الأحد 2024-12-15 04:44 ص
 

مفكرون وباحثون يحتفلون بمرور خمسين عاما على الوحدة الإفريقية

01:56 م

الوكيل - نظمت الهيئة المصرية العامة للكتاب بالتعاون مع مركز البحوث العربية الذي يترأسه الباحث في الشؤون الأفريقية حلمي شعراوي مؤتمرا حول التجارب الديمقراطية والانتخابات في إفريقيا، وذلك بمناسبة مرور خمسين سنة على إنشاء منظمة الوحدة الأفريقية، وهي الخطوة التي يراها كثير من الباحثين نتاجا لثورات التحرر الأفريقية التي حاولت من خلالها القارة السمراء استعادة صوتها وإمكاناتها وذاتيتها.اضافة اعلان

تحدث في الجلسة الأولى المفكر الاقتصادي والخبير في الشؤون الأفريقية الدكتور سمير أمين والباحث أحمد أمل وأدارت المؤتمر الكاتبة سهير المصادفة، التي بدأت حديثها بالقول: نحتفي بخمسين عاما على الوحدة الأفريقية، ونحتفي بكل الأدب الافريقي وكل العلاقات الإفريقية، نحن وإفريقيا عانينا وخاصة في الجانب السياسي، وقد نقلت في سلسلة الجوائز التي لم تتعد إصداراتها 120 عنوانا ترجمات لأدباء إفريقيا الحاصلين على نوبل ،وأضافت المصادفة: الترجمة تحتاج إلى دعم غير مسبوق وتحتاج إلى آليات مختلفة تماما والترجمة هي العامود والأساس في أي وطن، ودولة صغيرة مثل إسرائيل تترجم كل عام مثل ما يترجمه العالم العربي مرة ونصف، وأرجو من اتحاد الكتاب أن يدشن المشهد العربي لكي يعرض على القارة الإفريقية وليس الأدب فقط وإنما هناك كوارث شتى أخرى مثل السينما.
وقد ألقت عبير ربيع كلمة مركز البحوث العربية المشارك الأساسي في المؤتمر والذي يرأسه الباحث المعروف في الشؤون الإفريقية حلمي شعرواي. قالت عبير ربيع:
مركز البحوث العربية هو احد المراكز المهتمة بالدراسات الإفريقية وهي ليست بمعزل عن الوطن العربي، ونحن على تواصل بمنظمة الوحدة الإفريقية ومركز البحوث يمثل مصر في إفريقيا، وأضافت عبير: نحن مجموعة من الشباب اهتممنا بالدراسات الإفريقية وتواصلنا مع الأستاذ حلمي شعراوي ود. شهيدة الباز ولا نتعامل مع إفريقيا باعتبار مصر وإفريقيا فكلنا إفريقيا، وسنحتفل باليوم العالمي لإفريقيا من خلال عدة فعاليات.
ثم وعدت هيئة الكتاب بأن تترجم الأعمال الإفريقية في مجالات مختلفة وكذلك المشاركة في المعارض الإفريقية .
وتحتفل منظمة الاتحاد الافريقي باليوم العالمي لإفريقيا في منتصف كل عام تقريبا وسيكون ذلك بإقامة معرض للكتاب يضم كافة العناوين خلال النصف قرن المنصرم وهذه العناوين التي تعكس أهمية العلاقات المصرية الإفريقية الثقافية والسياسية والاجتماعية والأدبية والتي ترى أن إفريقيا هي العمق الاستراتيجي لمصر على كافة المستويات، وأيضا سيشهد المعرض مؤتمرا يضم جلستين لمناقشة آفاق العلاقات المصرية الإفريقية وتنميتها سياسيا وكذلك الاحتفاء بالأدب الافريقي كما ستعلن هيئة الكتاب عن خصم يصل إلى 50% على مبيعات الكتب، وأشارت الهيئة المصرية العامة للكتاب إلي أنها تدرك جيدا أن مصر تلعب دورا محوريا لدى الطلاب الأفارقة من خلال جامعة الأزهر التي تمثل منارة الثقافة الإسلامية في تعليم الأفارقة، لذلك ستواصل في السنوات القليلة القادمة دورها في دعم الثقافة الإفريقية من خلال الترجمة والنشر وإقامة المعارض في العواصم الإفريقية المختلفة واستضافة المثقفين والمبدعين للمشاركة في معرضها الدائم .
