الثلاثاء 2025-03-04 07:04 م
 

الأردنيون يحيون اليوم ذكرى الوفاء والبيعة

12:09 ص

الوكيل - يحيي الأردنيون، اليوم الذكرى السادسة عشرة ليوم الوفاء والبيعة، ذكرى الوفاء للمغفور له جلالة الملك الحسين بن طلال طيب الله ثراه، والبيعة لجلالة الملك عبدالله الثاني ابن الحسين الذي تسلم سلطاته الدستورية في السابع من شباط (فبراير) عام 1999 ملكا للمملكة الأردنية الهاشمية.اضافة اعلان


وفي عهدين فصل بينهما نهاية قرن وبداية قرن جديد، تعمقت تقاليد راسخة في الحياة الأردنية العامة والمحتكمة الى الدستور، فدولة المؤسسات التي أرادها الملك الراحل الحسين وبناها مع أبناء الوطن جميعا جعلت من يوم وداعه 'رحمه الله' يوما تاريخيا مشهودا في سلاسة انتقال الحكم والمضي الى مرحلة جديدة من عمر المملكة بتسلم الملك عبدالله الثاني سلطاته الدستورية.

يقول الحسين طيب الله ثراه: 'إن مفهوم الوطن يأتي فوق مفهوم الجغرافيا وأكثر من مفهوم التاريخ لأن الوطن هو الحياة، حياة كل مواطن وكرامته وكبرياؤه وهو مصدر وحيه ومعين إلهامه وهو الذي يعيش الإنسان في كنفه بشرف وكرامة ويكون مستعدا للموت في سبيله بفرح وكبرياء'.

ونقرأ في رسالة الحسين طيب الله ثراه، الوداعية، لنجله جلالة الملك عبدالله الثاني: 'عرفت فيك وأنت ابني الذي نشأ وترعرع بين يدي حب الوطن والانتماء اليه والتفاني في العمل الجاد المخلص ونكران الذات وحب الظهور، والعزيمة وقوة الإرادة وتوخي الموضوعية والاتزان والاسترشاد بالخلق الهاشمي السمح الكريم المستند الى تقوى الله أولا ومحبة الناس والتواضع لهم والحرص على خدمتهم والعدل والمساواة بينهم وتوقير كبيرهم والرحمة بصغيرهم، والصفح عن مسيئهم حيثما كان مجال للصفح وكرم النفس والخلق والحزم عندما يستقر الرأي على قرار ووضع مصلحة الوطن والأمة فوق كل المصالح والاعتبارات'.

هي مصلحة الوطن والأمة ما وضعه جلالة الملك عبدالله الثاني نصب عينيه ليسير بالسفينة الأردنية الى بر الأمان أمام أمواج متلاطمة عصفت سياسيا واجتماعيا واقتصاديا بأوطان تمزقت أشلاؤها وانقسمت على نفسها، وتجاوز الأردن كما على عهده دوما منحنيات خطرة، ودام أيقونة عربية فريدة يغيث المرتجي، ويساعد الملهوف ويفتح ذراعيه لأشقائه يقاسمهم اللقمة وقطرة الماء والدم.

لقد حمل الحسين طيب الله ثراه على عاتقه الدفاع عن الإسلام ورسالته السمحة ضد الإرهاب والتطرف، ومن أقواله: 'إن المملكة الأردنية الهاشمية تؤكد على ضرورة التفريق الحاسم والواضح بين الأعمال الإرهابية والشريعة الإسلامية السمحة فالإسلام الذي نعتز به دينا ومنهج حياة يقوم على التسامح ويحدد منهج الحوار بقوله تعالى، 'وجادلهم بالتي هي أحسن'، والإسلام يحدد الفرق بين الجهاد الذي يستند الى العقيدة وينطلق من مبدأ احترام المواثيق وعدم جواز قتل الأبرياء من جهة وبين الإرهاب وقتل الأبرياء وترويعهم من جهة أخرى، وقد استقر في وجداننا جميعا أن الإرهاب لا يقتصر على جنس أو على اتباع دين دون غيره أو على وطن دون سواه.

