الأحد 2024-12-15 03:46 ص
 

هزيمة الحداثة مقابل أسلحة الأمهات العقابية

05:52 م

نجحت الحداثة المستوردة في تسليع الانسان العربي وتحويله الى اداة خاوية تتحرك في فضاء التقليد والتعبيد الاجنبي، وليست فرقة ليلى او غيرها من الاحداث سوى تعبير عن حجم هذا الخواء بعد ان تم تفريغ الوعي المجتمعي من كل النماذج المصنوعة في المصنع الوطني لصالح تلك المستوردة من الخارج، وللطرافة كان هناك خبر قبل يومين يتحدث عن ضرورة رفع سن الزواج في ولاية نيويورك الامريكية من الرابعة عشرة الى سن السابعة عشرة للفتاة للتقليل من ظاهرة الطفلات الامهات، علما بأن مؤتمرات المساحيق النسوية المدعومة من كل جهات التمويل الحرام فرضت على مجتمعنا العربي رفع سن الزواج، طبعا انا ضد زواج الاطفال ولكن مع تطوير القوانين وفقا لتطور المجتمعات وتطويرها وليس الانقلاب عليها باستيراد قوانين معلبة .اضافة اعلان


اظن ان اول هزيمة منيت بها مجتمعاتنا كانت باخراج اسلحة الامهات من الاستعمال والاستخدام المنزلي لصالح هرطقات غربية لا يمكن ان تجد لها اصداء في اقطارنا، فالبيت جزء من التربية ويتناقض في تربيته مع باقي اضلاع العملية التربوية العامة “ الحارة او الفضاء الاجتماعي والمدرسة “، فكل تعليمات الامهات سرعان ما تتساقط مثل الذباب امام الحارة او الحي او صحبة المدرسة، وكان عنصر الثبات في التعليمات المنزلية هو الخشية من العقاب ومن نوع السلاح المستخدم من الام تِبعا لعوامل المكان، فاذا كانت المسافة تسمح لك بالهرب فالسلاح سيكون احد نوعين “ حفاية ارض جو او شبشبا مضادا للوجوه “ واذا ما كانت المسافة تسمح لها بالتقاطك فقطعا سيكون السلاح احد ثلاثة، ويتم تحديد نوع السلاح حسب مستوى الجريمة وعلى الشكل التالي، جريمة بسيطة فالعقاب على الاقل عشر ضربات على الرأس والجسد من مقشّة الدار والتي كانت مصنوعة من اضعف نبات القصّيب والبوص، واذا ما كانت الجريمة متوسطة فهناك احد احتمالين بربيش الماء او بربيش الغاز فالمجال مفتوح للام كي تحدد السلاح المستخدم حسب نوعية العقوبة اما أعلى اشكال الاسلحة العنيفة فكان عصا القشاطة في فترات لاحقة والاخطر “ شوبك العجين “ وهو سلاح نووي حسب مفردات ذالك العصر والشوبك يا رعاك الله هو الاداة المستخدمة لفرد العجين ليصبح رغيفا شهيا بعد نار الفرن .

سأبقى منحازا الى العقاب البدني رغم انني لم استخدمه مع اولادي بحكم عزلي عن ملف التربية بالكامل، لكنني منحاز الى عقاب الامهات وعقاب الاساتذة في المدرسة، فقد كان عقابا جميلا، يرفع من منسوب الامان الاجتماعي والمنزلي ويرفع من علاقة الحنان بين الاطراف، فثمة دعم مالي بعد كل عقاب من الام او تسريبة شوكولاته او فاكهة وكذلك كان المعلم يمارس شكلا من اشكال الاعتذار الجميل بعد العقاب، كان يرسلك مثلا لاحضار الطباشير من غرفة المدرسين او لتوديع ورقة الغياب عند السكرتير او لمهمة مسح اللوح مع كلمة تحفيز، كان العقاب ودودا وكانت الاستجابة حاضرة بنسبة معقولة، والاهم كان عنصر الحياء حاضرا، كانت الأم قيمة عظمى – صحيح انها ما زالت قيمة ولكنها ليست عظمى – وكان المعلم قامة وقيمة وللاسف لم يتبق الكثير منه وله .

صحيح اننا استوردنا كل الادوات الحديثة وكل انماط التربية ودفاترها وكراريسها، لكن من المستحيل استيراد القلب المجتمعي النابض لهذه الانماط، فالمجتمع كائن حيّ يشعر ويعتب اذا ما كانت المعادلات خارجة عن قيمه واعرافه وتطوره الذاتي والموضوعي، وللاسف نحن نهشنا مجتمعنا وقتلنا مفاعيل التطور فيه منذ ان اعتدينا على وجدانه وادوات عقابه الجميلة التي كانت تمارسها الام في المنزل ويسندها المعلم في المدرسة .

 
gnews

أحدث الأخبار



 




الأكثر مشاهدة