وقد أعرب الطلاب الأفارقة الذين شاركوا في الاحتفالية عن سعادتهم باهتمام مصر حاليا بهم مشيرين إلى أن هذه هي المرة الأولى التي تهتم بهم وبمطالبهم جهة مصرية غير جامعة الأزهر التي كانت تمثل حتى وقت قريب همزة الوصل الوحيدة بينهم وبين مصر.
وقال د. سمير أمين: الثورات العربية لم تكن ظواهر شاذة أو غريبة وهي متماثلة ليس فقط في إفريقيا وإنما أيضا في أمريكا الجنوبية وسيليها موجات أخرى من الثورات العربية وخاصة مصر وفي أماكن أخرى، بالرغم من اختلاف الظروف الملموسة إلا أن هناك جانبا مشتركا . فجميع الشعوب تعاني من نفس المرض ‘الليبرالية’، والطبقات الشعبية لم تستفد على الإطلاق من هذه الأنظمة كما أدت هذه الأنظمة إلى مزيد من العنف السياسي سواء كانت نظم تعلن نفسها اشتراكية أو غيرها،وأدت أيضا إلى تدهور الأوضاع الاجتماعية بالنسبة للغالبية الكبرى، ومزيد من استخدام العنف، والخضوع الشامل لإملاءات السياسة الأمريكية والأوروبية التي لا تختلف كثيرا عن السياسة الأمريكية . وأضاف د. سمير أن هناك ثمة قاسم مشترك بين الدول التي قامت بها ثورات وهذا القاسم هو الآتي:
أولا: أن الشعوب تميل إلى الديمقراطية، الشيء الثاني أن الشعوب تريد العدالة الاجتماعية، ثالثا الكرامة ومعناها الاعتراف بوجود هذه البلاد وأن تكون عاملا في صناعة العولمة ويعمل مع الآخرين على قدم المساواة وهذه أسباب الثورات التي حدثت وقد حدثت من قبل في أمريكا اللاتينية منذ 20 سنة، وحدثت في أفريقيا، فلابد أن ننظر إلى الثورات العربية على أن هناك قاسما مشتركا. وما أنتجت هذه الثورات إلا القليل بشكل عام، الثورة لم تغير النظام وإنما غيرت الشعب وهو التغيير الأهم لأن من خلاله يمكن تغيير النظام، وهذا هو الجانب الأفضل وسوف تأتي موجات أخرى، أما الجانب السلبي هو المجيء بأوهام شبه دينية أو شبه قومية وتستغل هذه السمات لصالح سياسة الخضوع لليبرالية والسياسة الليبرالية لا تأتي إلا بمزيد من التدهور ومزيد من غياب الديمقراطية .
وعن تجربة غانا في الانتخابات تحدث أحمد أمل وقال: حالة ناجحة وانتخابات منتظمة في غانا وسلطة متداولة أكثر من مرة وهي حالة فردية تميزها عن اي دولة افريقية أخرى، وتنافس في الانتخابات حزبين الحزب الوطني الجديد والحزب الوطني الديمقراطي ،وإقليميا يمثل الحزب الوطني الجديد الطبقة الأكثر ثراء، وتعدد أشكال الانقسام بين الحزبين جعل الانتخابات ساخنة جدا في غانا وفي الانتخابات الرئاسية تحديدا كان هناك تنافس بين ممثلي الحزبين والمرشحين يتشابهان في تاريخهم السياسي، واختلفا بشكل كبير في أسلوب الحملة الانتخابية لكل منهما. وكان هناك رغبة من غانا في الارتقاء بالانتخابات والتعرف على الناخبين ببصمة الأصابع ففي يوم الانتخابات حدث كثير من المشاكل والعقبات، وحسمت من خلال الجولة الأولى وهو الأمر الذي نظر إليه باعتباره نقطة قوة، ظهر التشابه الكبير في توزيع الأصوات ومن الظواهر المهمة أيضا الارتفاع في نسبة التصويت فتجاوزت ال 80%، وقد تبع الانتخابات أزمة قانونية وحاصر الحزب الخاسر لجنة الانتخابات وقاطع حفل تنصيب الرئيس، وبقدر ما حملت هذه الانتخابات من بين العوامل الحاسمة التأييد العالمي الكبير والاعتراف بها والتأكيد على تمتع العملية الانتخابية بقدر كبير من النزاهة لم تشهدها إفريقيا من قبل.