ويواصل جلالة الملك عبدالله الثاني أداء هذه الرسالة السامية في الدفاع عن الإسلام من خلال مبادرات عدة أهمها رسالة عمان التي أطلقت في العام 2004، وفي خطاب العرش السامي الذي ألقاه جلالته في افتتاح الدورة العادية الثانية لمجلس الأمة السابع عشر نقرأ: 'إن من واجبنا الديني والإنساني أن نتصدى بكل حزم وقوة لكل من يحاول إشعال الحروب الطائفية أو المذهبية وتشويه صورة الإسلام والمسلمين، ولذلك، فالحرب على هذه التنظيمات الإرهابية وعلى هذا الفكر المتطرف هي حربنا، فنحن مستهدفون، ولا بد لنا من الدفاع عن أنفسنا وعن الإسلام وقيم التسامح والاعتدال ومحاربة التطرف والإرهاب، وإن كل من يؤيد هذا الفكر التكفيري المتطرف أو يحاول تبريره هو عدو للإسلام وعدو للوطن وكل القيم الإنسانية النبيلة'.

في حربه على الإرهاب والتطرف ومنذ نشأة هذا البلد الصامد قدم الأردن تضحيات جساما وأرواحا بريئة كان همها الأول والأخير خدمة هذا الوطن وخدمة هذه الأمة، ولم يكن آخر هذه التضحيات الروح الطاهرة التي انتقلت الى باريها يوم استشهاد المغفور له الملك عبدالله المؤسس طيب الله ثراه في رحاب المسجد الأقصى المبارك، ولا اغتيال رئيس الوزراء هزاع المجالي في مكتبه وهو يقدم خدماته للمواطنين، وكذلك اغتيال رئيس الوزراء وصفي التل رحمهم الله جميعا.

بعد استشهاد وصفي التل قال الراحل الحسين: 'هناك رد واحد على كل هذه الجرائم والآثام أطلبه من كل واحد منكم رجلا كان او امرأة عسكريا كان او مدنيا هو المزيد من الإيمان بالوحدة الوطنية والمزيد من التمسك بها والحفاظ عليها، عندها ستمضي سفينتنا بعزم وإيمان مهما غاب عنها من وجوه الرفاق الأحباء'.

وحين تعرض الأردن في العام 2005 لهجمة بربرية همجية أودت بحياة اكثر من ستين مدنيا قال جلالة الملك عبدالله الثاني: 'وهذه ليست المرة الأولى التي يتعرض فيها الأردن إلى مثل هذه الأعمال الإرهابية الجبانة، والأردن ليس البلد الوحيد الذي يتعرض لمثل هذه الأعمال، فالكثير من دول المنطقة وكثير من بلدان العالم تعرضت لمثل هذه الأعمال الإرهابية وربما اكثر واكبر منها، ونحن نعرف ان الأردن مستهدف ربما أكثر من غيره لأسباب كثيرة منها دوره ورسالته في الدفاع عن جوهر الإسلام دين الاعتدال والتسامح ومحاربة الارهابيين الذين يقتلون الأبرياء باسم الإسلام والإسلام منهم بريء'.

في ذكرى رحيل الحسين نستذكر سجلا تاريخيا لمسيرة الدولة الأردنية منذ العام 1952 حين نودي بالحسين طيب الله ثراه ملكا للمملكة الأردنية الهاشمية مرورا بكل المراحل الدقيقة في السنوات الصعاب في خمسينيات وستينيات القرن الماضي التي رفع جلالته طيب الله ثراه خلالها شعار 'فلنبن هذا البلد ولنخدم هذه الأمة'، الى مراحل سبعينيات وثمانينيات القرن الماضي التي شهدت تحولا في القضايا الإقليمية واستئناف الحياة الديمقراطية في المملكة بعودة الانتخابات النيابية، الى مرحلة التسعينيات في ذلك القرن التي خاض الأردن فيها معركة السلام.

