الجمعة 19-04-2024
الوكيل الاخباري
 

هل أصبح تجديد الطبقة السياسية ضروريا؟




هل تستطيع طبقة الوضع “القائم” بناء ما يلزم من مداميك وجسور، لتأمين عملية انتقال سياسي تضمن الوصول للوضع “القادم”، بصيغة أخرى، لدينا ثلاثة مشروعات تراهن عليها الدولة لرسم ملامح “مملكة” جديدة، التحديث السياسي والاقتصادي والإداري، فهل بوسع الذين يجلسون الآن، أو جلسوا سابقا، على مقاعد المسؤولية والقرار، أن يشكلوا روافع قادرة على اقناع الأردنيين بهذه المشروعات، ثم ضمان سيرورتها وتنفيذها، أم أنهم غير مؤهلين، وعاجزون عن ذلك؟اضافة اعلان


اترك الإجابة لاستنتاجات القراء الأعزاء، ثم استأذن بتسجيل خمس ملاحظات يمكن إدراجها في خانة “مساعدة صديق”، الأولى: ما فهمته من تصريحات مرجعيات سياسية أن الدولة حزمت قرارها بالدخول لمئوية ثانية مختلفة، من خلال تحديث منظوماتها السياسية والاقتصادية والإدارية، وأن انجاز هذه المشروعات، وما ستفرزه من وجوه جديدة، قد يحتاج لسنوات طويلة، قالوا أيضا: نتوقع وجود قوى داخل الدولة غير مقتنعة بهذه التحولات لأسباب عديدة، كما أن قوى بالمجتمع تعارضها.

الملاحظة الثانية: اقتصر دور الحكومة الحالية على إيصال مشروع التحديث السياسي للبرلمان، مع إضافة عدد من التعديلات الدستورية التي أثارت جدلا واسعا وسط فئات واسعة من الأردنيين، كما أنها حضرت كغيرها من الخبراء الـ 300 ورشات الإصلاح الاقتصادي التي نظمها الديوان الملكي، وحين شكلت لجنة تطوير القطاع العام، التي لم تر النور حتى الآن، اكتفت بعدد من الخبراء من خارج الإطار الرسمي، وتركت المهمة لوزرائها.

الملاحظة الثالثة: لم يكن حال البرلمان، بغرفتيه، أفضل من حال الحكومة، لا حيال المشروعات الثلاثة، ولا على صعيد الأداء العام وثقة الأردنيين به، وإذا افترضنا أن نحو ثلثي أعضائه يتكررون مع كل انتخاب أو مواسم تعيين، فإن أي رهان على قدرتهم حمل مشروعات الدولة، سواء من خلال الأحزاب التي يتسابقون لتشكيلها، أو من خلال إعادة ترشحهم كمستقلين، يبدو رهانا في غير محله.

الملاحظة الرابعة: على امتداد العقود الماضية تقلب على المواقع العليا للمسؤولية “مجموعة” من الأشخاص، بعضهم أخذ نصيبه من التجربة مرات عديدة، ولم يترك أي بصمة إنجاز، وبعضهم نزل بالبرشوت دون أي كفاءات تؤهله تولي المسؤولية، وبعضهم لا يؤمن أصلا بعملية التحديث السياسي والإصلاح، ويدفع باتجاه إبقاء الوضع على ما هو عليه، وفيما جرى تدوير العديد من هؤلاء وتوزيعهم على كل الشواغر الوظيفية، شهد البلد تراجعات مكشوفة بمعظم قطاعات إدارة الدولة، ولم نسمع أحدا اعترف بمسؤوليته عن ذلك، على الرغم أنهم يتقاسمون، بشكل أو بآخر، تلك المسؤولية.

الملاحظة الخامسة: يتزامن إطلاق المشروعات الثلاثة مع تنامي حالة الاستقطاب والاستعصاء وفقدان الثقة، كما يلوح بالأفق حراكات اجتماعية بمطالب ذات سقوف مرتفعة، بالمقابل لا يوجد لدى الدولة، كما يبدو، أي حلول جاهزة وجدية للمشكلة الاقتصادية التي تتعمق أكثر وأكثر، ما يستدعي التفكير باتجاه واحد يتعلق بإيجاد قنوات تصريف سياسي قادرة على استيعاب التركة الثقيلة، وإدارة ما أفرزته من أزمات، وصولا لمرحلة مختلفة وآمنة، هذه القنوات تحتاج لطبقة من الكفاءات الموثوق بها، بخطاب ومضامين مقنعة ومؤثرة أيضا.

الملاحظة السادسة: بموازاة المشروعات السابقة التي لم تأخذ ما يلزم من توافقات، سواء لدى النخب أو المجتمع، ربما نحتاج لمشروع إطاري أكبر وأعمق وأسرع تنفيذا، اقترح هنا إطلاق مشروع عنوانه” أخلاقيات الدولة الأردنية”، مهمته ترسيم العلاقة بين الدولة والمجتمع (على شاكلة ميثاق وطني)، تسانده مشروعات اقتصادية كبرى تكون قادرة على توظيف أكبر عدد من الشباب، هذا بالطبع يحتاج لإرادة سياسية أولا، ولروافع تحظى بثقة الأردنيين، وقرارات جريئة تطمئنهم أن ساعة التحول نحو الإصلاح دقت فعلا، ولا تراجع عنها أبدا.