقاه وأحلامه وأرضه، ومعتقداته وأناشيده وتفاصيله المتشابهة وحكايته الماثلة أمام عينيه، فليس له إلا الله عز وجل، والانتظار!
-
أخبار متعلقة
-
أفضل سيارات مازدا في استهلاك البنزين لعام 2018
-
الفاخوري يعلن تبرع بنك الأردن بمليون دينار أردني لصندوق "همة وطن"
-
توفيق فاخوري يدعم صندوق "همة وطن" بمبلغ نصف مليون دينار أردني
-
شاهد لحظة سقوط الطائرة الأوكرانية بعد اشتعالها في الهواء
-
مدرسة الموقر ترسم أجمل منظر – فيديو وصور
-
مدرسة الموقر ترسم أجمل منظر
-
بـرنامـج الـوكـيـل فـي إجـازة سـنـوية
-
حفرة امتصاصية في جرش .. خطرٌ يُهدد المواطنين و يُضر السياحة | فيديو