في أحد لقاءاته بأبناء شعبه في محافظة عجلون قال الحسين: 'تعود بي الذاكرة الى تعريب قيادة الجيش العربي.. الى إلغاء المعاهدة التي كانت تحمل معها الدعم المادي للأردن والذي كان في ذلك الوقت يبلغ عشرة ملايين دينار في السنة، تساءل الناس كيف سنعيش ونصمد ونبني ونتوسع والحمد لله مكانة الأردن مكانتكم في هذا العالم العربي والإسلامي وفي الدنيا بأسرها وما بذلناه من جهد أثمر بهذه الصورة وهذا الواقع الذي نعيشه الآن دون نفط ودون خيرات اخرى كثيرة ندعو الله سبحانه وتعالى أن يهيئها لنا في المستقبل او شيئا منها وسواء تحقق ما نتمناه وكلنا أمل بأن يتحقق فيسظل إنساننا هو المفتاح وهو السر وهو الأساس'.

بعد حرب العام 1967 تمسك الأردن بالسلام العادل والشامل والدائم القائم على القانون الدولي كما هو معبر عنه في قراري 242 و338 وبقي ثابتا في هذا الالتزام والتعاون مع كل مبادرة تحقق هذا الهدف.

ومضى الحسين رحمه الله في محو آثار تلك الحرب حتى جاء يوم الحادي والعشرين من آذار (مارس) عام 1968 ليكون يوما لاستعادة الكرامة العربية والثقة بالانتصار حين صد جيشنا الباسل قوات الاحتلال الاسرائيلي الغاشم في معركة تاريخية سطر فيها الأردنيون أروع معاني التضحية والفداء والدفاع عن أرض الأردن الطهور.

أدى الاحتلال الاسرائيلي للضفة الغربية عام 1967 الى إيجاد توتر سياسي وعوائق لوجستية عرقلت الانتخابات النيابية لأن الناخبين عن نصف مقاعد البرلمان الأردني يعيشون تحت نير الاحتلال، وفي أواسط ثمانينيات القرن الماضي إجريت تعديلات على الدستور لإزالة العوائق امام اعادة الحياة، وتم عام 1988 اتخاذ قرار فك الارتباط القانوني والاداري مع الضفة الغربية ما مكن من اجراء الانتخابات البرلمانية في السنة التالية بعد انقطاعها منذ العدوان الاسرائيلي عام 1967.

في العام 1991 تم تبني الميثاق الوطني من قبل مؤتمر مثل جميع القوى السياسية في الدولة، وفتح ذلك الباب امام تشكيل الاحزاب السياسية والمزيد من الحريات العامة. كان الراحل الكبير، دائم التواصل مع أبناء أسرته الأردنية الواحدة يزورهم في مضاربهم ومدنهم ومخيماتهم، يتفقد أحوالهم ويتلمس احتياجاتهم ويصدر توجيهاته للحكومات لتنفيذ المشروعات التنموية وتوزيع مكتسباتها بعدالة على الجميع ليمضي عبدالله الثاني على ذات الدرب وليكون الملك القريب من ابناء شعبه يكاشفهم ويصارحهم ويتلمس حاجاتهم وقضاياهم عن قرب يستمع الى الشيوخ والشباب ويناقش معهم كل القضايا الوطنية مسترشدا ومستمعا لوجهات نظرهم وآخذا بعين الاعبتار آراءهم وتطلعاتهم.

قناعات الحسين الثابتة كانت بأن التعددية والمشاركة الشعبية والحكومة القابلة للمحاسبة واقتصاد السوق الحر هي افضل حماية لحقوق وكرامة المواطن.

