مظلة واحدة لتمويل المشاريع الصغيرة ..

هناك حالة من الفوضي تعتري سوق تمويل المشاريع الصغيرة، فالشروط مختلفة بين التشدد والمرونة، كما ان هياكل اسعار الفائدة ( تكاليف الاموال) مرتفعة بشكل عام، اما المساعدة المفترضة للمقترضين فتكاد تكون غائبة، وتعاني المشاريع الصغيرة من الازدواجية والنسخ، جراء نقص الارشاد والمساعدة الفنية والتدريب، لذلك ترتفع نسبة تعثر المشاريع الصغيرة، والظاهرة المريرة التي شهدها المجتمع الاردني أخيرا تحت عنوان « الغارمات» حيث كان الحبس اقسى ما واجهه اصحاب مشاريع الصغيرة إذ كان المأمول ان تحسن ظروفهم واسرهم المعيشة، وكانت النتائج معاناة مركبة اسوأ مما كانت ظروفهم قبل الاقتراض لاطلاق مشاريعهم الصغيرة.

هذه التجربة تحتاج الى دراسات اقتصادية واجتماعية، كما تستدعي عقد مؤتمر وطني يشارك فيه البنك المركزي والبنوك التجارية ومؤسسات التمويل ومؤسسات المجتمع المدني وهيئات القطاع الخاص لرسم خارطة طريق لتمويل المشاريع الصغيرة، بحيث يتم وضع اليات التمويل تحت مظلة واحدة ومرجعية محددة، وتوحيد تكاليف الاموال، وتبسيط شروط الاقراض، واستحداث بيوت خبرة لتقديم المشورة والتدريب للمقترضين لزيادة قدرتهم ادريا وماليا، واختيار المشاريع الممكنة بعيدا عن الاكتظاظ غير المحمود العواقب، والتفكير بشركات واليات لتسويق منتجات المشاريع الصغيرة في الاسواق المحلية واسواق التصدير.

فالسوق تعج بشركات التمويل وشركات تعلن خلافا للقوانين لتقديم التمويل بشروط غير عادلة، والاصعب من ذلك بدء ملاحظة محصلين من المقترضين وهي شكل من اشكال البلطجة خلافا للقوانين والانظمة السائدة، واولا وقبل كل شيئ على شركات التمويل قبول التحدي ففي الوقت الذي تسعى فيه الى النجاح عليها تحمل مخاطر الاستثمار الذي قد يواجه بالخسارة وتعثر المقترضين، ومن غير العدل ان تلعب دور الرابح على الدوام، فالانشطة قد تواجه الخسارة.

المظلة المطلوبة يفترض ان تجسد الشراكة بين القطاعين الخاص والعام، وان تسند الادارة للقطاع الخاص على ان تدار بمهنية عالية، وعلى البنك المركزي ان يوسع دوره في دعم هياكل اسعار الفائدة (تكاليف الاموال) لتمكين الاطراف المعنية العمل وفق مخاطر ائتمانية متدنية ومحسوبة، ومن المفيد الاستفادة من تجارب عدد من الدول.. كيف استطاعت النجاح والتوسع في التشغيل وعالجت البطالة بالمزيد من الانتاجية، وتكامل ذلك مع التدريب والتسويق، وقادت تجارب العديد من الدول الى تخفيف البطالة والفقر واظهرت اقتصاداتها نموا سرعان ما تحول الى تنمية مستدامة، وتجارب ماليزيا، الصين ودول جنوبي اسيا وغيرها ماثلة حيث استطاعت خلال ثلاثة الى اربعة عقود التحول من دولة تعاني من اختلالات وتشوهات الى دول عصرية بالمعاني الواسعة..نجاح المشاريع الصغيرة يعتمد على الادارة والتدريب والمساندة المستمرة لاصحاب هذه المشاريع.