أما الجلسة الثانية فقد شارك فيها د. شهيدة الباز، حلمي شعراوي، ومن ساحل العاج سيد علاسان، وعبير ربيع. حيث بدأ الجلسة حلمي شعراوي قائلا: مصر دائما في قلب الحدث، وكنت منسقا لحركات تحرير افريقية على مدى 15 عاما وكان الهدف الاساسي لنا الوصول إلى العالم وتقديم الخبرة والتضامن وليس تمويل بالسلاح أو بالأموال، ونحن أيضا مؤسسين لمنظمة الوحدة الإفريقية وأول قمة لها رسميا كانت في القاهرة عام 1964 وتناقش نيكروما مع عبد الناصر ،والشعب المصري بمختلف تجاربه تبنى حركة التحرير الافريقي. وعلاقة التجربة المصرية بالتجارب الإفريقية من أول المشاهد التي نبحثها في إفريقيا، المؤسسة العسكرية المصرية مؤسسة وطنية، وبلد مثل إثيوبيا هي إمبراطورية والتمثيل العسكري فيها امبراطوري أما نيجريا فيها شكل مختلف وتدريب تقني عالي ولذلك الجيش في نيجريا جزء من المؤسسة .
وأضاف شعراوي: الفانونية ‘، إشارة لفرانتز فانون، هي ثورة الجماهير العفوية وتساءل شعراوي إلى اي حد كانت هذه الثورات القانونية مؤثرة ومعبرة عن الجماهير؟. وقد انضم إليها تنظيم اتحاد العمال القوى وعندما قرر التضامن مع الثورة أدى ذلك إلى تحول ديمقراطي . وتساءل شعراوي: الثورات الشعبية ما الذي يعقبها هل الفوضى بالضرورة؟ أم يمكن للشعوب أن تنظم نفسها؟ وفي التسعينات بدأت المؤتمرات الوطنية الشعبية ولم يستمع إليها، لذلك لابد أن تتحول الثورة الشعبية إلى تنظيم ديموقراطي، فما بعد الثورة تحدث إشكالية التحول الدستوري، ويكون الخيار بين الشرعية الدستورية أو الشرعية الثورية؟ والحكومات تعالج هذا، فإلى اي حد نصل إلى الشرعية الدستورية؟ هذا يحدث عندما تطبق مبادئ الشرعية الثورية وبعدها تأتي الشرعية الدستورية. ولدينا نماذج من ثورات التسعينات وتحول جنوب إفريقيا، إلا أن هذه الثورات صفيت، لكن إفريقيا أحدثت تحولات ديمقراطية مشهودة ليبرالية بالكامل، وهي تحقق في التنمية نسبة من 5 الى 7% .
وقالت د.شهيدة الباز: لكي نخطط جيدا يجب أن نفهم جيدا المفاهيم الديمقراطية، وأي رؤية نظرية تتغير وتتطور بتغير المجتمعات، فالديمقراطية هي مفهوم وفي نفس الوقت عملية سياسية ومنذ الإغريق الشعب هو الذي يحكم والشعب هو الذي لا يحكم أيضا، ونشأت أشكال جديدة للديمقراطية بعد 1989، وظهرت بعد فترة الديمقراطية الاجتماعية، فالدولة مؤمنة بالمشاركة ولكن ليست مؤمنة بالتوزيع العادل ولذلك فإن العمال هم أساس الديمقراطية الاجتماعية، التي تحولت في يد الفاشية إلى قوة استعمارية.
وبعد تغير شكل الاستعمار أصبحت الديمقراطية الاشتراكية تقوم على الحزب الواحد وبعد إقامة النظم المتمتعة بجزء من الاشتراكية. وهناك مجموعات، ومنهم المثقفين، طالبت بالديمقراطية الليبرالية لأنها ستمكننا من عدم خلق ديكتاتوريات . والآن لم تعد تعبر هذه الأشكال عن الشعب. والديمقراطية الاجتماعية توفر شروط الديمقراطية الليبرالية وبناء الخدمات التي تصلح المواطن حتى يصل إلى صنع القرارات، والمشاركة يجب أن تكون مباشرة من القاعدة إلى القمة ولا تسمح باستبعاد احد. وعن الحوارات التي تمت بين المثقفين العرب قالت شهيدة: إن المثقفين أو أصحاب الرؤى السياسية لديهم رفض لقبول الاختلاف بما فيهم اليسار إلى حد ما والتيار الاسلامي السياسي يبحث عن السلطة بشكل اساسي ويستغل الدين في ذلك، والعولمة لا تريد دولة وطنية ولذلك يحدث التقسيم فالتكامل الافريقي العربي والتكامل الافريقي العربي الجنوبي يجب أن يحدث لمواجهة التقسيم، فأيام عبد الناصر كان هناك وعي افريقي جيد والإحساس بأننا أفريقيون كان يتعاظم.