وبالرغم من الظروف التاريخية التي جعلت من هذه القناعات تحديا امام مسيرة البناء الا ان الأردن سار بقوة وعزيمة ليثبت ابناؤه يوما بعد يوم انهم على قدر المسؤولية، وليتمكنوا من بناء دولة المؤسسات الأردنية، وليقطع الأردن في عهده طيب الله ثراه أشواطا طويلة على طريق التطور والتنمية والتحديث، شملت مختلف المجالات الاقتصادية والتنموية والعمرانية والعلمية والثقافية، وتم تنفيذ العديد من المشروعات السياحية والزراعية الكبيرة.

واعتمدت الحكومات المتعاقبة في عهد جلالة الحسين الخطط التنموية لتشكل حزما من البرامج للنهوض بالمجتمع الأردني، حيث ارتفعت نسبة التعليم وعدد المدارس والمعاهد والجامعات، وارتفع مستوى المعيشة وتحسنت نوعية الحياة، وازدهرت الحياة الاقتصادية، ونشطت الصناعات المختلفة، كالتعدين والفوسفات والبوتاس والاسمنت وغيرها، ونمت التجارة خاصة مع توفر شبكة من الطرق والمطارات الدولية.

وكما أولى الملك الحسين طيب الله ثراه القوات المسلحة الأردنية والأجهزة الأمنية جل عنايته واهتمامه، لتبقى درعا منيعا في الحفاظ على أمن الوطن واستقراره، حيث شهدت، في عهده تطورا في مجالات التدريب والتأهيل والتسليح، وكان لها إسهاماتها في مسيرة البناء والتنمية، بقيت القوات المسلحة الأردنية الجيش العربي في عهد جلالة الملك عبدالله الثاني سياج الوطن وحامي الديار يوليها كل الرعاية والاهتمام لتواكب العصر تسليحاً وتأهيلاً.

وفي عهد جلالته طيب الله ثراه اسهم الاردن بفاعلية في دعم دور جامعة الدول العربية وبقي ملتزما بقراراتها ومؤيدا لكل خطوة تؤكد التعاون والعمل العربي المشترك ودعم القضايا العربية خاصة القضية المركزية (فلسطين) للوصول الى حل عادل وشامل يحفظ كرامة الأمة ويعيد الأرض لشعبها مقابل سلام يعم المنطقة بأكملها.

وبقي الأردن في طليعة أشقائه في الدفاع عن قضايا أمته وحقوقها ووحدتها وتحمل في سبيل ذلك فوق طاقاته وإمكاناته وقدم التضحيات الجسام برضا نفس وطيب خاطر، كما تحمل نتائج وتبعات حروب لم يكن له فيها خيار حيث بقي على الدوام رسول خير واصلاح يدعو الى نبذ الخلافات بين الأشقاء.

ومنذ تسلم جلالة الملك عبدالله الثاني مقاليد الحكم بادر جلالته الى التواصل مع أشقائه العرب وقادة وزعماء العالم وارتكزت سياسة الأردن العربية والدولية على أساس المواقف المبدئية والثابتة النابعة من التزامه التاريخي والقومي للدفاع عن مصالح الأمة وخدمة قضاياها العادلة.

ووقف الأردن الى جانب أشقائه العرب في محنهم وكما كان مغيثا للملهوف وللمحتاج في عهد الحسين رحمه الله إذ تحمل استقبال هجرات قسرية عديدة أهمها بعد حرب عام 1967 وموجة الهجرة في بداية تسعينيات القرن الماضي إذ استضاف في عهد جلالة الملك عبدالله الثاني، الأشقاء من العراق وسورية على الرغم من شح الموارد والإمكانيات.

مرتكزات السياسة الخارجية والدبلوماسية الأردنية التي أرساها المغفور له الملك الحسين وسار عليها من بعده الملك عبدالله الثاني هي الاخلاص لمبادئ الثورة العربية والموروث الهاشمي والحفاظ على استقلال الأردن وحماية سيادته الوطنية ووحدة أراضيه وإبعاد كل أشكال ومصادر الخطر عنه والإيمان بالتعددية والاعتدال والتسامح والحوار البناء والديمقراطية.

