للانتخابات البرلمانية (مجلس الشورى) وتلك الخاصة بمجلس الخبراء التي ستجري يوم غد الجمعة في ايران...نكهة خاصة, كونها تجري لأول مرة بعد أن تم رفع العقوبات القاسية التي خنقت الاقتصاد الايراني وأوقعت اضراراً جسيمة بالشرائح الاجتماعية الفقيرة والمُهمّشة وتلك المنتمية الى الطبقة الوسطى, فضلاً عن انخفاض اسعار البترول في شكل غير مسبوق, حَرَم نظام الرئيس الشيخ حسن روحاني من جني «حلاوة» رفع العقوبات واستغلالها لصالح تيار الوسط الذي يُمثله (وليس التيار الاصلاحي الذي لم يكن يحسب نفسه عليه أو أن الاصلاحيين لم يَرَوا فيه ممثلاً لهم) ما وضع انتخابات السادس والعشرين من شباط في دائرة الشكوك وعدم اليقين من امكانية نجاح التيار الاصلاحي في تكوين كتلة وازنة له, في ظل موازين القوى السائدة الان في المشهد الايراني, حيث القوة والقرار في يد المعسكر المُحافظ الذي يتمثل في مجلس صيانة الدستور, هذا المجلس الذي «شطب» اكثر من ستة الاف مرشح تقدموا للترشح, ولم يبق من اصل 12123 طلباً سوى 6229 مرشحاً تم قبول ترشيحهم, تقول وسائل الاعلام الايرانية ان بينهم ثلاثة آلاف مؤيِد لمعسكر المحافظين, فيما لا يزيد عدد المرشحين الاصلاحيين عن سبعين مرشحاً.
بالطبع لا تقتصر هيمنة المحافظين على مجلس صيانة الدستور, بل ثمة مجلس اكثر اهمية ودوراً في المشهد الايراني هو «مجلس الخبراء» الذي ستجري انتخاباته يوم غد ايضاً بالتزامن مع انتخابات مجلس النواب (الشورى), والنتيجة معروفة سلفاً لصالح المحافظين حيث غالبية المرشحين (إن لم يكن كلهم) محسوبون على المعسكر المحافظ, ما يجعل من أي نتيجة لمجلس الشورى محسومة ايضاً لصالح هؤلاء, بافتراض أن «السبعين» من الاصلاحيين المرشحين, سيضمنون نجاحهم.
ولأن في ايران اكثر من معسكر ومركز قوة وصراعات حقيقية بين التيارات المختلفة التي تدور كلها في فلك المرشد الروحي الامام علي خامنئي, بصرف النظر عن الهامش الممنوح لهذا المعسكر او ذاك, في أن يذهب بعيداً في اجتهاداته وبخاصة التيار الوسطي المعتدل الذي يمثله الشيخ حسن روحاني, والذي لم يخرج ذات يوم على ارادة خامنئي, وإن كانت حملات الانتقاد اللاذعة التي شنها عليه المحافظون, لم تفتّ من عضده وبخاصة ازاء المُضِي في مفاوضات (5 +1) حول البرنامج النووي الايراني والذي حصل من خلاله (رغم أنف المحافظين) على الضوء الاخضر من خامنئي نفسه, فإن روحاني يضع دائماً أمام عينيه المصير الذي انتهى اليه الثنائي «الاصلاحي» ميرحسين موسوي ومهدي خروبي، اللذين هما الان تحت الاقامة الجبرية, بعد ان لم تنجح «الثورة الخضراء» التي قاداها في احراز اي نتيجة, سواء في مواجهة معسكر المحافظين ام في الحصول على «عفو» من آية الله خامنئي.
المشهد الايراني على درجة عالية من الاحتقان، والجمهورية الاسلامية التي احتفلت قبل اسبوعين بالذكرى (37) لقيامها تواجه جملة من التحديات الداخلية والخارجية، قد لا تكون واجَهَتْها من قبل, حتى في ظل سريان العقوبات الاقتصادية والمالية القاسية وخصوصاً في «ولايتي» الرئيس السابق احمدي نجاد، الذي كان متصلباً وغير مكترث بردود فعل القوى الخارجية, ضارباً عرض الحائط بانهيار برنامجه الانتخابي, بارتفاع اسعار السلع الاساسية وازدياد اعداد العاطلين عن العمل والانخفاض الحاد في سعر العملة المحلية ازاء الدولار، لكن الأمور لم تتحسن كثيراً في عهد روحاني أيضاً, ليس فقط في التدهور الكبير في اسعار النفط وانما في ما تنوء تحته موازنة الدولة الايرانية جراء الالتزامات الباهظة ازاء ساحات الصراع في المنطقة وبخاصة في سوريا، حيث ترى طهران في ما يحدث في سوريا بأنه حرب وجود لمعسكر الممانعة الذي تُشكِّل فيه عنصراً مهماً وقيادياً، ما بالك ان علاقاتها الاقليمية قد اصابها العطب وبخاصة مع السعودية حيث تتمترس الدولتان في خندقين متقابلين، صحيح أن النيران لم تُطلق بعد من فوق المتاريس، إلاّ ان دعسة ناقصة (او زائدة) يمكن ان تفضي الى حرب اقليمية مُدمِرة, لا يرغب الطرفان فيها - اقله الان - قبل ان تتضح ملامح الحلول المقترحة للأزمة السورية’ وطبيعة معادلة الاصطفافات والتحالفات التي ستنشأ بعد ذلك، سواء مضى مُقترح وقف الأعمال العدائية الذي سيبدأ فجر السبت المقبل 27/ 2 أم انهار قبل انتهاء مدة الاسبوعين التجريبيين.
في السطر الاخير... رغم كل ما يجري في المنطقة ورغم كل الدخان المتصاعد في ساحاتها وعلى تخومها، فإن نتائج الانتخابات الايرانية التي ستُعرَف الاسبوع المقبل، ستؤشر - ضمن أمور اخرى - بالمدى الذي ستذهب اليه طهران في مقارباتها لقوس الأزمات المُتفجر حواليها, بدءاً من سوريا مروراً بالعراق وليس انتهاء باليمن ومستقبل علاقاتها مع باقي دول مجلس التعاون الخليجي وأيضاً تركيا واقليم كردستان وخصوصاً الولايات المتحدة الاميركية, التي ستبقى»العلاقة»معها, نقطة صراع بين المحافظين وبين حكومة الشيخ حسين روحاني الذي يتمسك بتحسين علاقة بلاده مع واشنطن, فيما المحافظون ما زالوا يرون فيها (الشيطان الأكبر)، ما سيهدد أيضاً مستقبل روحاني نفسه ,إذا ما انتوى التَرشح لدورة رئاسية ثانية، يمكن ان يهزم فيها وخصوصاً إذا ما غيّب الموت او الاعتلال... آية الله خامنئي.
-
أخبار متعلقة
-
أفضل سيارات مازدا في استهلاك البنزين لعام 2018
-
الفاخوري يعلن تبرع بنك الأردن بمليون دينار أردني لصندوق "همة وطن"
-
توفيق فاخوري يدعم صندوق "همة وطن" بمبلغ نصف مليون دينار أردني
-
شاهد لحظة سقوط الطائرة الأوكرانية بعد اشتعالها في الهواء
-
مدرسة الموقر ترسم أجمل منظر – فيديو وصور
-
مدرسة الموقر ترسم أجمل منظر
-
بـرنامـج الـوكـيـل فـي إجـازة سـنـوية
-
حفرة امتصاصية في جرش .. خطرٌ يُهدد المواطنين و يُضر السياحة | فيديو