الخميس 28-03-2024
الوكيل الاخباري
 

د. محمد حسين المومني منذ 18 ساعة



لا يحتاج المرء لكثير من التحليل لمعرفة ما الدول الراغبة وصاحبة المصلحة، وتمتلك القدرات ايضا، على شن عمليات وهجمات في الداخل الايراني. عديد من الدول قد تكون تساعدت في ذلك، لمصلحتها الواضحة بالهجوم على ايران، لكنها قد لا تعلن عن ادوارها لاسباب امنية وسياسية. كان الهجوم الاخير باغتيال القائد العلمي للبرنامج النووي الايراني ذا دلالات استخباراتية واستراتيجية كبيرة، يقترب نوعيا من الهجوم على قاسم سليماني. كلا الهجومين يدللان على اختراق استخباراتي للداخل الايراني، تجاوز المنظومة الامنية الايرانية التي تعدها ايران قوية غير قابلة للانكسار، وبهذا فالهجوم تجاوز الهدف المباشر الى ما هو ابعد، فقد استهدف احد اهم عوامل النهوض بالمعنويات الوطنية في ايران، التي تعد مكانة الاجهزة الامنية جزءا اصيلا منه وتعد خارج حسابات النقد الوطني وعاملا تكاتف سياسيا. هذا الهجوم ليس الاول، فقد سبق بعديد من التفجيرات على منشآات ايرانية واضح ان ايد خارجية تقف خلفها.اضافة اعلان


دلالة الهجمات المختلفة استراتيجيا ان ثمة قرارا من عدة عواصم بنقل المعركة للداخل الايراني، وعدم الاكتفاء بالمناوشة مع اذرع ايران الاقليمية العديدة، واذاقة ايران شيئا من طعم القلاقل التي لا تنفك تبثها. هذا نقاش قديم فحواه ضرورة عدم الاكتفاء بإطفاء حرائق ايران في الاقليم من خلال مواجهة اذرعها الممتدة بعدة عواصم شرق اوسطية، ولا بد من التعامل مع رأس هذه الاذرع وعقلها ومحركها وممولها، وهو طهران، ودون ذلك فستبقى القلاقل بالانتشار، وستستمر ايران بتصدير اللااستقرار في دول الشرق الاوسط بحثا عن مكانة الهيمنة على الاقليم وتصدير ثورتها الدينية السياسية.

لا تمتلك ايران العديد من خيارات المواجهة والرد، خاصة مع اقتراب نهاية حقبة ترامب الذي يتوقع ان يواجه اي رد فعل لايران بقوة كبيرة بحثا عن ارث وترسيخ لقوته كرئيس. حتى عندما يأتي بايدن، فهامش الرد من قبل ايران ايضا قليل لانها ستحاول استمالته من جهة، ولان عناصر الردع الاقليمية بوجه ايران مستمرة لن ينتقص منها بايدن شيئا. ايران قد تلجأ لاثارة القلاقل بالممرات المائية بالخليج العربي لزعزعة انسياب النفط والتأثير في الاقتصاد العالمي، ولكنها تعلم ان هذا سيؤثر في الاستقرار الاقليمي والدولي ولن يذهب دون عقاب، فالعالم والاقليم سيكون متحفزا للرد.

ستستمر حروب الاستخبارات في المنطقة، وستدفع ثمنها الشعوب التي ترنو للاستقرار. نقل المعركة للداخل الايراني بات ينظر له كعامل رئيس لتخفيف تدخلات ايران في الاقليم، وقد وقفت ضده بعض الدول الاوروبية عبر سنين من الزمن، لانها تعتقد انه يضعف الاصلاحيين الايرانيين من احداث التغيير المطلوب داخل ايران، فيما ينظر آخرون لتلك المقاربة بوصفها خطيرة وفيها كثير من السطحية، اذ رات بالفعل ان هناك اصلاحيين مناهضين للمتشددين في ايران، وهذا كلام غير صحيح، فالاصلاحيون ليسوا اقل تشددا الا بالهوامش، ويقومون بدور مسرحي سياسي يوافق عليه ويقبله المتشددون.