ليس جديدا الذي قاله رئيس الوزراء الأسبق عبد الرؤوف الروابدة، حول طريقة تشكيل الحكومات في الأردن، وهي طريقة بائسة بكل ما تعنيه الكلمة.
في تصريحات إعلامية له قال الروابدة عن تجربته، وهو في الوقت ذاته يروي تجارب غيره من رؤساء الحكومات في الأردن، إنه واجه مشكلة المحاصصة عند تشكيل حكومته، وسيواجه كل من يشكل الحكومة، هذه المشكلة، فهناك جهوية واقلية، وتمثيل لعمان من مختلف المنابت والأصول، ورئيس الوزراء لا يملك حرية الحركة الا بشأن خمسة أو ستة أسماء.
هذه المكاشفة على صحتها، لم تأت لنا بالدواء من جهة ثانية، وقد جربت عمان الرسمية في إحدى الحكومات، ان تستثني إحدى المحافظات من وجود وزراء، فقامت الدنيا، ولم تقعد، واضطر الرئيس الموجود يومها، ان يجري تعديلا يدخل بموجبه وزراء ينتمون إلى محافظة محددة، من أجل اسكات أصوات الناقدين.
المحاصصة، تم تكريسها في حياتنا، ولا أحد يحاول ان يتجاوز قواعد المحاصصة، وقد نفهم هذه المحاصصة على أساس التمثيل البرلماني، كون النواب يمثلون دوائر ومناطق مختلفة، لكن لا يمكن لدولة تقول انها مدنية، وشعبها هو الأكثر تعليما في شرق المتوسط، ان تواصل اللجوء لوصفة الترضيات عند تشكيل الحكومات على أساس الدين، أو العرق، أو الأصل، أو المنطقة، ونحن في العام 2020، ، خصوصا، ان الحكومة جهاز تنفيذي يضع السياسات العامة، ويخطط لها، ويقوم بتنفيذها، ومن المفترض أن يتم تعيين الوزير على أساس الكفاءة، حتى لو جاء نصف عدد الوزراء من الكرك، مثلا، أو إربد، أو أي موقع آخر في الأردن، دون التقيد بقصة المحاصصة، التي تذكرني بتقطيع أضحية العيد وتوزيعها على الأهل والجيران.
لو كانت هناك نية حقيقية للإصلاح السياسي، لتم تعديل قانون الانتخاب أولا، بشكل يجعله مرضيا وعادلا، وبحيث يمثل الأردن بشكل صحيح، وهنا يمكن القول إن قصة التوزيعات الداخلية يتلخص حلها بقانون انتخابي عادل، يرضى عنه الكل، كون النواب يمثلون قواعدهم الانتخابية، ودوائرهم، ومناطقهم، اما مواصلة تشكيل الحكومات على أسس مختلفة، من بينها المحاصصة، فهو أمر يكرس التقسيمات الداخلية، وكأن الوزارة هنا، تمثيل لنفوذ شخصي، أو سياسي، أو عائلي، أو على أسس فرعية ثانية في هذه القصة.
تصريحات الروابدة أيضا التي أشار فيها إلى أن الرئيس لا يختار إلا خمسة أو ستة وزراء، صحيحة تماما، لان لكل جهة في البلد، كوتا وحصة، وهذه محاصصة من نوع آخر، محاصصة النفوذ السري، ولكل مؤسسة مهمة ترشيحاتها من الأسماء، أو اعتراضاتها على بعض الأسماء، إضافة إلى أن بعض رؤساء الحكومات في الأردن، كانوا يستشيرون شخصيات متنفذة في الأردن، من اجل ترضيتهم، وكف شرهم، عبر سؤالهم إذا ما كان لديهم ترشيحات، من اجل توزيرهم.
الذي لم يقله الروابدة صراحة، يتعلق بمحاصصة النفوذ، إذ ان كل أربعة أو خمسة وزراء قدموا على كشف جهة ما، أو ينسقون مع جهة ما، وعلى هذا يكون المشهد أمام أي رئيس حكومة معقدا جدا، فمجلس الوزراء مقسم داخليا إلى جزر تتمتع بالحكم الذاتي، وهناك جزر مستقلة تماما، وهناك جزر تائهة، لا تعرف لماذا جاءت ولماذا رحلت أيضا ؟.
لقد آن الأوان أن يتم فك لعنة المحاصصة عن تشكيل الحكومات في الأردن، وشخصيا، لا يهمني من اين جاء الوزير، وما هو أصله، ولا جذره، ولا منطقته، وكل ما يهمني إذا ما كان مؤهلا بحق، حتى لو تم تشكيل كل الحكومة من قرية واحدة، وعلينا ان نعترف هنا ان نقل قصة التمثيل السكاني، والكوتا، والحصص، من مجلس النواب إلى مجلس الوزراء، يعد أمرا مؤسفا بحق، لكنه يعكس أيضا، مع تدخل جهات عدة في طريقة تشكيل الحكومات، الخلل الأكبر في كل منهجية تشكيل الحكومات وبرامجها.
الروابدة لم يعترف متأخرا، هو بكل بساطة جاهر بالحقيقة التي نعرفها كلنا، ولا حل هنا، إلا تغيير طريقة تشكيل الحكومات، نحو حكومات قليلة العدد، على أساس البرنامج والكفاءة فقط.
-
أخبار متعلقة
-
لا يمكن هزيمة الكاتب (2-2) عبدالجبار أبو غربية نموذجاً ومُلهِماً !!
-
النمو الاقتصادي السعودي وفي الخليج العربي
-
اتهامات للأميريكيين في عمان
-
نحنحة
-
أسرى لكن برغبتهم ..!!.
-
لا يمكن هزيمة الكاتب (1 - 2) هشام عودة نموذجاً وملهِماً !!
-
إلى متى ستحتمل الضفة الغربية؟
-
اليوم عيدُ ميلادي