الأحد 2024-12-15 04:09 ص
 

نزاهة الدولة الضريبية رهن بتقدّم الخدمات ..

09:28 ص

من حق الدولة ان تفرض الضرائب والرسوم لتغطية نفقاتها ( الجارية والرأسمالية) بما يمتن استقلالها المالي والاقتصادي، ومن حق المواطنين والقاطنين فيها ان يحصلوا على الخدمات المختلفة من صحة وتعليم وبنية اساسية، وفي حال الاخلال بطرفي هذه المعادلة نجد تفشي الفساد وتباينا طبقيا بحيث يتسع نطاق البطالة والفقراء وتتسع سطوة ونفوذ طبقة الاثرياء، وتفقد الدولة تدريجيا استقرارها الاقتصادي والاجتماعي الذي يمهد الطريق لانتشار التجاوز على القوانين والجرائم ويعاني المجتمع اهتراء النسيج الاجتماعي تدريجيا وترتفع تكاليف برامج الاصلاح بشكل عام.

اضافة اعلان


المنطقة العربية بشكل عام.. سواء التي كانت وربما لازالت تصنف من دول الفائض المالي او دول العجز تحولت تدريجيا من الدولة الرعوية الى الضريبية بسبب او بغير سبب، ولم تقرن هذا التحول بالتوسع في تقديم الخدمات اذ لازالت الخدمات الرئيسية من التعليم والصحة وحصول الفقراء ومتوسطي الدخل على احتياجاتهم من السلع والخدمات الاساسية بصعوبة وتشوهات ليس لها اول ولا آخر، وخلال العقد الماضي شهدت دول المنطقة وشعوبها ازمات مالية واقتصادية متلاحقة سببها الاول فقدان الديمقراطية السياسية والاقتصادية، وحالة العدوان الخارجي المباشر والمبطن المستمر، وبقيت المنطقة ببنيتها الفوقية والتحتية مكشوفة الظهر دون بارقة امل للخروج من حالة التأزم المركب سياسيا واقتصاديا واجتماعيا.


الانكشاف الحقيقي الذي تعاني منه المنطقة وشعوبها سببه تقديم الشكل على الجوهر والابتعاد عن معالجة الاختلالات الحقيقية في مقدمتها التنمية بمعانيها الشاملة السياسية والاقتصادية والاجتماعية، فالاخفاق الاقتصادي افضي الى ارتفاع البطالة فالمنطقة العربية اليوم بحاجة لحوالي 50 مليون فرصة عمل جديدة، وهذا يتطلب استثمارات جديدة تقدر بمئات المليارات من الدولارات، وتحتاج الى قبول الديمقراطية نظريا وعمليا واطلاق الحريات والحياة الحزبية، وافساح الفرص للمرأة التي تشكل نصف المجتمع في التعليم والعمل، وازاحة العقبات امام حرية التجارة وانتقال الافراد وفق معايير معتمدة.


وبالعودة إلى الدولة الضريبية فإن تقنين النفقات العامة لاسيما النفقات الجارية هو المدخل الرئيسي لمعالجة الحلقة المالية المفرغة التي ادخلت نفسها وشعوبها فيها، وإعادة ترتيب الاولويات التنموية، والتركيز على الانتاج وزيادة الانتاجية بما يزيد القيمة المضافة في المجتمع، فالانفاق العالي لاسيما على السلع المستوردة يشكل عقبة امام النمو الحقيقي، لذلك اعتمدت الدول التي هزمت في الحرب العالمية الثانية في مقدمتها المانيا واليابان سلكت نهج تقنين الانفاق على العيش وتقديس الانتاج لذلك صعدت الى رأس السلم العالمي في النمو، فقد قبل شعوب تلك الدولتين حكومات وشعوبا التحدي واستطاعت مراكمة الخبرات والوفورات وصولا الى تقديم خدمات مميزة لمواطنيها..
مرة اخرى الضرائب وتقديم الخدمات الاساسية متلازمة وبدونها لا تستقيم الحياة العصرية.


 
gnews

أحدث الأخبار



 




الأكثر مشاهدة