الخميس 18-04-2024
الوكيل الاخباري
 

التعليم العمومي في خطر



التحق أكثر من مليوني طالب وطالبة بمدارسهم، ويُنتظر أن تُعلن خلال الأيام القادمة نتائج القبول في الجامعات، وفي كل يوم مع تزايد الأعباء تتعمق أزمة التعليم العمومي في المدارس، والجامعات.اضافة اعلان


قراءة المؤشرات الرقمية كافية لإعطاء دلالات عن التحديات التي تواجه التعليم في بلادنا، فهناك 7 آلاف مدرسة، و137 ألف معلم ومعلمة، والحاجة للمعلمين والمعلمات متزايدة، ومن بين 10 آلاف معلم تحتاجهم التربية لتعينهم، فإن ديوان الخدمة سيقوم بتعيين 4 آلاف، والبقية ما يقارب 6 آلاف سيلتحقون بالعمل على حساب التعليم الإضافي، ناهيك عن أن 19 بالمائة من المدارس مستأجرة، يضاف لكل هذه المشكلات صفوف مكتظة، ومدارس عادت لتعمل على نظام الفترتين، صباحي ومسائي، والمعلومات تقول إن النزوح من مدارس القطاع الخاص للعام مستمرة، فما يقارب 16 ألفا انتقلوا، والمدارس تشكو الوضع حتى أن هناك أكثر من 18 ألفا على قوائم الاحتياط.

المشكلة أن منظومة التعليم تتوسع، والمتطلبات لتطويرها تتزايد، ورغم ذلك فإن الإنفاق الحكومي على التعليم تراجع، وهذا خلل فادح في ترتيب أولويات الإنفاق في الدولة، وإذا لم يعمل النظام السياسي على حل هذه المعضلة، فإن الإخفاق سيلاحق أي رئيس وزراء، أو وزير في هذا الملف، ولا يمكن أن نتحدث عن جودة التعليم في ظل نقص الإمكانات، وما ينطبق على التعليم العمومي في المدارس، يقترب ذات الحال في الجامعات.

وزير التربية والتعليم ووزير التعليم العالي اعترف خلال استضافتي له في المنتدى الإعلامي التابع لمركز حماية وحرية الصحفيين بتراجع الإنفاق على التعليم إذا ما قورن قبل عقود قليلة، وكل الذرائع والمبررات التي تُساق غير مقبولة، فلا يوجد أهم من التعليم، والصحة، والنقل العام لأي مجتمع، وأكيد الأردن ليس استثناء.

نريد تطوير جودة التعليم، ولكن كيف نفعل، ونحقق ذلك، إذا لم نغير بشكل جذري واقع الرواتب للمعلمين والمعلمات؟، كيف نصنع التغيير، إذا لم نحدث انقلابا في البيئة الصفية، فلا يمكن أن يتحقق الأمر وعشرات الطلبة يتكدسون في غرفة صفية غير ملائمة، بل مدرسة من الأساس لا تصلح، وقس على ذلك كل التفاصيل، مثل مدارس لا توفر التدفئة في برد قارس، أو التكييف في حر قائظ؟

أساسيات مطلوبة قبل أن ندخل في جدل المناهج، والتعليم التلقيني، والمعلمين والمعلمات الذين يحتاجون إلى تدريب مكثف حتى يمكن أن يلعبوا دورا في بناء جيل يفكر، ويبدع، وقادر على امتلاك مهارات الحياة، ومهيأ للعمل، والإنتاج، والمساهمة في تحقيق التنمية المستدامة، لا أن يُضاف لسجل البطالة، أو البطالة المقنعة.

خطوة إيجابية تقليص القبول في ما يسمى التخصصات المشبعة في الجامعات، ولكن هذا لن يحل المشكلة، وستخرج الجامعات عشرات الآلاف سنويا الذين لن يجدوا عملا، هذا إذا افترضنا أنهم مؤهلون فعلا لممارسة العمل، والحكاية التي نجتر الحديث بها دون خطوات حاسمة، متى نوقف تدفق الطلبة والطالبات أمام الالتحاق في تخصصات أكاديمية لا يحتاجها السوق؟

أعتقد أن جزءا من الأزمة هي تجارة التعليم التي غزت البلاد منذ بداية التسعينيات في الجامعات والمدارس، وتواطأت الحكومات مع هذا النهج، ولم ترشده.

نتحدث عن أهمية التعليم التقني، والفني الذي يحتاجه المجتمع، ونتناسى أن أهم الفنيين المهرة كانوا في الأردن حتى الثمانينيات، ونتجاهل دور معاهد البولتكنيك التي كان لها فضل في رفد السوق بهؤلاء «الصنايعية» الذين ما زلنا نتغنى بجودة عملهم، وكفاءتهم.

الوصفة نعرفها جيدا، والمسار كنا نتبعه، قبل أن نضل الطريق، ويستحوذ على القرار أصحاب المصالح، فنتعثر، ونتراجع، ولم نعد البلد الذي يصدر للعالم العربي أهم الكفاءات، بل نصبح في وضع حرج، والحقيقة التي لم مفر من الاعتراف بها أن التعليم العمومي في بلادنا بات في خطر!