الوكيل - لم يكن الانتحار في اي وقت وسيلة لحل مشاكل الحياة فهو سلوك مرفوض اجتماعيا ودينيا لكنه لا يزال في فكر البعض اعتقادا منهم بانه حل لمشاكلهم سواء كانت مرضية او مادية او نفسية واجتماعية.
وقد ازدات في الاونة الاخيرة هذه القضية خاصة عند فئة الشباب الذين يقدمون على الانتحار واثيرت حولها العديد من التساؤلات المشروعة فهل الابتعاد عن الدين سبب في الانتحار ام ان ضيق الحياة دافع لدى البعض لانهاء حياتهم وهو الامر الذي حرمته الاديان ؟
الدكتور حسين الخزاعي استاذ علم الاجتماع وعميد كلية الاميرة رحمة في جامعة البلقاء التطبقية قال ان الانتحار فيه اعلان صريح من قبل المقبلين على الانتحار لرفضهم للمجتمع المحيط بهم ، وعدم الانتماء لهذا المجتمع او المحيط به ، واعلان فقدان الامل منهم ومن المستقبل لهذا يقدمون على التخلص من هذا المجتمع وعدم الانتماء له.
واشارالى ان الأشخاص الانطوائيين الذين لم يتعودوا بناء علاقات اجتماعية قوية يكونون أكثر عرضة للانتحار لافتقارهم للمهارات والليونة في امتصاص الصدمات وهذا ما يفسر قلة الانتحار بين المتزوجين خصوصا إن كان لديهم أطفال وكذلك قلة الانتحار في الأوساط الريفية حيث يكون النسيج الاجتماعي أكثر ترابطا وكذلك قلة الانتحار في بعض الثقافات الشرقية التي يلعب فيها الدين والطقوس الاجتماعية دورا هاما في تقوية وتمتين الروابط الاجتماعية والأسرية بحيث يشعر الشخص بأن هنالك من يأتي لمساعدته إن أتته الحياة بالمحن فيشعر بالاطمئنان والتفاؤل.
واشار الى ان هناك من يكون توافقهم الاجتماعي ظاهريا ويعتمد على صورة اجتماعية استطاعوا بناءها لكن سرعان ما ينهار هذا التوافق بانهيار هذه الصورة كما يحصل في حال الإقالة من منصب أو فضيحة مالية أو أخلاقية حيث يلجأ الشخص للانتحار لقناعته بأن كل نظامه الاجتماعي قد انهار معه.
واعتبر الدكتور الخزاعي ان العوامل والمشكلات الاجتماعية تعتبر محرضة ومهيئة للاجواء النفسية وتؤدي الى الانتحار مبينا ان العوامل النفسية تعد العامل الرئيس في الاقدام على الانتحار..
وبين ان :” الأمراض النفسية والاضطرابات العصابية والذهانية من المسببات الرئيسية للانتحار حيث ان الانتحار فيه قسوة كبيرة تجاه النفس وتوجيه العدوانية الكامنة بالشخص ضد ذاته, اضافة الى ان هناك أزمة نرجسية يعاني منها الفرد تتجلى في اضطراب التوازن عنده بين العالم المثالي المنشود والعالم الواقعي المعيش”.
واكد الخزاعي انه علينا ان لا نخجل ونكون في اعلى درجات الشفافية فالانتحار هروب من مواجهة الواقع والتحديات ووضع الحلول فالشعور بالياس سبب للأقدام على الانتحار ، وهذا سلوك مرفوض اجتماعيا ودينيا ، لان المنتحر يسبب الاذى والالم والمعاناة للآخرين.
وقال الخزاعي ان عدد حالات الانتحار قبل خمس سنوات لم يكن يتجاوز 20 حالة طيلة العام, اما هذا العام فقد تجاوز عدد الحالات (60) حالة محذرا من طرق الانتحار التي بدأت تأخذ اشكالا أكثر عدوانية وجرأة في الإقدام على قتل النفس وإيذاء الجسد وتعذيب الآخرين.
وبين أنه من بين هذه الحالات من استخدم الشنق او القفز من فوق بنايات عالية, اوتناول كميات كبيرة من العقاقير. والاخطر دخول الاناث الى عالم الانتحار و جميعهم تتراوح أعمارهم بين (12 سنة و 65 سنة ) منهم الحدث والطالبة والزوجة والمسن.
واضاف ان هناك عوامل أخرى مثل الظروف المعيشية الصعبة والتشتت الأسري والصدمات العاطفية والفراغ والفشل تؤدي إلى إقدام الشباب والشابات على الانتحار، فقد ترتفع حالات الانتحار لدى طلبة وطالبات أخفقوا في النجاح في السنة الثانوية العامة “التوجيهي” بعد إعلان النتائج. فيما تلعب الضائقة المالية والفقر أحيانا دورا لافتا في إقبال بعض الأفراد على الانتحار.
واعتبر الخزاعي مراقبة سلوك ابنائهم امر هام وخاصة ان علامات تظهر على المراهقين الذين يفكرون بقتل انفسهم ولا بد لأسرهم من الالتفات إليها أبرزها الحديث عن قتل النفس والانتحار، والحديث عن اليأس والفشل وفقدان الأمل في الحياة، والانعزال وترك الاصدقاء والانسحاب من الحياة الاجتماعية و رصد أي أعمال عنف وسلوكيات غريبة وجديدة عليهم كالتمرد والعصبية الزائدة والتهرب من اي شيء وتغير في الشخصية أو في ضعف معنويات المراهق والنقد الذاتي والانتقاص من قيمتهم لأنفسهم وإقدامهم على تعاطي المخدرات، كما عليهم أن يرصدوا إذا ما شعر المراهقون بالملل والفراغ المستمر وتدهور في الدراسة و فقدان الاهتمام بالأنشطة الممتعة إضافة إلى تغير في عادات النوم والأكل وأعراض مرضية مثل آلام الرأس والمعدة وغيرها.
