مجازرنا ومجازرهم

صحونا على هذا العمر و تاريخنا الحديث يزوّدنا بمجزرة هنا و مذبحةٍ هناك ..وفي أحسن الظروف تتوفر مجموعة قليلة من الصور يرافقها أرقام و قصص وروايات لكيفيّة حصول المجزرة أو المذبحة ؛تترك اللغة المكتوبة و الصورة المرفقة مجالاً واسعاً لنا لكي نتخيّل و نرسم المشهد كلٌ على طريقته ..!اضافة اعلان


فلو حاولنا أن نتخيل ( دير ياسين و كفر قاسم و قبية و غيرها و غيرها ) لكان المشهد الذي تتخيله واحداً مع فارق بسيط في تفصيل هنا و زيادة عددية هناك ..!

اليوم ..لا يمكن أن تتخيّل شيئاً ..لم تترك لك الفضائيات و الإعلام العالمي و العربي مجالاً لاستخدام خيالك ..عليك أن تُثبّت الصور التي يرسلونها إليك ..بل و يزداد الأمر بشاعة حينما يفتحون لك الأثير و الفضاء في بثّ مباشر و تجد في كل مجزرة جديدة جسدنا يقتل فيها و دمنا يراق حولها ؛ تجد دائماً شخصين واحدا يدافع عن القتلة و يعتبرها مؤامرة ..وآخر لا يدافع عن الضحايا بل يدافع عن خيبته في الوصول إلى القتلة ..!

الجثّة يا سادة لنا ..والقاتل نحن ..و الوسيط بين الطرفين نحن ..و الأسلحة نحن ..و القرارات قراراتنا ..و فصول الخيبة كلها فصولنا ..و العزاء بكامله القاتل و المقتول أقاماه و المتخاصمون يشربون قهوة المأساة ولا يتفقون إلا على استمرار القتل و استمرار البث الفضائي لكل مجزرة جديدة ..وليت المجازر (مثل زمان ) عندما كان أعداؤنا يفعلونها فينا ..بل في كل يوم على الأقل مجزرة وفي وضح النهار ..!! وجينات القاتل و القتيل تنتمي لنفس الفصيلة ..!

أيها السادة ..أما يمكن أن تقتلونا بعيداً عن الأنظار فقط ..!