الأحد 2024-12-15 03:20 م
 

إيران: قبل أن يندم العرب مرة ثانية

07:31 ص

الوصفة المثالية لفشل حركة الاحتجاجات في إيران هي في إعلان إدارة ترامب دعمها ومساندتها. والأسوأ من ذلك الاعتقاد الساذج بأن الحركة الاحتجاجية يمكن أن تسقط النظام في طهران.

اضافة اعلان


وسائل الإعلام الغربية والعربية المناهضة لسياسات إيران تمارس نفس الأساليب التي اتبعتها مع دول عربية شهدت انتفاضات شعبية، وتحولت بفضل الرعاية الخارجية والشحن الإعلامي إلى مسرح لفوضى دامية ماتزال غارقة فيها حتى يومنا هذا.


ليس ممكنا تكرار سيناريو الربيع العربي في إيران أو سواها من دول المنطقة. ما انتهت إليه التجربة العربية لايغري شعوبا أخرى بالسير على خطاها، ولن يدفع الأنظمة للتنازل بالسهولة المتوقعة.


إيران دولة كبرى ينطبق عليها وبدقة وصف الدولة العميقة بمؤسساتها الدينية والعسكرية والسياسية لن تنهار أمام حركة احتجاج اجتماعي مهما كانت مبرراتها وأهدافها مشروعة.


تعاني الدولة الإيرانية من مشاكل عويصة كما هو حال دول نفطية وغير نفطية في المنطقة؛ حريات مصادرة وفساد بمعدلات عالية واقتصاد عانى طويلا من العقوبات، وبطالة مرتفعة. لكن بذات الوقت إيران دولة منتجة بمعنى الكلمة، تحوز على قطاع صناعي ضخم ومتطور، وإنتاج زراعي وفير، وثروات أهمها النفط يكفي لإنقاذ البلاد من أزمتها الاقتصادية.


وفي داخل مؤسسات الحكم ثمة قدر من الديمقراطية التي تسمح لنخب النظام وقاعدته الشعبية العريضة مداورة السلطة وفق نظام صارم يعتمد نموذجا خاصا للتعددية التي لا تنسجم بالضرورة مع التقاليد السائدة في الديمقراطيات العريقة.


لم يتغلب النظام الإيراني كثيرا في توصيف حركة الاحتجاج الأخيرة، فما إن أطلق ترامب تغريداته المؤيدة، حتى وجد أركان النظام وإعلامه وصفا لها؛ مؤامرة يدعمها أعداء إيران الخارجيين.


في ظل المناخ السائد في إيران والحملة الأميركية الإسرائيلية ضد نظامها، يسهل على الحكومة في طهران أن تحشد تيارا عريضا خلف موقفها، وتتحرك بقوة لقمع الاحتجاجات مهما بلغت الخسائر البشرية والمادية.


ومع أن حركة الاحتجاجات توسعت في الأيام الأخيرة وشملت مدنا عدة إلا أن المؤسسة الحاكمة في طهران التي توحدت حول نفسها لم تدفع بكامل قدراتها لاحتواء التظاهرات التي اتخذت هي الأخرى طابعا عنيفا سيُتّخذ مبررا من قبل السلطات لقمعها بقوة.


وعلى مستوى المنطقة العربية ينبغي توخي الحذر قبل التهليل لثورة ثانية في إيران. يمكن لحركة الاحتجاج أن تطلق مسارا إصلاحيا هناك، لكن توصيفها ودعمها كثورة، سيضر بأمن واستقرار المنطقة التي تعاني بما يكفي من ويلات الحروب.


ليس من مصلحة العرب أن تنشأ دولة فاشلة في جوارهم. جربنا ذلك في بلداننا العربية وقاسينا من النتائج المدمرة.
لقد دعم معظم العرب من قبل الثورة في إيران، لكنهم بعد زمن عضوا أصابعهم ندما، فلا تكرروا التجربة مرة أخرى لأن نتائج التغيير في إيران ليست مضمونة أبدا.


 
gnews

أحدث الأخبار



 




الأكثر مشاهدة