الثلاثاء 16-04-2024
الوكيل الاخباري
 

الفلسطينيون في ورشة البحرين




لا شيء ینقص الفلسطینیین للتمتع بحیاة سعیدة سوى لعب كرة القدم وانتاج أعمال سینمائیة تسرد قصص نجاحھم. ھذا ھو الاكتشاف المثیر الذي وصلت إلیھ ورشة البحرین للسلام والازدھار التي اختتمت أعمالھا في المنامة یوم أمس.اضافة اعلان


في افتتاح الورشة قدم السید جارید كوشنیر عرضا زاھیا لحال الضفة الغربیة وقطاع غزة بعد قیام السلام الاقتصادي. خریطة حالمة بدت وكأنھا قطعة من سویسرا. ملیارات من دول الخلیج العربي ننثرھا في فلسطین ودول الجوار، فلا یعود ھناك حاجة لدولة فلسطینیة ولا حل الدولتین.

مرة أخرى یؤكد كوشنیر وفریقھ جھلھم بتاریخ المنطقة، إذ یصورون الشعب الفلسطیني وكأنھ بلا تاریخ أو سردیة حضاریة في الثقافة والفن والتراث.

على مدار عقود صراع الھویة بین الشعب الفلسطیني وكیان الاحتلال الإسرائیلي، قدم الفلسطینیون أرفع الأدباء والشعراء والمفكرین، وأضافوا للإنسانیة محتوى ثریا في المجالات كافة. في المسرح والسینما والفنون التشكیلیة برع فلسطینیون في الداخل والشتات. حتى في كرة القدم سجل المنتخب الفلسطیني حضورا شجاعا في مشاركاتھ الخارجیة، ولمعت أسماء لاعبین فلسطینیین في دول المھجر. دائما ما یحسد العرب أقرانھم الفلسطینیین على مثابرتھم في العمل والإبداع، وتمیزھم رغم التشرد وقلة الموارد.

كانت محاولة بائسة من المتحدثین في تلك الجلسة لتصویر الشخصیة الفلسطینیة والعربیة عموما على أنھا شخصیة لاتجید غیر إنتاج العنف والكراھیة وتستسلم للبؤس. لقد كان رد الفلسطینیین دائما على محاولات طمس الھویة وتشویھ الشخصیة الفلسطینیة، ھو بمزید من الانتاج الأدبي والفني الذي یمجد قیم الإنسانیة رغم الظلم التاریخي الذي لحق بھم، تماما بعكس المحتوى الصھیوني الذي دأب على تصویر الآخر الھمجي، وتقدیم دور الضحیة بشكل أناني یحتقر قیم الإنسانیة والمنطوي على ذاتھ الشریرة.

بسذاجة بالغة وخطیرة یود السید كوشنیر أن صراع الھویة والحق الفلسطیني السیادة والكرامة والحریة یمكن تسویتھ بمباراة كرة قدم أو بفیلم مشترك فلسطیني إسرائیلي. وثمة عرض اكبر من ذلك؛ ملیون فرصة عمل نخلقھا لشعوب المنطقة على مدار عشر سنوات! 

بدا المشھد في المنامة وكأننا في مول تجاري نجري سحبا على جوائز ”قیمة“ لیطیر فیھا الفلسطینیون الرابحون فرحا، ولا یعودوا یتذكرون أوجاعھم تحت الاحتلال، وأسراھم في السجون، وكرامتھم المھدورة یومیا على الحواجز، وحیاتھم البائسة في ظل الحصار، وینسوا كذلك أرضھم التي یسرقھا الاحتلال كل یوم.

بصراحة الورشة مسخرة، تذكرنا بمساخر مشابھة لمؤتمرات ومنتدیات حاول منظموھا الالتفاف على حقائق الصراع وشروط الحل العادل وخداع الفلسطینیین والعرب بمكاسب اقتصادیة على حساب الحقوق السیاسیة. جمیعھا فشلت، وورشة البحرین ستلقى نفس المصیر، إذا لم تبادر الإدارة الأمیركیة لتقدیم عرض سیاسي منصف وعادل یلحظ الشق السیاسي والحق الفلسطیني.

الأشھر المقبلة حافلة بالتطورات والأحداث بانتظار ما ستسفر عنھ نتائج الانتخابات الإسرائیلیة، واقتراب موسم الانتخابات الرئاسیة في الولایات المتحدة، وإلى ذلك الحین سننتظر أیضا مصیر المھزلة التي یدیرھا كوشنیر.