وعلى هدي القانون والسياسات الدولية التي وضعت وفقا للمبادئ التي يجسدها ميثاق الأمم المتحدة سار الأردن في علاقاته الدولية المتوازنة التي استند إليها، ما أكسبه احترام الجميع وتقديرهم للدور الأردني الكبير والمؤثر بجميع القضايا.

وسار جلالة الملك عبدالله الثاني على خطى الراحل الكبير طيب الله ثراه الملك الحسين في الوقوف الى جانب السلام العادل والشامل والدائم الذي يشمل المسارات كافة على أساس الحقوق الكاملة في الأرض والسيادة التامة وحق تقرير المصير للشعب الفلسطيني، وجلالته يدعو دوما الى جمع الصف وإنهاء حالات الاقتتال والصراع بين الشعوب وصولا لتحقيق الأمن والسلم الاجتماعي.

ونتذكر في يوم الوداع المؤثر للحسين في السابع من شباط (فبراير) 1999، يوم تجديد البيعة للقيادة الهاشمية الحكيمة، تلك الوقفة الشامخة والراسخة كأرض الأردن وما عليها، حيث أقسم جلالة الملك عبدالله الثاني اليمين الدستورية متوليا أمانة المسؤولية الأولى، مستعينا باسم الله وبركته على المضي قدما نحو مواصلة المسيرة وتعزيز ما بناه الآباء والأجداد الذين قدموا التضحيات الجسام لرفعة الوطن وتقدمه. وكما كان الحسين يقول على الدوام ان كل من يمس الوحدة الوطنية خصمي الى يوم القيامة بقي الملك عبدالله الثاني يؤكد دوما على أن الحفاظ على الوحدة الوطنية هي مسؤولية جماعية يتحملها كل من الحكومة وجميع مؤسسات المجتمع المدني والمواطنين، وأن وحدتنا الوطنية خط أحمر لن نسمح لأي كان العبث بها.

في خطاب العرش السامي في افتتاح الدورة الثالثة لمجلس الأمة الثالث عشر في الأول من تشرين الثاني (نوفمبر) عام 1999 قال جلالته: 'فنحن في الأردن نؤمن أننا أسرة واحدة يتساوى أفرادها في جميع الحقوق والواجبات بغض النظر عن الأصول والمنابت، ونحن نؤمن أيضا أن الانتماء الحقيقي الصادق للأردن وترجمة هذا الانتماء إلى عمل وأداء للواجبات، هو مقياس المواطنة الصالحة'.

وكانت توجيهاته السامية في بدايات عهده العمل على توفير الحياة الكريمة وتقديم الخدمات العامة للمواطن في البادية والريف والمخيم والمدينة، والاهتمام بسائر المجالات التربوية والاجتماعية والصحية، وتطوير مستواها، والاهتمام بقطاع المرأة والطفولة من خلال وضع البرامج والتشريعات التي تصون حقوق هذين القطاعين، وترتقي بمستوى الرعاية المقدمة، وكذلك العمل على توجيه عناية خاصة لتوسيع مظلة التأمين الصحي، وصولا إلى التأمين الصحي الشامل، والارتقاء بمستوى ونوعية التعليم، ومعالجة قضايا الإسكان والنقل والرعاية الاجتماعية، والحفاظ على قطاع البيئة بكل أبعاده.

ويؤكد جلالة الملك عبدالله الثاني أهمية تكريس مبدأ الشفافية والمساءلة وسيادة القانون وتحقيق العدالة وتكافؤ الفرص وتعزيز منظومة مكافحة الفساد، ويشدد دوما على أهمية التعاون والتنسيق بين جميع المؤسسات الرقابية وتفعيل أنظمة المساءلة على أسس شفافة ونزيهة وموضوعية ووفق أفضل المعايير والممارسات الدولية.

