الخطوط الحمراء في الاعلام الاردني غير واضحة ولا ثابتة ولا مفهومة أحياناً , فيكون الحديث في إرتفاع الأسعار مثلاً بالنسبة لنا خطا أحمر ، وأحيانا لا يكون انتقاد رئيس الحكومة وطاقمه الوزاري كذلك ,فبيد السلطة لا بالقانون يهبط السقف ويرتفع وتتلون الخطوط ما بين خضراء وحمراء وبنفسجية .
وليست الحكومات هي المسؤولة عن تدني السقف فالصحافة تبتكر لنفسها أحيانا خطوطا حمراء خاصة بها، وتضع فزّاعات أمامها قد لا تكون حقيقية، لكنها تنسب إليها عجزها، وعدم شجاعتها في بعض الحالات ، وحتى عدم الكفاءة في اقتحام المواضيع والقضايا الصحفية الجادة والمهمة بالنسبة للناس ، أو التي تعتبر ميادين عمل حقيقية للصحافة الحرة مثل التحقيقات الاستقصائية وخاصة في كشف الفساد ,فعندما تعجز الصحافة عن القيام بعمل ما تلجأ لتبرير عجزها بالمخاوف وتدني سقف الحرية والقوانين وغيرها من الحجج او بالتهور وارتكاب الاخطاء والمجازفة بنشر ما هب ودب ، مع أن من بديهيات العمل الصحفي المبادرة والشجاعة ودخول حقول الألغام حتى لو اضطرت الصحافة لدفع الثمن، فبدون هذا الثمن لا يمكن أن نصل إلى الحريات الصحفية التي نريد او التي نحتاج توخيا للدقة بالتعبير ,ثم فأن لكل منا كصحفيين خطوطه الحُمر التي يختارها لنفسه ويعتقد انها تناسبه وتتفق مع طموحاته المستقبلية وحتى مع علاقاته مع الجهات الرسمية ، وللمواطن العادي خطوطه الحُمر الخاصة به والتي تتفق مع معتقداته وقناعاته ومصالحه، وثبت بعد أكثر من عشرين سنة على الحريات الصحفية في الاردن ان أكثر من يضع الخطوط الحُمر هو المواطن نفسه وليس الحكومات ، فهو يمنع الصحافة من ان تكون شجاعة ومبادرة فيقف بينها وبين الشأن الذي لا يرضيه، وإذا لم تكن معه فهي ضده ــ حسب رأيه ــ وحتى عندما تكون معه فأن عليك كصحفي أن تتحلى بأقصى درجات الحذر فالمواطن محاط بالتابوهات العائلية والعشائرية والدينية والشخصية,وهنا تتجلى قضية تعدد السقوف، فللمواطن سقفه الخاص به، وللحكومة سقفها، ولجهات أخرى في الدولة سقوفها الخاصة، وللصحفي أيضا سقوفه التي يضعها لنفسه، ومن المؤسف - لكن من الضروري جدا - أن يكون سقف الصحفي أدنى من بقية السقوف لكي يستطيع العمل دون أن يتعرض لمطبات تكون أحيانا عميقة.
على ضوء هذه الحاجة فان كل رئيس تحرير يجب أن يرتبط بمراجع رقابية، بعضها إجباري، وبعضها الآخر إختياري، وأن عليه المحافظة على توازنات معينة أساسها إرضاء جميع المراجع الرقابية التي تتابع الكلمة أكثر من المطلوبين الخطرين , الى ان يتعلم مهارة جديدة تضاف الى خبراته، تتعلق بكيفية التنسيق مع المراجع الرقابية مما يقتضي استخدامه لحواسه كلها وامتلاكه لأكثر من أذنين، وأكثر من عينين، فيسمع من كل الجهات المعنية، ويرى من مختلف الزوايا، وبنفس الوقت عليه أن يكتب أو يقول أقل بكثير مما يعرف، وأن يقدم المسؤولية على الحرية في كل الاحوال ,وهي مسؤولية أكثر وضوحا مما تبدو عليه في قانون المطبوعات والنشر الذي خضع هو الآخر للأمزجة الرسمية في جميع تعديلاته منذ العام 1993، فالقانون مثله مثل الصحفي مرّ بتجربة مريرة من «التربية والتهذيب» لكي يلائم جميع مراحل الدولة الأردنية، وبحيث يتأقلم مع الحكومات، ويتفق مع جميع المسؤولين حتى عندما يكونون في مزاج عكر .
حكم على الصحفي الاردني أيضا أن يمتلك القدرة الفائقة على تكييف القانون وفقا لشروط المرحلة ، وليس تبعاً للنصوص الواردة فيه، فالقانون قد يطبق اليوم، ولكنه قد لا يطبق غداً، وقد ينفذ على هذا الشخص ولا ينفذ على غيره ,هذه المرونة يجب أن يتحلى بها الصحفي ولو على حساب مهنته وشجاعته ، وعليه أن يفهم أن قانون المطبوعات بشكل خاص ليس فوق الجميع كما يجب أن تكون عليه القوانين .
-
أخبار متعلقة
-
أفضل سيارات مازدا في استهلاك البنزين لعام 2018
-
الفاخوري يعلن تبرع بنك الأردن بمليون دينار أردني لصندوق "همة وطن"
-
توفيق فاخوري يدعم صندوق "همة وطن" بمبلغ نصف مليون دينار أردني
-
شاهد لحظة سقوط الطائرة الأوكرانية بعد اشتعالها في الهواء
-
مدرسة الموقر ترسم أجمل منظر – فيديو وصور
-
مدرسة الموقر ترسم أجمل منظر
-
بـرنامـج الـوكـيـل فـي إجـازة سـنـوية
-
حفرة امتصاصية في جرش .. خطرٌ يُهدد المواطنين و يُضر السياحة | فيديو