لو صحت اتهامات الإسلاميين بوقوع انتهاكات وخروقات في انتخابات اتحاد طلبة الجامعة الأردنية، فإنها ومهما بلغت تهون أمام الوقائع الخطيرة التي تكشّفت في تشكيلة القوائم الانتخابية والتحالفات التي اعقبت إعلان النتائج.
إلى جانب الإسلاميين، برزت قائمتان رئيسيتان حصدتا نحو ثلثي المقاعد؛ قائمة النشامى 'أبناء العشائر'، وقائمة 'العودة'.
من اسمي القائمتين يمكن وبسهولة الاستدلال على هويتيهما؛ قائمة الطلاب الشرق أردنيين، وقائمة الطلاب من أصول فلسطينية. هكذا وعلى المكشوف، تتحول العملية الديمقراطية إلى محاصصة على أسس إقليمية.
لم تتشكل القائمتان بأوامر رسمية كما أعتقد، لكن ومادامت الأمور تسير على هذا النحو فلابأس من استغلالها ودعمها، لاحتواء نفوذ الإسلاميين، وحرمانهم من التمثيل في مجلس الاتحاد، وهذا ماكان بالفعل.
أخطر ما في الأمر أن مؤسسات الدولة، والقوى الحزبية، والكتلة الطلابية برمتها، قد استسلمت لفكرة المحاصصة هذه وتعاملت معها بوصفها سلوكا طبيعيا. ولم نسمع صوتا واحدا في تلك المؤسسات والهيئات يرتفع محذرا من عواقب ومخاطر نهج المحاصصة على المجتمع والدولة.
الجامعات التي يفترض بها أن تكون ساحة لتكريس ثقافة المواطنة، والحس الوطني بالولاء للدولة، ولمجتمع متنوع وحداثي، تصبح منصة للتعبير عن الهويات الفرعية، والإقليمية، ومكانا لممارسة المحاصصة، لا بل وتصديرها للمجتمع كنموذج للشذوذ الديمقراطي.
لم يعد أحد ليكترث بالمنحى الخطير الذي تمضي به ما توصف بأنها عملية ديمقراطية. المهم أن تجري الانتخابات؛ نيابية، بلدية، طلابية، بصرف النظر عن الأسلوب والنتائج التي تفضي إليها.
والنتائج واضحة للعيان؛ تكريس مبدأ المحاصصة في الحياة السياسية بين كتلتين اجتماعيتين؛ كتلة شرق أردنية، وأخرى من أصول فلسطينية. وعلى هذه القاعدة نمضي في تقاسم المقاعد في البرلمان والجامعات، ومختلف الهيئات المنتخبة. ومع مرور الوقت يصبح المجتمع أسيرا لهذه القاعدة، لابل ومؤمنا بها باعتبارها تقليدا ترتبت عليه مكاسب لكل الأطراف لايمكن التنازل عنها.
لكن مثل هذه المحاصصات هي ذاتها التي جرّت مجتمعات عديدة إلى الصدام، لأنها تحمل في جوهرها بذور الحروب الأهلية.
في الجامعات أسست هذه السياسات لظاهرة العنف الطلابي، وهو نموذج مصغر لما يمكن أن يشهده المجتمع من عنف جراء انتعاش الهويات الفرعية والولاءات التقليدية.
إننا اليوم وعلى كافة المستويات أصبحنا نمجد روابط ما قبل الدولة، ونضعها في مرتبة فوق القانون، وأكثر من ذلك ندوس على القانون انتصارا لهذه الروابط والولاءات.
يتبدى ذلك بوضوح في الجامعات أيضا، حيث التكتلات على أسس عشائرية ومناطقية، وحين تصطدم هذه الهويات الفرعية مع بعضها، نستدعي الهوية 'الجامعة'؛ الشرق أردنية، لاستدراك الموقف، حتى لو كان ذلك يفضي لمواجهة مع مكون اجتماعي صار له هو الآخر جسم واسم وعنوان.
لا معنى ولا قيمة لخطط الحكومات وخطاباتها للحد من العنف الجامعي واجتثاثه من جذوره كما تدعي، في ضوء استمرار المعادلة الحالية في الجامعات. كل ما نسمعه في هذا الصدد مجرد ثرثرة ونفاق إذا لم نعمل وبشكل جدي على تفكيك معادلة المحاصصة في الجامعات، ونضع أسسا جديدة لحياة جامعية عمادها الطلاب وليس هوياتهم وأصولهم.
-
أخبار متعلقة
-
أفضل سيارات مازدا في استهلاك البنزين لعام 2018
-
الفاخوري يعلن تبرع بنك الأردن بمليون دينار أردني لصندوق "همة وطن"
-
توفيق فاخوري يدعم صندوق "همة وطن" بمبلغ نصف مليون دينار أردني
-
شاهد لحظة سقوط الطائرة الأوكرانية بعد اشتعالها في الهواء
-
مدرسة الموقر ترسم أجمل منظر – فيديو وصور
-
مدرسة الموقر ترسم أجمل منظر
-
بـرنامـج الـوكـيـل فـي إجـازة سـنـوية
-
حفرة امتصاصية في جرش .. خطرٌ يُهدد المواطنين و يُضر السياحة | فيديو