الخميس 2024-12-12 02:41 ص
 

الأردن يحاول تجنب إغضاب واشنطن والسعودية والأسد معا

02:56 م

الوكيل - كتب مدير مكتب صحيفة 'القدس العربي' بعمان بسام البدارين اليوم:اضافة اعلان


التصريح الذي أدلى به رئيس الوزراء الأردني عبدلله النسور حول تأييد ضربة عسكرية محدودة على سورية في حال ثبوت مسؤولية النظام عن الهجوم الكيماوي مفصل على مقاس إقتناص الموقف الروسي ومحاولة الإحتماء به.

تقدير حكومة النسور كان يقضي بأن ‘التشبه’ بموسكو في موقفها الأخير حول قانونية الضربة العسكرية في حال ثبوت حصول جريمة إجراء لا يغضب الرئيس بشار الأسد.

لكن ما حصل لاحقا أن السفير السوري في عمان أغضبه التصريح الرئاسي الأردني وأن هذا التصريح أنتج الإيحاء بأن عمان تبدل وتغير في موقفها وتتجه للإنضمام إلى حفلة المستنقع السوري، الأمر الذي إنتهى برصد حالة إضطراب نخبوية في الأردن.

مصدر مقرب من النسور قال لـ’القدس العربي’ بأن هذا التعليق كان دبلوماسيا وسياسيا بإمتياز خصوصا وأنه إرتبط بالتاكيد مجددا على الثابت الأردني المتمثل بعدم وجود نوايا للمشاركة في أي عمل عسكري وهو ما عرضه النسور بعدة لغات عندما تحدث بالموضوع لـ’القدس العربي’.

بالقياس تحاول مؤسسة الحكومة الأردنية بيع سلسلة مواقف بنفس الوقت وفي جمل سياسية متنوعة فمطالبة النسور أي جهات تتحدث عن دور أردني رسالة للرد على دمشق والجلوس في المقعد الخلفي لموسكو في السياق محاولة متذاكية لتجنب إغضاب واشنطن والتذكير بأن الأردن ليس طرفا بالعمل العسكري بأي صورة محاولة مكشوفة لمناكفة السعودية.

سلسلة المواقف التي نشط حصريا رئيس الوزراء الأردني في التعاطي معها مع غالبية مؤسسات الإعلام المحلية والإقليمية والدولية تعقيبا وتفاعلا مع الملف السوري بدت متشوشة إلى حد كبير ومستعدة للإيحاء بتبني عدة مواقف متعاكسة وفقا لما يتطلبه الأمر.

السؤال الأن: لماذا تفعل عمان ذلك؟

أغلب التقدير من حيث المبدأ بان مؤسسة رئاسة الوزراء تسعى للإهتمام بالظهور بمساحة المناورة والمبادرة لعكس الإنطباع بأنها المعنية حتى عندما يتعلق الأمر بشأن سياسي مهم جدا مثل الملف السوري.

رسالة النسور ضمنيا هنا لجبهات وجهات داخلية يقول فيها بأن الحكومة إذا لم تكن المسؤول الأول والأخير عن كل شيء بحكم مبدأ الولاية العامة فهي شريك أساسي في ملف غاية في الحساسية مثل الملف السوري.

الحفر أكثر في مسألة الموقف الأردني ينتهي بالإعتقاد بوجود عدة وجهات نظر داخل مؤسسة القرار الأردنية في إشارة تعكس الإنطباع بأن نخبة الحكم والقرار في الواقع ليست موحدة في التعاطي مع الملف السوري وحساباته.

برأي مراقبين كثر لا زالت المؤسسة العسكرية ترفض التورط بأي شكل من أشكال العمل العسكري فيما لا زالت شخصيات أخرى نافذة بالمستوى السياسي وحتى الأمني أحيانا تتحدث عن جملة من المصالح والفوائد التي ستنتج عن الوجود وبقوة في أقرب مساحة ممكنة من التحالف العربي الأمريكي المضاد لنظام بشار الأسد.

على الصعيد الدبلوماسي تفضل وزارة الخارجية الأردنية اللعب مع كل الأطراف ووفقا لما يبدو عليه المشهد النخبوي الداخلي يقول النسور ضمنيا لكل الأطراف بان الحكومة لاعب أساسي وإن كان القرار في نهاية الأمر لمؤسسات سيادية يعرفها الجميع.


عمليا يلمح وزير الإتصال الأردني محمد مومني على هامش حديث جمعه بـ’االقدس العربي’ إلى أن النظام السوري الحالي لم يكن ‘متعاونا جدا’ مع المصالح الأردنية خلال عقود ما قبل الوضع الحالي لكن دون أن يعني ذلك بأن الأردن معني بسيناريو إسقاط نظام الرئيس بشار الأسد أو بالإشتباك مباشرة مع المسألة العسكرية.

لاحقا يقول الأردنيون بأن دمشق لا تستطيع إتهام عمان بنقل أسلحة ومقاتلين عبر الحدود لان الصداع ‘الأمني’ الأردني كان مصدره خلال عقدين من الزمان الجانب الأخر من الحدود مع سورية حيث أرسلت العديد من الخلايا الإرهابية لإيذاء الأردن في الماضي كما ألمح النسور بسبب خلافات سياسية.

على هذا الأساس تهتم عمان وفقا للمومني بنهاية الدم وعودة الإستقرار إلى سورية وفي حالة تعذر ذلك تهتم بمصالحها وأمنها وشعبها.

ولا زالت مسألة إسقاط بشار أو حتى إضعاف مؤسسته خارج نطاق إهتمام الدوائر الأردنية خصوصا مع وجود شخصيات كبيرة من بينها الدكتور ممدوح العبادي تحذر من أن ‘البديل’ عن نظام بشار سيىء جدا بالنسبة للمصالح الأردنية الإستراتيجية.

هنا حصريا يحدد الأردنيون أولياتهم بصورة لا تتسق مع الإستعجال السعودي حيث أن وجود نظام قوي وصلب ومتماسك في سورية لديه رغبة في عدم إيذاء الأردن وقدرة على الإلتزام بهذه الرغبة هي الأولوية المركزية سواء أكان هذا النظام هو نفسه الحالي أم البديل المقترح الذي لا زال مجهولا خصوصا مع عدم وجود ما يوحي بضمانات وجوائز حقيقية. لكن التضحية بإغضاب السعودية أو إعاقة مشروع أمريكي من أي نوع ليس واردا في الحسابات الأردنية.

يفسر ذلك ديناميكية التصريحات والمواقف الأردنية التي تتراوح ما بين محاولة إرضاء الجميع وتجنب التورط المباشر وعدم إغضاب بشار الأسد والسعودية وواشنطن والإحتماء ولو نسبيا بظهر موسكو في إستراتيجية دبلوماسية لا زالت تؤمن بأن الموقف الأفضل الممكن هو التجول بين هذه المعطيات.

عمليا لا أحد يعرف إلى متى تستطيع المؤسسة الأردنية إدارة هذا التشابك وهي عالقة في مساحة التجول بين الجميع.


 
gnews

أحدث الأخبار



 




الأكثر مشاهدة