واكد الخزاعي انه من الصعب بمكان منع كافة حالات الانتحار، إلا ان هناك بعض الحالات التي يمكن التصدي لها خصوصا عند المراهقين والصغار من خلال تدابير يمكن اتخاذها على المستويين المحلي والوطني للحد من احتمال وقوع حالات انتحارية كأن يتم الحد من فرص حصول المراهقين والصغار على وسائل الانتحار مثل المبيدات الحشرية والسموم والأدوية والأسلحة. والإسراع في إخضاع الأشخاص الذين يعانون من اضطرابات نفسية واكتئاب الى العلاج وتكثيف المراقبة على الأشخاص الذين سبق وان حاولوا الانتحار.
واشار الى انه لتخفيف نسبة الإقبال على الانتحار في الاردن، فان الحاجة تظهر لانشاء مركز لمعالجة وتاهيل ومتابعة كل من يحاول الانتحار وعدم تسليمة الى الاهل الا بعد الشفاء تماما من الاسباب والدوافع التي دفعته لارتكاب محاولة الانتحار خوفا من اعادة المحاولة مرة اخرى حيث ان عدد محاولي الانتحار يتجاوز 400 حالة في كل عام ، داعيا إلى حماية الأسرة لأبنائهم من المحيط وتوفير الرعاية الطبية والنفسية لهم وعدم الاستهانة او الاهمال للاشارات والتحذيرات التي تصدر من الابناء وتهديدهم لذويهم بالانتحار.
وحذر الخزاعي الاهل من الكلام والمزاح حول الموت وملاقات الأحبة في الدار الآخرة ، او استعمال تعابير ومفردات تدل على فقدان الأمل وعدم الجدارة ، او زيادة الاهتمام بالموت وسماع أغاني حزينة, قصص حزينة, كتابة رسائل وخواطر تشير إلى النهاية “. مبينا ان دور الاهل كبير في هذه القضية كالانتباه الى اي اشارات تصدر من الاطفال تتعلق في الموت او الاقدام على الانتحار ، وخاصة في حال اصرار الابناء على شراء بعض المقتنيات او القيام ببعض السلوكيات محذرا من تانيب وضرب الابناء وتعنيفهم وخاصة امام الاخرين.
مؤكدا اهمية عدم التذمر وطلب الموت من قبل الاهل امام ابنائهم واهمية الجلوس معهم والاستماع الى مشاكلهم وعدم تركهم امام التكنولوجيا والاصدقاء.
واشار الخزاعي الى ان الاديان السماوية حرمت الانتحار بكل أشكاله، مبينا ان ضعف الوازع الديني وعدم التمسك بالعادات والتقاليد الاصيلة النابعة من الدين هي السبب الرئيس في الانتحار مشيرا الى اهمية ايلاء الجانب الديني اهمية خلال تربية الابناء وتعليمهم على ثقافة الصبر والحكمة والتعاون والمحبة والتي جمعيها لها دور كبير في مواجهة سلوكيات العنف ضد النفس والمجتمع.
ويعاقب القانون الأردني الأفراد الذين يحاولون الانتحار بالحبس ، إذ نصت المادة 339 من قانون العقوبات الأردني على “سجن كل من حاول الانتحار أو حرض عليه، وإذا بقي الانتحار في حالة الشروع عوقب ذلك الشخص بالحبس من ثلاثة أشهر إلى سنتين وتكون ثلاث سنوات إذا نجم إيذاء أو عجز دائمان”.
ويبقى التفكير بالانتحار او الاقدام عليه بسبب ما يواجهه الانسان من ضغوطات بالحياة سلوكيات مرفوضة اجتماعيا ودينيا وارتفاع اعداد حالات الانتحار ليست الا مؤشرا لغياب الوازع الديني وعدم مراقبة الابناء والاهتمام بالجوانب النفسية والعاطفية لديهم والتي هي الاهم في طور نموهم.
فالابقاء على الحوار الدائم معهم يجنبهم التفكير بمثل هذه الافكار الى حد كبير والابتعاد عن الحديث عن الموت كوسيلة لانهاء معاناة الاخرين امام الابناء والاصدقاء يسهم في الابتعاد عن مثل هذه السلوكيات ، فحاجة الاخرين للحديث والتعبير عن ضغوطاتهم ومعاناتهم وايجاد من يقدم المساعدة لهم يجنبهم التفكير او الاقدام على الانتحار.
الراي
-
أخبار متعلقة
-
أفضل سيارات مازدا في استهلاك البنزين لعام 2018
-
الفاخوري يعلن تبرع بنك الأردن بمليون دينار أردني لصندوق "همة وطن"
-
توفيق فاخوري يدعم صندوق "همة وطن" بمبلغ نصف مليون دينار أردني
-
شاهد لحظة سقوط الطائرة الأوكرانية بعد اشتعالها في الهواء
-
مدرسة الموقر ترسم أجمل منظر – فيديو وصور
-
مدرسة الموقر ترسم أجمل منظر
-
بـرنامـج الـوكـيـل فـي إجـازة سـنـوية
-
حفرة امتصاصية في جرش .. خطرٌ يُهدد المواطنين و يُضر السياحة | فيديو