ففي خطاب العرش السامي في افتتاح الدورة العادية الثانية لمجلس الأمة السادس عشر قال جلالة الملك عبدالله الثاني: 'لقد تأسس الأردن على مبادئ البيعة وتقوى الله والعدالة للجميع أمام القانون، ومن هنا انطلقت الثورة العربية الكبرى، مطالبة بالوحدة والحرية، وأصبح الأردن موئلا لجميع الأحرار من إخوتنا في القومية والعقيدة، وقد بنى أجدادنا الأردنيون في هذا الحمى وطنا للحرية والعدالة والمساواة، فالأردن لكل الأردنيين، والانتماء لا يقاس إلا بالإنجاز والعطاء للوطن، أما تنوع الجذور والتراث فهو يثري الهوية الوطنية الأردنية، التي تحترم حقوق المواطن، وتفتح له أبواب التنوع ضمن روح وطنية واحدة تعزز التسامح والوسطية'.

في عيد ميلاد جلالة الملك عبدالله الثاني الثالث والخمسين والذي وافق الأسبوع الماضي افتتح جلالته مستشفى الزرقاء الحكومي الجديد، الذي زود بجميع التخصصات والأجهزة والمرافق الطبية والعلاجية بسعة 500 سرير، وكذلك أمر جلالته بمساعدة أسر عفيفة، وتقديم دعم لعدد من المراكز والجمعيات الخيرية في المملكة، والتي تعنى برعاية الأيتام والمسنين وذوي الاحتياجات الخاصة، وشملت التوجيهات الملكية تقديم مساعدات مالية لنحو 30 ألف أسرة عفيفة بمختلف مناطق المملكة، إضافة لمساعدات عينية تقدم لتلك الأسر، لمساعدتها على مواجهة الظروف المعيشية، وبما يعزز مبدأ التكافل والتضامن بين شرائح المجتمع الأردني.

وتكريسا لنهج التواصل الملكي مع مختلف فئات المجتمع وشرائحه، حرص جلالة الملك عبدالله الثاني وجلالة الملكة رانيا العبدالله، في زيارته لمحافظة الزرقاء أيضا على تفقد أحوال عدد من الأمهات والسيدات اللاتي يأويهن مركز الأميرة منى الحسين للمسنين، في محافظة الزرقاء، التابع للجمعية الأرثوذكسية الخيرية.

ووجه جلالته إلى الاستمرار بكفالة 1500 يتيم من أبناء قطاع غزة الذين تشرف عليهم جمعية الوئام الخيرية إذ استجاب جلالته قبل ثلاث سنوات لنداء استغاثة أطلقته الجمعية لكفالة هؤلاء الأيتام من فاقدي الأب ممن تقل أعمارهم عن 13 عاما، اعتماداً على تقارير قدمها المستشفى الميداني الأردني هناك، والتي أكدت صعوبة وتردي الظروف التي يعيشها هؤلاء الأيتام في القطاع بعد وفاة معيليهم.

وضمن لقاءات وزيارات جلالته التواصلية مع أبناء الوطن في مختلف مناطقهم، وخلال لقائه بمنطقة الموقر بالبادية الوسطى، شيوخ ووجهاء وأبناء قبيلة بني صخر الشهر الماضي، قال جلالته: 'إن الأردن قادر على مواجهة مختلف التحديات وتجاوزها بعزم وهمة أبناء الوطن المخلصين'، وقال: 'إن تحسين الظروف المعيشية لأبناء وبنات شعبي هو على رأس الأولويات، وندرك جميعا التحديات الاقتصادية التي تواجهنا، ومشكلة الفقر والبطالة ستبقى التحدي الأكبر'.

