الأحد 2024-12-15 03:30 م
 

أكفان الإنتخابات

01:16 م

رائد علي العمايرة

استوقفني خبر تنقل بسرعة بين مانشيتات الصحف الاليكترونية والفضائيات الأردنية السريعة الجديدة يفيد بارتفاع أسعار قماش الأكفان أكثر من حوالي الضعفين بسبب الانتخابات إذ ان القماش المستخدم في يافطات المرشحين هو ذاته المستخدم في الأكفان ، ولا ادري فقد أحسست أن من صاغ الخبر الأصلي كان في نيته ما يريب فلماذا اختار (الأكفان )لتسمية القماش ولم يقل ارتفاع سعر قماش (اليافطات) ولأنني أحسن الظن استنطقت العنوان .

فلعله أراد أن ما من سلعةٍ شاردةٍ ولا واردةٍ الا وسيدركها الغلاء،وأن ما نسيته الحكومة من السلع أدركه المرشحون قبل ليلة زفاف المجلس إلى الحكومة -بعد العرس الانتخابي طبعا- لكي يطرح التزاوج بين الحكومة والنواب مودة ورحمة ،فيكون للنواب يداً يتوسلون بها إلى الحكومة، وعلى ذات (مواطن التجارب )الذي ألقته الحكومة جسداً ليس له خوار فيقدمون الولاء قبل الدخول بحرمانه من الكفن .

أليس من المفارقة إن يكون الاختيار المفضل لنشر وعود وشعارات المرشحين قماش الأكفان فهل أراد أن الشعارات والوعود تولد ميتة ؟؟أم أنها ليست مفارقة أصلا وإنما مقاربة لوجود العلاقة التكاملية بين الحكومة والنواب ، وأن ما يبذله المرشح من الجهد في إطلاق الشعارات والوعود وما يعانيه من الطلق الشديد لإخراجها ترافقه الخيبة دوما اوتلحق به عند الانتهاء من الولادة لعلمه الأكيد بأن المولود ميت لا محالة، وبأن الوعد او الشعار الذي لم يمت سيوضع في الخداج إن وَجَدَ له مكانا ، وإن نجا من بعد فسيموت قبل أن يتم الرَّضاع .

ليس غريبا أن يكون للموت حضور وفاعلية في الانتخابات ... فالمواطن الفقير وبعد أن تجهز الحكومة على كل متطلبات الحياة الكريمة لديه قبل الانتخابات! إن استراح بالموت ! فقبل دفنه يعتدي عليه النواب فيرفعون سعر الأكفان قبل ان يجلسوا على الكراسي ثم يُسْتَغَلُّ أيضا بعد دفنه فيوفر الاجتماع للعزاء مناخا للمرشحين لإظهار تعاطفهم خصوصا إن كانت عشيرة الميت بلا مرشح وتتضاعف طبعا تكاليف العزاء لكثرة المعزين، ثم يقوم الميت بالتصويت دون أن يدري على( مرشح) يعرفه أو لا يعرفه، وطبعا لا يؤخذ بالاعتبار إن كان قبل موته مقاطعا أو يائسا،أو كارها لذلك المرشح، .

هل سيفرزهذا الحدث حالة جديدة من الاحتجاج لدى من ينتظرون الموت،فنشهد اعتصامات لليائسين من الحياة أو من هم في النزاع ؟؟ وهل سيفكر من يُزْمِعون على الانتحار بما سيتكبده ذووهم بعد الانتحار،فلا يجمعون عليهم مأساة شراء الكفن بعد مأساة فقدهم إياهم؟؟ فيؤجلون انتحارهم لما بعد الانتخابات .

وهل سنشهد سرقات من نوع جديد مثلا كسرقات الأكفان ،فنرى في ملفات أصحاب الأسبقيات أسماء لجرائم جديدة بحكم التطور على وجه المثال (لص أكفان) أو (بلطجي مقابر) بعد أن استوعبت تسميات اللصوصية كل ما فوق الأرض أو هل سنشهد سرقات لليافطات لتكفين الموتى بها ؟؟ مع أنني لا أشجع على هذا النوع الأخير من السرقة، فلا أظن بأن ميتاً يرضى بأن يحمل إلى قبره كثيرا من الزُّور المنشور في اليافطات .

إقحام حافل للموت في مهرجان الانتخابات،فهلا أخذتم الحياة وتركتمونا نموت بسلام

اضافة اعلان

رائد علي العمايرة

[email protected]


 
gnews

أحدث الأخبار



 




الأكثر مشاهدة