وعن تجربة ساحل العاج تحدث سيد علا سان وقال: في ساحل العاج حدثت أزمة سياسية أدت إلى تقسيم البلاد إلي شمال مسلم وجنوب مسيحي، وللظروف القائمة لم تتم الانتخابات في 2005 وظلت الأزمة قائمة وتم الاتفاق على أن تكون هذه الانتخابات في 2010 وتم حسم الاتفاق على وضع لجنة انتخابية مستقلة على أن تقوم هذه اللجنة بتسجيل الناخبين وتسليم البطاقات الانتخابية وكل ذلك على مراحل ثم إجراء الانتخابات بحيث يراقبها ممثلون من المجتمع المدني الذي ساعد اللجنة في جميع المراحل وإرشاد المواطنين لعملية الانتخاب وتقبل النتيجة بصدر رحب، وقد حصل الرئيس المنتهية ولايته 38% والمنافس 32% وهذا أدى إلى جولة ثانية وهذا ما جعل الأزمة تتفاقم وفي الجولة الثانية حصل الرئيس المنتهية ولايته على 45% وفاز المرشح الثاني، ولكن المجلس الدستوري لم يرض بهذه النتيجة وأعلن فوز الرئيس المنتهية ولايته بنسبة 51% ولم يعلن النتيجة الصحيحة مما أدى إلى أزمة ما بعد الانتخابات وراح ضحيتها حوالي 3 آلاف شخص، وتم تدمير البنية التحتية للدولة وتشريد المواطنين حتى ابريل 2011 حيث تم إعلان أن المرشح الثاني هو الرئيس الشرعي وطالبوا المنتهية ولايته بالتنحي لكنه لم يرض ولم يترك السلطة وكادت البلد أن تدخل في حرب أهلية حقيقية إلى أن تم القبض عليه ومحاكمته في المحكمة الدولية في لاهاي وتنصيب الحسن رئيسا شرعيا للدولة وكون حكومة مشتركة من الأحزاب السياسية ماعدا حزب الرئيس المنتهية ولايته ثم شكلت لجنة وطنية للمصالحة، كما حدث تصالح بين فئات الشعب ومحاكمة المذنبين والعفو عن آخرين. وبدأ الرئيس في تنفيذ برنامجه الانتخابي وكان أول شيء فيه العيش المشترك بحيث تختفي ثنائية شمال وجنوب. وبدأ ساحل العاج يأخذ مساره الدولي ويأتي إليه المستثمرون ،وفتح طريق أبيدجان القاهرة حيث كان الطيران يصل لغانا فقط.
وأخيرا تحدثت عبير ربيع عن تجربة كينيا بعد نتيجة الانتخابات في 2007، حيث لم يرض الشعب بها ولذلك خرجوا إلى الشارع ومن أسباب ذلك سياسة الحزب الواحد التي كانت تقوم عليها الدولة وغياب العدالة الاجتماعية وضعف إدارة عملية الانتخابات. وكينيا تتشابه مع مصر في أهميتها بالنسبة للغرب ولإنهاء الأزمة تم الاتفاق علي تقاسم السلطة في 2008 وصدر دستور عام 2010 وكان قائما على اللامركزية، ثم حدثت انتخابات في 2013 وكان بها عدد من المرشحين ونجح فيها كينياتا وهو ابن محررهم، وظهرت نتيجة الانتخابات وحدث بعدها أيضا عديد من المشاكل وكان هناك لجنة لإدارة العملية الانتخابية عملت على توعية الناس وكثفت الأمن وجوده في بعض المناطق للحد من العنف كما ساهم معهم المجتمع المدني، وهناك عدة تحديات يريد الشعب أن يحققها هي فعالية المحكمة الدستورية العليا والقصاص للشهداء وتحقيق العدالة الاجتماعية.


 
gnews

أحدث الأخبار



 




الأكثر مشاهدة