الجمعة 26-04-2024
الوكيل الاخباري
 

الوطنيّة..




الوطنية كلمة كبيرة ذات دلالات عميقة، إطارها العام متركز في التزمات أخلاقيّة قيميّة، وقانونيّة دستوريّة، وهي ليست شعاراً نلبسه للناس وننزعه متى أردنا، نصنفهم هذا وطني وذاك ليس وطنياً. اضافة اعلان


المعارض كما المؤيد، وطنيان لكنهما يختلفان على تقدير الأفضل، شكلاً وجوهراً، وكيفيّة الوصول إلى هذا الأفضل، بمعنى أن معارضتك لا تنتقص من وطنيّتك.

ذلك لأن الوطنيّة مسألة أعمق بكثير من تصنيفات معلبة، تتجاوز مفهوم المعارضة والتأييد، وإن كانت القاعدة الديمقراطيّة أن لا معارضة دائمة ولا تأييد دائماً.

الأصل في معارضتنا وتأييدنا؛ أن يرتبطا بقضية وموقف، نتبادل فيه المواقع من المعارضة إلى التأييد أو العكس حسب طبيعة القضية والموقف من أيّ شأن.

في إطار ذلك تبقى الوطنيّة المتحكم والأساس، أو يجب أن تكون، حيال ما نبدي من آراء وما نتخذ من مواقف، فالوطنيّة تعني أن تأخذ موقفاً وتقول رأياً دون أن تهزّ وطنك، أو تضعفه، أو تجعله هشاً.

والقيمة الوطنيّة الأهم، أو من بين تلك الأهم، ألا نسمح لخصم أو متآمر أن يتسلل من بين خلافاتنا واختلافاتنا للنيل من وطننا والإساءة إليه، وهذه مسؤوليّة مشتركة بين الجميع، الرسمي والأهلي.

 الرسمي أكثر مسؤوليّة ومطلوب منه أن يكون شديد الحرص على عدم فتح ثغرات في جدار الوطن بقرارات وسياسات خاطئة، والأهلي مطلوب منه الموضوعيّة والمنطقيّة في ردود أفعاله وأسلوب التعبير، يقول رأيه ويأخذ موقفه بلا مبالغات وتشنجات، وأن يكون منصفاً في أحكامه.

هذا مدعاة لمراجعة فهمنا للوطنيّة ومعانيها وقيمها واشتراطاتها، وكيف نمارسها، وبأيّ أسلوب؛ نراجع معاييرها، وإطارها الأخلاقي والقيمي الحاكم لسلوكنا بشأنها. مثل ذلك، إن حدث، كفيل بترسيم العلاقات والمواقف وقواعد صياغتها، وطبيعة أنماطها، فالوطنيّة ليست كلمة جوفاء، بلا محددات وضوابط، وهي لا تقبل التأويل واجتراح التفسيرات.

إن التباس المفهوم، أو بالأصح تفسيرنا وفهمنا له، جعله خارجاً عن سياقه، ومخالفاً لمضامينه ومعاييره، لأننا نطوعه كما نشاء ونرغب، ونفسره بالطريقة التي تنسجم مع ما نريده منه، لهذا بات معتلاً ومختلاً وأجوف.

في الإجمال، ونحن نمرّ بواقع داخلي يتأثر عميقاً بصعوبات فرضتها المتغيّرات الإقليميّة والدوليّة، وما زالت، نحتاج أن نعلي من قيم وطنيتنا، وأن نبقي على اليقظة متقدة، فالمعارض كما المؤيد لديهما وعليهما كامل المسؤوليّة، لحفظ الوطن وتمكينه من الصمود وتفويت أيّ فرصة على المتربصين والمتحفزين للتلاعب به.