الثلاثاء 23-04-2024
الوكيل الاخباري
 

عقد التحديث السياسي



نحتاج عقدا من الزمن كي تتم عملية تحديث المنظومة السياسية، بعد أن تمر في مراحل عديدة من التهيئة لبيئة سياسية خصبة إذا ما انخرط طلبة الجامعات من الآن في الأحزاب السياسية الناشئة، وفق المعايير والمبادئ التي حددها قانون الأحزاب، وقانون الانتخاب الجديدين، فالشباب الجامعي الذين هم على مقاعد الدراسة في السنة الأولى أو الأخيرة سيصبحون بعد عشر سنوات مواطنين تأسسوا على مفاهيم جديدة لكيفية ممارسة دورهم في الحياة العامة من جهة، ودورهم في العملية السياسية، والمشاركة في صنع القرار من جهة ثانية، على أن جميعهم يستطيعون ممارسة حق الانتخاب، وكثيرا منهم يستطيعون الترشح للنيابة، طبقا لقانون الانتخاب الجديد!اضافة اعلان


يظن كثيرون أن الحيوية القائمة في هذه المرحلة لتشكيل الأحزاب الجديدة أو إعادة تشكيل أحزاب قائمة من قبل هي البداية والنهاية، وأنه عندما يحل موعد الانتخابات النيابية المقبلة ستواجه كل تلك الأحزاب اختبارا حقيقيا لمدى قدرتها على الاستجابة لمتطلبات المرحلة القادمة التي يفترض أن تتيح الفرصة أمامها لكي تحصل على المقاعد المخصصة لها في المجلس النيابي العشرين، وبناء على ذلك يمكن الحكم على التجربة الجديدة في الحياة السياسية الأردنية!

نـحن أمام عملية تقوم أساسا على المرحلية أو التتابعية، تبدأ من التشريعات والقوانين مرورا بتهيئة بيئة سياسية مناسبة، قادرة على احتضان تلك الحيوية التي تتنامى من عام لآخر، وتتزايد بقدر ما يدرك المواطنون أهميتها، وانعكاسها على الدولة ومجتمعها وقطاعاتها ومؤسساتها المختلفة، خاصة عندما ترتقي الأحزاب ببرامجها الاقتصادية والاجتماعية والإدارية إلى العقلانية المنضبطة في إطار القانون، والتمسك بالوطنية الصادقة والفاعلة.

حين التقى جلالة الملك عبدالله الثاني ابن الحسين، وسمو ولي العهد الأمير الحسين بن عبدالله مع عدد من رؤساء الجامعات الأردنية شدد جلالته على أهمية توفير بيئة جامعية ايجابية تساهم في عملية التحديث السياسي، وفي ذلك تأكيد على أن تلك العملية لا بد أن تؤسس على أرضية تعليمية، من خلال الكتب المدرسية للصفين العاشر والحادي عشر، والمساقات الجامعية من السنة الأولى، تلك الكتب والمساقات التي تعكف وزارتا التربية والتعليم، والتعليم العالي والبحث العلمي على وضعها حاليا لتكون جاهزة مع العام الدراسي الجديد، وفقا لما ذكره الأستاذ الدكتور وجيه عويس.

وبالطبع يضع جلالة الملك خريطة طريق لتنظيم الأنشطة الحزبية في الجامعات، والعمل المؤسسي لضمان مشاركة الشباب الجامعي في الحياة السياسية، جنبا إلى جنب مع مواكبة التطور التكنولوجي، لإعداد جيل متميز وقادر على الاستفادة من الفرص المتاحة في سوق العمل، ويضيف سمو ولي العهد من ناحيته إشارات على تلك الخريطة من منطلق تفاعله المتواصل مع الشباب، فيدعو إلى تعزيز ثقافة الحوار لدى الطلبة، وتكريس العمل السياسي المبني على التنوع الفكري، إلى جانب تحسين نوعية مخرجات التعليم التقني والمهني.

هكذا تصبح عملية التحديث السياسي مرتبطة بعملية التطوير بجميع أبعادها، ويصبح الزمن كأنه شجرة تنمو لتثمر بعد عقد من الزمن، فإن كان قبل ذلك فخير وبركه!