الجمعة 26-04-2024
الوكيل الاخباري
 

التغییرات الأمنیة وتحصین الجبهة الداخلیة




تتوالى التحلیلات عن الأسباب التي ادت للتغییرات الأمنیة الأخیرة، وتركز بشكل خاص على مفردات وأسباب غیر مسبوقة ساقھا جلالة الملك في رسالتھ لعطوفة مدیر المخابرات الجدید. اضافة اعلان


ولئن درجت العادة في الرسائل الملكیة ان ترسل إشارات ضمنیة دون الإفصاح المباشر عن الدوافع التي ادت للتغییر، فلا بد من التوقف عند بعض المفردات التي وردت في خطاب جلالة الملك.

من الواضح ان جلالة الملك كان مستاء من ”عناصر قلیلة في المخابرات مارست استغلال الوظیفة و“قدمت المصالح الخاصة على الصالح العام“، بل واوحت الرسالة انھ لم یتم التمسك ”بمرتكزات الدستور“.  وان لم تعرف الرسالة ھذه المرتكزات، فیفترض ان تكون واضحة للجمیع من ناحیة تعریف دور المؤسسات التنفیذیة والتشریعیة والقضائیة.

رسالة جلالة الملك واضحة من ناحیة التمسك بمرتكزات الدستور كافة، والإیحاء بان ھناك من سمح لنفسھ داخل السلطة التنفیذیة بالقفز فوق مؤسسات الدولة. وقد أشار جلالة الملك انھ بالنسبة لھذا النفر القلیل، فقد تم ”التعامل الفوري في حینھ وتصویبھ“ مع ھذه الفئة.

في الرسالة الملكیة إشارات مھمة عدیدة من ان المسؤولیة تتلازم مع المساءلة، مع التشدید على العمل ”لضمان صون حقوق وكرامة المواطن وحمایتھا لأننا نفخر في الأردن دوما، بأننا دولة مؤسسات ودولة قانون، كان وسیبقى الاستمساك فیھا بالدستور والقانون، واحترامھما مصدرا أساسیا لاستقرار بلدنا ومنعتھ“.

ھذا كلام یجب ان یفتخر بھ كل اردني، كما في توجیھ جلالة الملك لمدیر المخابرات الجدید ”لإرساء بیئة محفزة وممكنة تقودنا إلى تعزیز وتدعیم مرتكزات الدولة الحدیثة الأمر الذي من شأنھ بالنتیجة أن یدعم الاقتصاد الوطني ویوجد حلولاً لمعالجة البطالة وتوفیر متطلبات العیش الكریم لشبابنا الغالي

“. لیس ھناك افضل من تعریف الدولة الحدیثة من الأوراق النقاشیة لجلالة الملك من ناحیة بناء نظام من الفصل والتوازن وضمان عدم تغول سلطة على اخرى وارساء للتعددیة بكامل اوجھھ  ولحریة الرأي والتعبیر. لقد ظھرت بعض التحلیلات التي توحي بان ھذه التغییرات قد تكون مقدمة لتشدید القبضة الأمنیة، وانا لا ارى ذلك إطلاقا.

ان المفردات المستعملة، بما في ذلك عبارة الامن السیاسي، توحي بان ھناك إرادة سیاسیة على اعلى المستویات بانتھاج سیاسة اكثر انفتاحا تؤسس لدولة حدیثة لا تتغول فیھا سلطة على اخرى ولا یتم فیھا العبث بالمرتكزات الدستوریة. ْ

 لا بد من ربط ھذه التغییرات بالتحدیات التي یتعرض لھا الاردن خارجیا وتحدیدا من الولایات المتحدة واسرائیل فیما یتعلق بتداعیات صفقة القرن ودعم الإدارة الأمیركیة الواضح ضد إنھاء الاحتلال الإسرائیلي وإقامة الدولة الفلسطینیة، وما یشكلھ ذلك من خطر على الأمن القومي الأردني.

كما لا بد من ربطھا بالتحدیات الداخلیة المتمثلة في الوضع الاقتصادي والانغلاق السیاسي الذي شھدناه من بعض ضعفاء النفوس في الحقبة الماضیة والذي لم یرتق الى رؤى جلالة الملك، ما جعل الأوراق النقاشیة في جھة وسلوكیات بعض عناصر السلطة التنفیذیة في جھة اخرى، وھو ما شكل مفارقة عجیبة كان لا بد لتدخل ملكي من اجل معالجتھا.

الأمل كبیر أن یؤشر كل ذلك للبدء إلى انفتاح سیاسي داخلي یحصن الجبھة الداخلیة ویتیح وقوف كل القوى السیاسیة وراء جلالة الملك في مواجھة أي ضغوط مباشرة اوغیر مباشرة قد یتعرض لھا الأردن.

ان لقاء جلالة الملك بالإخوان المسلمین مؤخرا مؤشر جید على مثل ھذا الانفتاح الداخلي، ومن المرجح ان یتبع ذلك لقاء جلالتھ بجمیع الفعالیات التي لھا آراء متعددة في مواضیع الاصلاح السیاسي والاقتصادي والاجتماعي. وتحیة لجلالة الملك.