وسعى جلالته من خلال خمس أوراق نقاشية إلى إطلاق حوار عام حول الخطوات المستقبلية، وتعزيز ضوابط الفصل والتوازن بين السلطات بهدف حماية التعددية، وجعل العمل السياسي متاحا بشكل متساوٍ أمام الجميع، وذلك عبر إجراءات تحول دون إساءة استخدام السلطة من أجل التضييق على الآخرين أو تهميشهم واستمرار ثقافة الأحزاب السياسية وتطوير الجهاز الحكومي لدعم الانتقال التدريجي نحو نظام حكومي برلماني مكتمل العناصر وتدعيم مستوى الثقة الشعبية في المؤسسات العامة.

وتم تشكيل لجنة للنزاهة الوطنية، ولجنة لتقييم التخاصية، وإجراءات للقضاء المستعجل للنظر في قضايا الفساد، وتواصلت في عهد جلالته إصلاحات سياسية عديدة من خلال التعديلات الدستورية التي تضمنت نصوصا جديدة تتعلق بإنشاء محكمة دستورية وهيئة مستقلة للانتخابات.

وفي المجال الاقتصادي تبنى الأردن في عهد جلالته، مبادئ التحرر الاقتصادي لتصبح جزءا من استراتيجية المملكة للتنافس الفعال في الاقتصاد العالمي الجديد ونتيجة لذلك أدخلت إصلاحات اقتصادية وبنيوية رئيسية لدمج الاقتصاد الأردني بصورة فعالة بالاقتصاد العالمي أدت إلى توقيع عدد من الاتفاقيات المهمة على الصعيدين العربي والدولي.

وفي إطار الاهتمام الملكي بدعم وتعزيز مشاركة المرأة الأردنية تم في عهد جلالته تعديل وسن تشريعات جديدة عملت على رفع نسبة مشاركة المرأة في العملية السياسية وفي السلك الدبلوماسي والقضائي.

وجلالته يؤكد دوما أهمية دور الإعلام في تحقيق مبدأ الشفافية وفتح قنوات الاتصال بين المواطن ومؤسسات الدولة والكشف عن أماكن الخلل أو الفساد، وضرورة تحلي الإعلام بالموضوعية والمهنية والمصداقية.

وأولى جلالته أهمية لتطوير التعليم بما يواكب التطورات التكنولوجية على المستوى العالمي، فشهد التعليم قفزة نوعية مهمة تمثلت بحوسبة المناهج الدراسية إضافة الى وصول أجهزة الحاسوب الى جميع مناطق المملكة بما فيها المناطق النائية.

وبقي الأردن المؤثر عالميا في عهد جلالة الملك عبدالله الثاني كما كان في عهد الحسين نموذجا للدولة المدنية الحضارية، فكانت كلمات القائدين الحسين رحمه الله وعبدالله الثاني حفظه الله ورعاه مدوية وجريئة وواضحة في شتى المحافل الدولية يدافعان عن قضية العرب المركزية الأولى قضية فلسطين ويحملان مشاعل السلام والأمن يخاطبان الفكر العالمي بحرفية جعلت من الأردن مركزا رائدا له دور محوري في العديد من المحطات التي مرت بها أمتنا.

في أحد خطابات جلالة الملك عبدالله الثاني أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة قال جلالته: 'وأولئك الذين يقولون 'هذا ليس شأننا' مخطئون، وذلك لأن أمن كل دولة سوف يتأثر بمصير الشرق الأوسط، ويمكننا معا، بل يجب علينا جميعا، اتخاذ تدابير إنسانية وأمنية عاجلة، وإيجاد حلول دائمة للأزمات القائمة اليوم، وتوفير فرص جديدة للحوار والمصالحة والازدهار والسلام'.

رحم الله الحسين الملك الباني وأمد المولى عز وجل في عمر جلالة القائد الملك عبدالله الثاني ابن الحسين وحمى الله الأردن وطنا وقيادة وشعبا.-(بترا)


 
gnews

أحدث الأخبار



 




الأكثر مشاهدة