السبت 2024-12-14 11:42 ص
 

ازمة اقتصادية وتازيم مستورد

06:57 م

ما زالت تتجاذب المنطقة تداعيات ربيع عربي,غربي الصنع, حيث يبدو للوهلة الأولى انه مريحا لبعضهم ومحققا بعض طموحات بعض الأحزاب في الدول التي جابها هذا الربيع و قطع أوصالها,ومع بدء تلقي التغذية الراجعة من تلك الدول نجد أن الناتج والمحصل منها يظهر حالة حكم جديد يمارس فيه أقسى أنواع السلطة و التسلط ومازال مقرونا بالفوضى والظلم,بالإضافة إلى الإقصاء الفكري الإجباري والإرهاب المعنوي الذي تمارسه تلك الأنظمة الوليدة من رحم ما يسمى بثورات التحرر العربية..

قالوا سابقا بان الثورات يحركها الأذكياء وينفذها الشجعان ويقطف ثمارها الجبناء,وبمفهوم الذكاء العربي الذي انتقده جبناء الثورات نجد بان تفسير هذه العبارة يحتاج إلى التعديل,ليصبح بان العرب هم أدوات تحريك لغيرهم و دمى واذرعه لمولدات الفوضى,من خلال جيوب الحقد والمرض والفقر,وبان البطولة لأي إنسان ضد وطنه لا تعدو كونها قلة مروءة ونقص رجولة,لكن ما لا يقبل التعديل او التأويل ان الجبناء يبقون هم دائما من يقبضون ثمن الفتنة والدم.
لقد حاول بعض المشوهين سياسيا أن يضعوا خلطة الربيع الفاسدة والمنتهية الصلاحية على حالة الأردن,من خلال بث الذعر الإعلامي والإشاعات وخلق حالة الهلع وترويع المواطنين الآمنين وإغلاق الطرق والاعتداء الغير مبرر في شريعة البشر , والهجوم الفكري ,محاولين بذلك سرقة أنظار العالم المتمادي في تفكيك بنية الدول العربية لإغراض يعلمها من يسمون أنفسهم أذكياء الثورات,وليبدأ بعدها في البناء من جديد وقد شرد من شرد ومات من مات وهاجر من هاجر,وليقبضوا بذلك ثمنه حفنة دولارات لن يعيشوا بها لابعد من غربة ومنفى داخل أوطانهم وعلى آثار الدم والخراب ولقمة مغموسة بالذل والهوان,ونراهم في مصر وليبيا وتونس واليمن صراع من نوع جديد وقهر للحرية وأدنى حقوق البشر,الاستعانة بالقوى البشرية الحزبية لكتم صوت الناس ,والندم الشعبي على ماض ما صانوه,ونعمة امن ما عرفوا قيمتها الا بعد فقدانها,فلا المال مصان ولا العرض محفوظ ولا الدم محرم..
يقول احد المتشدقين ممن يسمون أنفسهم المعارضين وهو مقيم بالخارج بان الأردن أصبح لغزا في عالم السياسة والثورات والربيع العربي,وقد نسي هذا المخلوق بان مكونات النسيج الأردني أصيلة بامتياز,لا تسافر خارج الوطن لصفقات مشبوهة ولا تتلقى دعما لوجستيا من اجل الخيانة ,و ما يزال جل الأردنيين على عهد قديم جديد يعرفون معناه ولا يعرفون إلا دينارهم عملة مصانة و الذي عبر عنها ذلك اللبناني الذي التقيت به في بيروت (خيي ديروا بالكم على ملككم),موقنا ذاك البائع بان استقرار النظام هو استقرار للدينار وهو سر البقاء والديمومة,وهنا أقول بان سرنا باق فأرح نفسك من العناء والتشدق يا ذالك الشيء المغترب.
ومع ذلك كله فان الأردن في مواجهة مع الواقع أزمة اقتصادية حقيقية يواجهها النسور باقتدار فكري من واقع البرامج التصحيحية التي يعمل بها ويتحمل كل تبعاتها بكل ذكاء ,موقنا بالوقت ذاته بان الأردن يمتلك خيارات سيادية وتاريخية قد تنتقص من مسؤوليتنا القومية السليمة,مقابل الزج بجيشنا في معركة أطرافها غير أردنيين ,وهذا ما لا يقبله الإرث الهاشمي العريق ممتدا من الشريف الحسين بن علي وصولا إلى الملك عبدا لله الثاني اعزه الله.
لقد جاء النسور من رحم الوطن بمكاشفة قل مثيلها,من خطر انهيار الدولة,والتي حملها بعضهم بأنها طاردة للاستثمار ,وحملها الطرف الآخر بان أسرع بالتحويل للعملات الأخرى,وبقراءة للتاريخ الماليزي فان الشعب الماليزي هو من أنقذ عملته من خلال الاحتفاظ بعملة بلادهم حتى أقصى حدودها,مشكلين سياجا اقتصاديا محليا,ومعلنين حالة من الاستقلال الاقتصادي,أدت بالنتيجة إلى نمو متسارع لها وأصبحت جاذبة للاستثمار وصناعة التعليم والسياحة,وعلى خطاهم رسميا يسير النسور بإحلال العمالة المحلية من خلال الحد من العمالة الأجنبية والاستثمار في حل مشكلتي البطالة و الفقر,من خلال التمدين(وهو عكس الريف) للشباب العاطل عن العمل.

خلاصة القول فان الربيع العربي سياسيا واقتصاديا يبدو لي فشله وخلق أصداء وترددات أقوى من سابقه وبمفهوم التحضر فان الشعوب الراقية هي الوحيدة التي تستطيع صنع واقعها بعيدا عن لغة التازيم والتشكيك,وبنظرية المؤامرة فان الأردن يتعرض لذلك,فاجتماع الفوضى من قبل البعض واللجوء إلى الشارع ورفع سقف المطالب ,يعتبر دليلا على استيراد النماذج التي لا تسري على مجتمعنا الأردني,وبالوقت نفسه ومن واقع تلك النظرية نعاني من أزمة اقتصادية خانقه علينا التكيف مع تداعياتها حتى نحقق استقلالا اقتصاديا يؤسس لمرحلة رخاء
محلية الصنع...

اضافة اعلان

عيسى عثمان المبيضين

[email protected]


 
gnews

أحدث الأخبار



 




الأكثر مشاهدة