الأحد 2024-12-15 05:55 م
 

الأسر المحتضنة .. بين الخوف من الحقيقة ومواجهة الواقع

12:38 ص

الوكيل -لم تجد ام رامي وسيلة لاخبار طفلها البالغ من العمر 6 سنوات بانه طفل محتضن تماشيا مع توجيهات وزارة التنمية الاجتماعية باهمية اطلاع الاطفال المحتضنين بذلك في سنوات اعمارهم الاولى وقبل دخولهم مرحلة المراهقة .اضافة اعلان


ففي كل مرة تلملم ام رامي قواها النفسية وتحاول ان تجلس مع رامي لابلاغه بانه طفل محتضن بعد ان تكون قد رسمت في خيالها صورة مبسطة لذلك تتناسب مع عمره وتفكيره تعود عن قرارها بعد ان تنظر الى وجهه وتراقب حركاته وهو يلعب بجانبها ويناديها « ماما « فتشعر بالحزن عليه فكيف سيتقبل فكرة انها ليست والدته التي انجبته وهو يرى الحياة من خلالها ؟

تواجه العديد من الاسر المحتضنة هذه المعضلة في التعامل مع اطفالها فبين خوفهم على مشاعرهم وتاثرهم بالحقيقية التي يمكن ان تشكل صدمة نفسية عليهم وبين اهمية اطلاعهم على الحقيقة قبل وصولهم لعمر معين يزداد الامر تعقيدا فتختار اسر عديدة ابقاء الامر في طي الكتمان بالرغم من صعوبة ذلك في ظل اجراءات قانونية لا تسمح بمنح الطفل المحتضن اسم العائلة التي احتضنته الى جانب وجود دفتر عائلة خاص به ورقم وطني مميز .

تقول ام رامي : ابني في الصف الاول ابتدائي وهي مرحلة جديدة بحياته ووعيه الادراكي ينمو عاما بعد عام ففي هذه المرحلة سيبدا بالاختلاط الحقيقي مع بيئة المدرسة وسيتعرف على اصدقاء في مدرسته مما يشعرني بالقلق ان لاحظ هو او اصدقاؤه اختلاف الاسماء المدون على كتبه او في شهادته المدرسية .

واضافت : خلال الست سنوات الماضية التي مرت ورامي بيننا لم افكر في اخباره بالحقيقية لاننا نعتقد ان هذا لن يضيف شيئا على حياته طالما نوفر له كل الحب والرعاية الاسرية في الاسرة ومع الاقارب لكن مع التحاقه بالمدرسة اصبح الامر اكثر تعقيدا.

وعبرت ام رامي عن مخاوفها من ردة فعل رامي ان اكتشف اننا لسنا والديه فكيف يمكن لطفل في عمره منذ لحظات ولادته الاولى لم يعرف غيرنا ان نقنعه بغير ذلك وكيف يمكن ان يتعامل معنا بعد ذلك او ان يسامح والديه البيولوجيين على تركه ؟

وام رامي واحدة من امهات كثر يواجهن هذه المشكلة التي تسبب قلقا حقيقيا لهن .

تقول ام قيس : احتضنت طفلي قيس وهو يبلغ من العمر شهرين بعد محاولات كثيرة لأنجاب لم تحظ بالنجاح وشكل وجود قيس في حياتنا تغيرا كبيرا من جميع الجوانب منحناه الحب والرعاية ولم يشعر يوما بانه طفل محتضن حتى تعامل اقاربنا واصدقاؤنا نحوه كان تعاملا طبيعيا وايجابيا.

واضافت : قيس يبلغ من العمر الان خمس سنوات ولم نخبره بالحقيقة بعد بالرغم من نصائح وزارة التنمية الاجتماعية بضرورة اطلاعه بذلك قبل ان يكتشف هو ذلك ويصاب بصدمة لكننا لا نقوى على ذلك ونخاف من ردة فعله فهو لا يزال صغيرا ونخشى ان يكبر ويلتحق بالمدرسة ليكتشف بعدها الحقيقية خاصة وان الطفل المحتضن لا يمنح اسم العائلة التي احتضنته وسيميز ذلك في يوم من الايام .

وبالرغم من مخاوف الامهات والاباء من مصارحة اطفالهم المحتضنين بذلك الا ان هناك اسرا اختارت اطلاع اطفالها بالحقيقة قبل التحاقهم بالمدرسة بالرغم من صعوبة ذلك .

تقول ام احمد عن تجربتها مع طفلها البالغ من العمر 7سنوات : لم يكن قرارا سهلا ان نخبر طفلنا بانه طفل محتضن الا ان ما شجعنا على ذلك التحاقه بالمدرسة في الصف الاول ابتدائي .

