لم تعد الحركة الشعبية الفلسطينية المقبلة مجرد شعار سياسي في مواجهة سياسات الاحتلال؛ إذ ثمة تراكم هائل من الأسباب لانتفاضة جديدة، قد تكون من أكبر وثبات مقاومة الاحتلال في تاريخ النضال الوطني الفلسطيني، بعد مرحلة سكون طويلة وصفتها مصادر غربية بـ'تعايش مع الاحتلال'، وهو في واقع الأمر تعايش مضلل.
يبدو اليوم أن عنوان الانتفاضة الفلسطينية المقبلة سيكون الرد على سياسات الاحتلال في القدس، ومحاولات فرض التقسيم الزماني والمكاني للمسجد الأقصى. وهي السياسات التي أخذت تتجاوز حركة الاقتحامات المتتابعة للمسجد من قبل الجماعات اليهودية المتطرفة، أحيانا بقيادة مسؤولين إسرائيليين، كما أخذت تتجاوز المناسبات الدينية اليهودية. والأمر الأكثر أهمية أن خلفيات الحركة الشعبية الفلسطينية المحتملة لا تتوقف على قضية القدس والأماكن الدينية، وتتجاوز الفصائل والتنظيمات، إذ ستكون استجابة طبيعية لحقيقة الاحتلال، واستجابة للحظة التاريخية وما وصلت إليه القضية الفسطينية خلال العقد الأخير من عملية تفريغ سياسية واستراتيجية لم تواجهها قضية احتلال خلال آخر قرنين.
في السنوات الأخيرة، ازدادت التحذيرات الإسرائيلية والغربية من انتفاضة فسطينية ثالثة، وأشهرها تقرير وزارة الخارجية الإسرائيلية في العام 2012، الذي حذر من انتفاضة عنيفة وغير مسبوقة نتيجة استمرار المواجهات اليومية، وحجم الإحباط الذي يواجه الشارع الفلسطيني نتيجة توقف المفاوضات وتفريغ العمل السياسي من كل مضامينه. وكان التقرير، وبطريقة غير مباشرة، يذهب إلى أن المفاوضات -بغض النظر عن مضامينها ونتائجها- كانت تخدم الأبعاد الأمنية الإسرائيلية. وعمليا، يبدو أن فكرة المفاوضات قد ماتت في كامب ديفيد العام 2000، حينما ادعت إسرائيل أنها قدمت أكثر ما يمكن أن تقدمه، ورفضه الفلسطينيون، الأمر الذي عكس ميزان القوى في ذلك الوقت. فيما عملت التحولات العربية فيما بعد (2012) على إعادة تقدير الموقف من جديد وفق ميزان القوى، وهو ما يمكن أن يوصف بأنه أبطأ حركة التاريخ نحو انتفاضة فلسطينية كبرى، وربما عنيفة مثلما وصفها الإسرائيليون أنفسهم.
بعيدا عن الدعاية العربية، بأبعادها الفلسطينية والقُطرية، فإن الحقيقة الواضحة اليوم مفادها أن التحولات العربية ساهمت في إبطاء حركة التاريخ الفلسطيني، وبالنتيجة ساهمت في إجهاض فرص لتحولات نوعية في الصراع، إلى جانب ما تردد عن أن السلطة الفلسطينية نفسها لم تكن راغبة في انتفاضة فلسطينية جديدة في ذلك الوقت. بينما مدت هذه التحولات الاسترخاء الاستراتيجي الإسرائيلي بالمزيد من الإمكانات لتنفيذ مخططاته، كما يحدث اليوم في القدس. وكل ما يحدث يجعل الفلسطينيين الآن، أكثر من أي وقت آخر، في مواجهة مصيرهم مباشرة وجها لوجه وربما وحدهم، فهذه لحظة وضوح غير مسبوقة.
سيناريوهات الحركة الشعبية المقبلة مركّبة ومعقدة، بينما ظروفها التاريخية ناضجة. فقد تم إفراغ العمل السياسي من كل فرصة، وهو من وجهة النظر الفلسطينية بمثابة صفحة طويت؛ فهناك نخبة سياسية متطرفة تحكم إسرائيل، لديها برنامجها الذي بات يتضح يوما بعد يوم، سواء في القدس، حيال 'الأقصى' والأماكن المقدسة الأخرى، أو بشأن ضم الأراضي والاستيطان وتفريغ الأرض عبر سياسة التهجير البطيء والسريع، مقابل سلطة وطنية فلسطينية في أضعف حالاتها، مع وجود احتمالات واقعية لانهيارها. وفي المحيط العربي، وصل ميزان القوى إلى أبعد نقطة عن التوازن، وبما يعيد للأذهان لحظات قاسية وفارقة في تاريخ الصراع. وعلى قدر ما يشكل هذا الواقع نعمة استراتيجية للإسرائيليين، فإنه يسرّع حركة التاريخ الفلسطيني مرة أخرى، والتي لن تحتاج إلى قرار من 'السلطة'، ولا تعبئة من الفصائل.
-
أخبار متعلقة
-
أفضل سيارات مازدا في استهلاك البنزين لعام 2018
-
الفاخوري يعلن تبرع بنك الأردن بمليون دينار أردني لصندوق "همة وطن"
-
توفيق فاخوري يدعم صندوق "همة وطن" بمبلغ نصف مليون دينار أردني
-
شاهد لحظة سقوط الطائرة الأوكرانية بعد اشتعالها في الهواء
-
مدرسة الموقر ترسم أجمل منظر – فيديو وصور
-
مدرسة الموقر ترسم أجمل منظر
-
بـرنامـج الـوكـيـل فـي إجـازة سـنـوية
-
حفرة امتصاصية في جرش .. خطرٌ يُهدد المواطنين و يُضر السياحة | فيديو