د. عادل محمد عايش الأسطل - بعد الضغوط الكبيرة المحلية والدولية التي تعرضت لها قيادة الجيش العسكرية، الداعية إلى الإفراج عن الرئيس المصري 'محمد مرسي' المحتجز في مكانٍ ما لديها، وفي محاولة لها لضرب عصفورين بحجر، للهروب أمام تلك الضغوطات أولاً، ثم إبداء النيّة لجلب حركة حماس لدائرة الصراع المصري ثانياً، قام المستشار 'حسن سمير' قاضي التحقيق المنتدب من محكمة استئناف القاهرة بإصدارِ قرارٍ يقضي بحبس 'مرسي' 15 يوماً على ذمّة التحقيق، بتهمة الهروب من سجن وادي النطرون، الذي كان معتقلاً فيه أثناء ثورة 25 يناير/كانون الثاني 2011، من قِبل أمن الدولة - في ذلك الوقت- لأسباب احترازية.
وكان من فوره قد قام القاضي باستجوابه ومواجهته بالأدلة وتوجيه لائحة طويلة ومزدحمة بمختلف الاتهامات في (الجرائم) التي ارتكبها مع سجناء آخرين. والتي تضمنت إلى جانب تهمة الهروب من السجن، السعي والتخابر مع حركة المقاومة الإسلامية (حماس) للقيام بأعمال عدائية داخل البلاد، والهجوم على المنشآت الشرطية، ومراكز الضباط والجنود واقتحام السجون المصرية وتخريب وإضرام النار في مبانيها عمداً، وإتلاف السجلات الخاصة بالسجون، وقتل واختطاف بعض السجناء والضباط والجنود عمداً مع سبق الإصرار .. إلخ.
إضافةً إلى ما سبق، فقد كانت هناك أهدافاً أساسية من وراء إقدام الجيش على هذه الخطوة لما لها من صلة مباشرة بالواقع على الأرض ومنها، السعي إلى لفت أنظار العالم عن مليونية الجمعة التي أطلق عليها (مليونية الفرقان) اعتقاداً منه بأن هذا الوقت هو المناسب، لكسر أعمدة الاعتصامات والحد من فعاليتها وتقصير إقدام المتظاهرين على التظاهر لصالح 'مرسي' وعلى وجه الدقة، لصالح الإخوان المسلمين والجماعة الإسلامية بوجهً عام. في مقابل تشجيع المؤيدين للفريق أول 'عبد الفتاح السيسي' والوجه السياسي المصري الجديد، بشأن الحشد الذي دعا إليه الفريق يوم الأربعاء الفائت. وأيضاً في محاولة للتصعيد ضد مؤيدي 'مرسي' وجرّ البلاد لمربع العنف والفوضى. مع العلم أن الجيش كان في ارتباك شديد وتردد كثيراً في الإقدام على خطوة الحبس، حيث نشرت صحيفة الأهرام خلال الأيام القليلة الفائتة، عناوين تؤكّد حبس 'مرسي' على ذمة التحقيق، وفي اليوم التالي صدر عن مؤسسة الجيش نفياً كلياً عن حكاية الحبس، وتم استدعاء مديرها العام 'عبدالناصر سلامة' للتحقيق، ليس لأنه كاذباً، ولكنه نشر الخبر في الوقت الغير مناسب حسب رؤية الجيش.