واضافت : عندما استلم احمد شهادته للمرة الاولى لم يكن اسم العائلة مدونا على شهادته وكان هذا الامر بالرغم من معرفتنا به مسبقا سببا في البدء تدريجيا باخباره بالحقيقة خوفا من ان يكبر ويكتشف ذلك بنفسه .

واشارت ام احمد الى انها مرحلة صعبة لا ارغب بتذكر تفاصيلها لانها كانت مؤلمة لاحمد الذي بدا بالبكاء الشديد عندما علم بذلك ورفض التعامل معنا لفترة من الوقت وكان يوجه اسئلة عديدة عن والديه وعن اسباب تركه لكننا حاولنا ان تبقي صورة والديه جميلة في نفسه واخبرناه انهما تعرضا لحادث اودى بحياتهما فاصبح احمد ينتظر ان يقابلهما في الجنة كما عبر عن ذلك ... لكنه تمكن من اجتياز هذه الفترة القاسية عليه من خلال حرصنا عليه ووجود الحب والحنان والعطف في كل تفاصيل حياته .

وزارة التنمية الاجتماعية الجهة المسؤولة عن الاطفال في دور الرعاية الذين يعانون من ظروف اسرية معينة تحول دون وجودهم مع ابائهم او امهاتهم والاطفال الذين يصلون للمؤسسات دون معرفة امهاتهم وابائهم اكدت من خلال دليل الاحتضان الذي اطلقته العام الماضي بالتعاون مع المجلس الوطني لشؤون الاسرة على ضرورة اخبار الطفل المحتضن بالحقيقية تجنبا لمشاكل نفسية واجتماعية قد يتعرض لها في حال اكتشافه لذلك بعمر اكبر .

وقد اشتمل الدليل على معلومات عن كيفية التعامل مع الطفل المحتضن وشروط وتعليمات الاحتضان والمشاكل التي يمكن ان تواجه الطفل واسرته المحتضنة.

ويرى اخصائيون اجتماعيون اهمية البدء تدريجيا باخبار الطفل المحتضن بالامر في عمر مبكر عندما يبدا الوعي الادراكي للطفل بالتشكل وليس قبل ستة اعوام .

واشاروا الى ان الطفل قبل هذا العمر لا يمكنه ان يستوعب هذه الحقيقية لكن مرحلة الالتحاق بالمدرسة تساعد الاسر المحتضنة على البدء بتمرير فكرة الاحتضان للطفل تدريجيا .

واكدوا ان الاسرة المحتضنة يمكنها اخبار الطفل بذلك من خلال سرد القصص التي تساعدهم على اطلاعه بالحقيقة مع عدم تانيب والديه البيولوجيين امامه لعدم تمكنهما من رعايته وتربيته كان يخبران الطفل بان والديه قد تعرضا لحادث وانهم كانا يرغبان برعايته لكنهما لم يتمكنا اضافة الى امور اخرى تحاول قدر الامكان من المساعدة بعدم ايلام الطفل نفسيا .

واشاروا الى ان الطفل الذي يشعر بالحب والحنان ويحظى بالاهتمام من قبل اسرته المحتضنة يمكنه ان يتقبل الامر مؤكدين ان اخفاء الحقيقة عن الاطفال المحتضنين وابقائها في طي الكتمان لوصولهم مرحلة المراهقة تشكل صدمة حقيقية للطفل الذي لن يتقبلها وهو في هذا العمر وقد تعرضه وتعرض اسرته لمشاكل كثيرة .

وبينوا ان من الاهمية اقناع الطفل بان والديه لم يعودوا على قيد الحياة وان كان هناك اطفال محتضنين امهاتهم لا يزلن على قيد الحياة وهم مجهولو الاباء لان الطفل ان ادرك ذلك فانه سيحاول عند مرحلة الشباب البحث عن والدته من جديد ويبقى هذا الامل يعيش في نفسه بالرغم من انه امل غير مجد لان الامهات تنازلن عن اطفالهن وانتهت الرابطة التي تربطهم باطفالهن لحظة الولادة فقط .

فالطفل المحتضن الذي يغادر المؤسسة الاجتماعية وهو حديث الولادة لا يدرك بحياته سوى حقيقة واحدة ان اسرته التي احتضنته هي الاساس في حياته وان وجه الام المحتضنة هو الوجه الذي يعرفه ويحبه وان الرعاية والحنان الذي لف حياته منذ الصغر هي حياته لكنه برغم كل ذلك يبقى طفلا محتضنا لا ينتقص من شانه شيئا ولا من حياته ومستقبله ان ادرك ذلك وتقبله ليستكمل حياته كاي طفل طبيعي ما دام وجد قلوب تزرع اسمه ووجه في ثناياها ليكون هو الفرح الحقيقي لها .



الراي


 
gnews

أحدث الأخبار



 




الأكثر مشاهدة