الخميس 28-03-2024
الوكيل الاخباري
 

حتى لا يكون طلابنا ضحية للفيروس



معاناة طلاب المدارس جراء أزمة كورونا هي الأشد وطأة والأكثر كلفة على المجتمع. الخسائر الاقتصادية يمكن تعويضها مع مرور الوقت، لكن كيف نعيد لجيل من التلاميذ سنة تعليمية خسروها من أعمارهم؟!

اضافة اعلان


أشكال المعاناة متنوعة ومتداخلة، بالنسبة لفئات واسعة من الطلاب، خاصة في المدارس الحكومية، ثمة صعوبات في الحصول على قدر وافر من التعليم الجيد، لاعتبارات كثيرة، وفيما يخص الفقراء من بينهم، يكمن التحدي في توفير أجهزة حاسوب لتلقي التعليم عن بعد، ناهيك عن عدم توفر التغطية لشبكات الإنترنت والكهرباء.

ومع النقص الحاد في أجهزة الكمبيوتر في الأسواق جراء الطلب العالمي المرتفع، وتراجع الإمدادات، لم تتمكن آلاف العائلات من تأمين حاجة أطفالها من الأجهزة، إضافة إلى عدم قدرتهم أصلا على توفير أثمانها التي تضاعفت أسعارها حال توفرها.
الحكومة السابقة كانت قد أطلقت مبادرة لتوفير 300 ألف جهاز حاسوب للطلبة الفقراء في عموم المملكة، لكن الإجراءات البيروقراطية والتأخر في اتخاذ الخطوات المطلوبة في وقت مبكر، سيؤخر توريدها إلى نهاية العام كما هو مرجح.
هذا يعني ببساطة حرمان هؤلاء الطلبة من حقهم في التعليم، وتعميق الفجوة المعرفية بين الأجيال، وبهذه الحالة فإن أبناء الفقراء يدفعون الثمن قبل غيرهم.

يتعين التفكير بمقاربة أكثر جراءة لمواجهة الموقف تمنح التعليم أولوية على سواها من القطاعات، وتضمن عودة الطلاب إلى مدارس ولو بشكل متدرج وبالتناوب كما فعلنا بداية الموسم. أما القول إنه لا خيار عن التعليم عن بعد في هذه الظروف، وإلقاء العبء على أهالي الطلبة الذين يعانون مثل أولادهم مسؤوليات ليست من اختصاصهم فيندرج في سياق التنصل من الواجبات المنصوص عليها في الدستور.

وهناك فصل مهم من مشكلات التعليم عن بعد ينبغي إدراكها، بعد أن اضطرت الأمهات في البيوت إلى التوقف عن ممارسة أي واجبات وظيفية أو منزلية والتفرغ لمتابعة الأبناء الطلاب طوال اليوم.

الأولوية للتعليم دون سواه، هذا ما يجب النظر إليه بمسؤولية. قبل يومين قررت إيرلندا فرض تدابير صارمة على جميع القطاعات لمدة ستة أسابيع للحد من انتشار الفيروس، ومنع التجول وملازمة البيوت إلا في حالات محدودة وإغلاق المؤسسات والشركات باستثناء متاجر الغذاء، لكنها في الوقت نفسه أبقت المدارس مفتوحة. وفي تعليقه على قرار إبقاء المدارس مفتوحة قال رئيس الوزراء مايكل مارتن “لأننا لن نسمح بأن يقع مستقبل أولادنا وشبابنا ضحية جديدة للمرض”. تجدر الإشار هنا إلى أن إيرلندا سجلت نحو ألف إصابة فقط يوم الاثنين الماضي وهي في الوقت نفسه لم تسجل وفيات جديدة.

إن الإجراءات المبالغ فيها حيال المدارس التي اتخذت بداية الفصل الدراسي ينبغي مراجعتها، فليس معقولا إغلاق مدرسة بكاملها لأسبوعين لمجرد تسجيل إصابة واحدة. لماذا لا يطبق البروتوكول نفسه المتبع في المؤسسات الحكومية والشركات والذي يقضي بتعليق العمل يومين وتعقيم المبنى، ثم عودة الموظفين لأعمالهم. يمكن فعل الشيء ذاته مع المدارس، واستئناف العملية التعليمية المباشرة في أسرع وقت لتعويض الطلاب عمّا فاتهم من نقص معرفي طوال السنة الحالية.