الخميس 2024-12-12 09:48 م
 

إخوان الأردن .. وحديث لصحفي عربي

12:56 ص

يقول لي صديق صحفي من لبنان دوّنت ملاحظاته أمس :- (ثمة فارق جوهري بين حكم إسلامي ومجتمع إسلامي...ففي إيران مثلا الثورة كانت إسلامية ونجحت في تغيير بنية المجتمع بحيث انتقل من مجتمع مدني اشبه بالعلماني إلى مجتمع متدين..وفي أفغانستان كذلك ولكن في مصر هناك حكم إسلامي يريد أن يسير بنفس مسار الثورة الإسلامية في إيران ويريد أن يغير بنية المجتمع المصري بحيث يصبح حكما إسلاميا على مجتمع إسلامي.... وذلك هو جوهر الأزمة التونسية والمصرية تقليد للنموذج الإيراني في قلب المجتمع كاملا)...اضافة اعلان

يضيف صديقي الصحفي اللبناني أيضا :- (النموذج في الأردن مختلف تماما...ومتخبط أكثر مصر مثلا أفرزت نموذج المفكر الإسلامي في القيادة وتونس أفرزت راشد الغنوشي وهو بطبعه منظر ومفكر فالإسلام السياسي في هذه الدول أخذ منحى التنظير منحنى الأيدولوجيا في ظل وجود تيارات يسارية وليبرالية في المجتمع..بالمقابل الحركة الإسلامية في الأردن تنتج زعامات من منابر المساجد بمعنى اخر ولم تنتج في تاريخها مفكرا إسلاميا على مستوى العالم العربي...هل تستطيع أن تدلني على كتاب لحمزة منصور عن رؤيته للدولة المدنية؟ أو مثلا تحقيق لهمام سعيد عن الإسلام بين الدعوة والعمل السياسي...ربما الوحيد في الحركة الإسلامية الذي كان قريبا من النموذج المصري والتونسي هو الدكتور رحيل الغرايبة والذي قرر الإنسحاب ليس من أجل خلافات تنظيمية بل لان رؤيته السياسية وفكره الإسلامي أوسع بكثير من الخطاب الكلاسيكي المتقوقع).
بعد ذلك سألت صديقي اللبناني عن مستقبل الإسلام السياسي في العالم العربي فقال لي :-(الأحزاب الإسلامية نجحت في الوصول إلى السلطة وهي تسعى لأسلمة المجتمع تماما مثل النموذج الإيراني وهذا الأمر التقطه راشد الغنوشي في تونس لهذا فتح الباب واسعا للدعوة وللحركات السلفية..فهم يؤمنون أن نظاما إسلاميا لن ينجح في ظل إرث علماني لمجتمع متطور ومتقدم... ومصر الان تصب الحركة الإسلامية جهدها في الأرياف والمحافظات على الأنشطة الإجتماعية من اجل أسلمة المجتمع كاملا كي تضمن بقاء طويل الأمد في السلطة..وربما إغتيال بلعيد كان رسالة للمجتمع التونسي وليس لليسار التونسي في أن يقبل الأسلمة طوعا أو أن يتحمل أوزار الدم والصدام)...
ثم يضيف صديقي الصحفي قائلا :- (في الأردن الحركة الأسلامية لم تنتج مفكرا أو منظرا وكل ما أنتجتهم هم خطباء مساجد أو اساتذة متقاعدون لهذا...تكسرت تماما حين تخلت عن رحيل الغرايبة وهذا الشخص كان مهما جدا بحكم أنه قادر على تقديم تصور لمستقبل الحركة الإسلامية الأردنية ضمن محيطها العربي والأردني وقادر على أن يكون مرجعية مهمة لقادة الأخوان في مصرعن الحالة الأردنية..وقد تم تهميشه خوفا من صعوده على مستوى التنظيم عالميا وليس تعبيرا عن خلاف تنظيمي...فهو الوحيد من ضمن كل قادة الحركة في الأردن الذي يملك تصورا لدولة مدنية وهو متأثر بالنموذج التركي ويؤمن بالحوار مع السلطة وله إجتهادات مهمة وخطيرة)...
ثم يكمل صديقي الصحفي :- (الإسلاميون في الأردن لم يدركوا حقيقة مهمة وهي الخاص والعام..فمصر حالة عامة يؤسس عليها في الثورة وتونس كذلك ولكن الأردن له خصوصية تاريخية وسياسية تتمثل في أن نظامه الملكي لم يتورط بالدم أو السحل...بمعنى اخر هو نظام مرن متقدم في مسائل الحرية والكرامة , ولا يوجد مسببات إجتماعية كالتي حدثت في مصر وتونس تكون أرضية خصبة لتثوير الشارع...وبالتالي ضاع الخاص لحساب العام فالأخوان أخطأوا في الساحة الأردنية حين تناسوا تلك الخصوصية وظنوا أن الحالة المصرية والتونسية قابلة للإسقاط على الواقع الأردني).
ويكمل صديقي الصحفي :-.... (في تونس ومصر الأسلاميون اذكى من النظام السياسي وظفوا الحالة واستغلوها...ولكن في الأردن المؤسسات ذكية أكثر من الشارع..بحيث أنه البلد الوحيد الذي لم يسقط فيه دم ناهيك عن أنه البلد الوحيد أيضا الذي فتح سقوف التعبير فيه مباشرة...وتسامح في كسر الحواجز والأهم من كل ذلك...أنه لم ينجر لصدام أرادته الحركة الإسلامية...والأخطر أن الاردن يراقب تطور هذه الحركة من زاوية ارتياح وليس قلق لان الخطاب الكلاسيكي المتأخر ولأن ضعف قاعدة الفكرة التنويرية لقادة هذة الحركة يؤكد أن كل حراكهم هو موسمي قابل للزوال...وليس حراكا إستراتيجيا يؤسس للمستقبل..وأظن أن حزب الوسط الإسلامي ظهر كبديل مهم عن هذه الحركة بعد أن قدم خطابا تنويريا فكريا للإسلام خطابا معتدلا ومرنا ومتقدما وفي حالة حوار مع السلطة وليس صداما...الوسط الإسلامي إنتبه للنموذج الفكري في تونس وانتبه أيضا للنموذج المصري...لهذا ربح في هذا الجانب بالمقابل خسر الأخوان الدكتور رحيل الغرايبة الذي كان حالة تعوض عن النقص الموجود بهم...ولهذا – والحديث لصديقي اللبناني- أظن ان الحركة الإسلامية في الأردن قادمة على مرحلة الضمور والإنكماش والعودة للعمل الدعوي الإجتماعي....)..إنتهى حديثنا وقد وعدني صديقي الصحفي اللبناني أن نكمل في ليلة أخرى.


 
gnews

أحدث الأخبار



 




الأكثر مشاهدة