«ابو صلاح» الذي مات وأخذ معه «سرّ الحكاية»

ما اصعب «يوم الجمعة» حين يحمل اليك «صباحُه» نبأ وفاة عزيز عليك.
يقلبه الى يوم آخر..

تغدو حزينا من أول النهار الى آخر» العزاء»،حين تجد نفسك تردد مع المعزّين» الله يرحمه».

محمد خليل،الذي عرفناه منذ ربع قرن باسم وحيد»أبو صلاح».اختبأ في غرفته بمستشفى « الجامعة» وأخفى معه «سرّ الحكايات القديمة»،ونام بهدوء تام.

عرفتُه اول مرة في « الدورة الاولى لمهرجان الفحيص».كان يحمل حقيبته السوداء التي كنا نناكفه ونسمّيها «شنطة المطهّر». وكنا نحاول فتحها والعبث بها على امل ان نعرف ما تحتويه من « اسرار».

وكان يضحك ويشتمنا وهو يتنقّل من مكان الى مكان.كان مخلصا في عمله،وكنتُ اعتبره»دينمو» المهرجانات» الفحيص» وبعد ذلك «جرش».

كان يدخّن بشراهة غير عادية،وكان رغم انشغالاته،يجد متّسعا للشكوى وبثّ بعض الاسرار وهي «أوجاعه الخاصة». ومثل « الحكواتي» كان «يتوقف عن الكلام المُباح» عندما نقوده الى «منطقة معينة»،فيقهقه ويقول:» يا ولاد بدكم تورطوني»!

التقيته في العام الماضي،ليحدثني عن تجربته في مهرجان الفحيص،وكنتُ أعدّ كتابا بمناسبة مرور»25» سنة على المهرجان.

دلّني على «مكان»اسميته «الوكر»،كانت «شقة في شارع»خلفيّ ولا شيء يدل عليه.
مازحته:» بعدك بتمارس العمل السرّي»؟

وترافقنا في زيارة «اوكرانيا» مع وفد الاطباء الاردنيين الدارسيين في روسيا وما كان يُعرف الاتحاد السوفيتي، وبعدها التقينا في نادي شباب الفحيص،كنا نعرف حقيقة مرضه،وكنا نهرب من الحقيقة،كي لا نخسر «ابو صلاح» مبكّرا.

ومنذ اربعة ايام،كنتُ ارغب بالكتابة عن»غيابه»حيث اخبرنا الصديق ايمن سماوي ان حالة «ابو صلاح» متدهورة.

وأجّلتُ الكتابة، علّني التقيه في»الفحيص» كما نفعل كل مرة.
لكن» الموت» سبقني اليه.. وجاءني الناعي بالخبر/ الصدمة.

ظل»ابو صلاح» مُخلصا لعمله،وانتقل «الدينمو» من مهرجان الفحيص الى مهرجان جرش عام 2008 وعملنا معا،حتى قررتُ» الانسحاب «طوْعا من «جرش»،وبقي بيننا»ألو» كما كان يقول.

امس ذهبتُ الى « ماحص»،كنتُ اريد زيارتك في بيتك، لكنني وجدتُ نفسي، في « خيمة العزاء» اشارك محبيك حزنهم عليك.
رحمك الله .. ورحمنا ايضا!!