السبت 27-04-2024
الوكيل الاخباري
 

دروس من الجائحة



مع تراجع حدة كورونا وتداعياتها المباشرة على الاقتصاد الوطنيّ، فإن الحكومة مدعوة لتقييم ما تعرضت له المملكة خلال العامين الماضيين.اضافة اعلان

فكما كان هناك آثار سلبية مباشرة وغير مباشرة على الاقتصاد كما تناولتها في هذه الزاوية في أكثر من مقال، فإن هناك نتائج ايجابية ظهرت خلال الجائحة يمكن البناء عليها في دعم وتعزيز الاستقرار الاقتصاديّ للدولة، وما يهمنا هو كيفية توظيف الحالة الإيجابية النسبية التي ظهرت للبناء عليها وضمان استمراريتها بشكلٍ دائم.
في الازمة حظي المناخ الوطني بحضور لافت في الاسواق المحلية وكانت فرصة اعلامية مهمة للمواطن للتعرف على المنتجات المحلية في مختلف القطاعات نتيجة الاغلاقات وتراجع الاستيراد، فكانت الاسواق ممتلئة بشتى البضائع خاصة من الغذائية والكيماوية من معقمات وغيرها، لا بل كانت سفير الأردن لمعظم دول العالم الذي تستورد هذه السلع من الأردن في هذه الفترة الصعبة، وهذا ما يجعل الحكومة ان تضع نصب اعينها بأن دعم القطاع الصناعة هو أولوية اقتصادية تنموية على رأس أولويات التحفيز والنهوض الاقتصادي والوصول الى دولة الانتاج الحقيقي، فلا يمكن ان تصلها تنمية طالما بقيت الحكومة تشجع المستوردات ولا تعطي أفضلية تحفيزية لنمو القطاع الصناعي، فالأولوية للصناعة الوطنية، وليس المقصود دعمها بالمال، وانما بتوفير مناخ عمل لها قادر على التوسع مع حزمة متكاملة من الاجراءات والمشروعات في انشطتها لكي تضمن توسعها وزيادة انتاجها، هنا ستتعزز مفاهيم الامن الانتاجي بشكله الحقيقي وليس فقط بالتنظير.
جائحة كورونا اعطت الحكومة درسا كبيرا في عملية توحيد الموقف تجاه القضايا المزمنة والتحديات الخطيرة التي تحيط بالمملكة وعلى رأسها البطالة، فقد كان هناك إجماع واضح من كل مؤسسات الدولة بشقيها العام والخاص على ضرورة التصدي لهذا الخطر الحتمي على امن واستقرار المجتمع، من خلال التدخل الايجابي الذي قامت به الحكومة ومؤسساتها بالتعاون مع القطاع الخاص في المحافظة على العاملين في الدولة وعدم اللجوء لعمليات إعادة الهيكلة القسرية التي كانت حتما ستحدث لولا التدخل الحكومي الإيجابي في مواجهة هذا التحدي مثل مبادرات البنك المركزي وبرامج استدامة بأشكالها المختلفة، والتزام الحكومة بدفع كافة الرواتب والالتزامات الداخلية في اوقات الحظر الشامل وغيرها من فترات الاغلاقات، كلها حافظت على استمرارية المنشآت وبالتالي الحفاظ على الموظفين والعاملين فيها.
القطاع الزراعي في ظل الازمة كان احد اهم القطاعات الرئيسية لاستقرار الأمن المعيشي للمواطنين، فلم تنقطع امدادات الزراعة من مختلف الاصناف في الاسواق المحلية والخارجية معا، وكانت تلبي كل احتياجات المستهلك، وبأسعار مناسبة وجودة عالية، وهذا يدفع الخامات النامية للاستفادة من تجربة تعزيز الامن الغذائي بمزيد من الدعم الاستثنائي لقطاع الزراعة حتى لو تحملت الخزينة جزءا من الدعم، لانه لا أمن معيشيا مستقرا دون اللجوء الى سياسات زراعية تتجه نحو الاعتماد على الذات خاصة في السلع الرئيسية مثل الحبوب.
وهنا يقودنا الامر ايضا لتعزيز التنسيق والتعاون مع الشركات الكبرى المصنعة للأسمدة مثل الفوسفات والبوتاس، وتوفير كل السبل الضرورية لتوسيع انشطتهما وزيادة انتاجهما، لأنهما سيلعبان دورا رئيسيا في تعزيز الأمن الغذائي عالميا، وبالتالي لا بد من الاستفادة قدر الامكان من امكانيات تلك الشركات في رفد توسيع الرقعة الزراعية في المملكة.
خلال ازمة الجائحة لعبت الملكية الناقل الوطني دورا مهما في تزويد المملكة باحتياجاتها الاساسية من الخارج اضافة الى نقل الأردنيين من الخارج للوطن، وهذا ما يجعلنا نتفهم الدور الاستراتيجي الذي دائما تلعبه الملكية في مختلف الظروف والتحديات وهو ما يتعين على الدوام دعمها وتعزيز حضورها.
صحيح ان الجائحة انتهت آثارها المباشرة على الاقتصاد الوطني لكن الآثار غير المباشرة ما تزال تلقي بظلالها، وهو ما يحتم على الحكومة ان تواصل مسألة توظيف ايجابيات الكورونا التي ظهرت بتعزيز الاصلاح الاقتصاديّ بالاعتماد أكثر وأكثر على الذات.