ليس بالضرورة لدى الجيش، أن يكابد في إثبات مجموعة التهم الموجهة للرئيس، لكنه سيكتفي بإدانته بتهمة واحدة على الأقل، خاصة المتعلقة برواية التخابر مع حركة حماس، وذلك لتحقيق هدفين رئيسين، أولهما، إفراغ يديه (قانونياً من شبح مقلق اسمه 'مرسي' وبالتحديد إبعاد جماعة الإخوان عن الحكم تمهيداً لشطبهم أو تشتيتهم على الخريطة السياسية المصرية على الأقل، بغض النظر في أن الأحداث تجاوزت بدرجات كثيرة ذلك الاعتقاد، حيث أن هناك فئات وشرائح تمثلها حركات وأحزاب مصرية، تسعى إلى الحفاظ على مكتسبات ثورة 25 يناير/كانون ثاني 2011، التي اختطّت الديمقراطية طريقاً لها كأسلوب حياة، أُسوةً بالشعوب المتقدمة، طالما المصريين كانوا يأملون بها طوال حياتهم على مر السنين والأجيال. أمّا الهدف الثاني وهو المرتبط بالأجندة الخارجية الأمريكية – الإسرائيلية، وهو ما يتعلق بتوريط حركة حماس في الصراع المصري الدائر، وتهيئة الفرصة أمام الجيش المصري، لشن عمليات أمنية وعسكرية ضد الحركة، بسرور أمريكي وبمباركة إسرائيلية. وهذا ليس مستبعداً بالضرورة في ظل إقدام الجيش وبلا هوادة - أمام العالم- على تنفيذ مجازر حقيقية في حق شعبه منذ بداية الأحداث.
بصورة أوّلية، سخرت جماعة الإخوان على لسان المتحدث الرسمي باسمها 'جهاد الحداد' حيث أعلن بأنه الجماعة لا تأخذ الأمر بجدية، وستواصل احتجاجاتها السلمية في الميادين والشوارع. وأعلن القيادي في الجماعة الدكتور 'عصام العريان': عن أن صدور قرار بحبس الرئيس 'مرسي' وهو رئيس شرعي له حصانة، تم في توقيت مُريب، مما يوضح طبيعة النظام العسكري المتخبط.
من جهتها استغربت حركة حماس ذلك الإجراء المتعلق بها، وأعلنت بأنها ليست عدوًا لمصر حتى يُحبس 'مرسي' بتهمة التخابر معها، واعتبرت ذلك تمهيداً للزجّ بها في معركة سياسية تم التخطيط لها، ليس الآن، وإنما منذ تولّي الإخوان الحكم. حيث تصدّرت حركة حماس عناوين رئيسة ضدها في الإعلام الرسمي المصري، على اعتبار أن من أعضائها يقومون بعمليات سياسية وأمنية ضد مصلحة البلاد العليا، وذلك بهدف تلويث الصورة الحقيقية للحركة أمام الشعبين الشقيقين بنيّة السعي إلى تنفيذ مخطط الكراهية باتجاهها. وكانت الحركة قد نفت ودفعت عن نفسها مراراً، تدخلها في الشأن المصري، باعتبارها حركة مقاومة ضد الاحتلال الإسرائيلي، وليست حركة إرهابية لدى الشعب أو القانون المصريين، وهي تدافع عن كرامة الأمة العربية والإسلامية، وعلى رأسها مصر نفسها من التربص الصهيوني الدائم بها.
وفي هذا السياق، وفيما إذا استمرت النوايا على ذات النهج نحو التصعيد، فإن العلاقة المستقبلية (المصرية-الجيش)– (الفلسطينية-حماس)، ستكون تحت المجهر ومرشحة بقوة لإعادة النظر فيها وإعادة تقييمها حسب ما يراه الجيش مناسباً له.
ولا شك فقد قرأت حركة حماس ذاتها، خطوات الجيش المعلنة وغيرها، بدايةً بدعمه العداء الإعلامي المكثّف ضدها وتحطيم الأنفاق بقوّة، ومروراً بتدفق طائرات الأباتشي فوق معالم حماس العسكرية والأمنية، بالانطلاق مباشرةً أو بالالتفاف عبر مناطق 48 المحتلة، وانتهاءً بالتهمة الموجهة للرئيس 'مرسي'، حيث اعتقدت الحركة أن القيادة المصرية من الآن فصاعداً، في طريقها للتنصل من القضية الفلسطينية. بل وفي الاعتقاد أنها ستتعدى ذلك إلى العداء المتواصل والمتصاعد باتجاه الحركة سياسةً ومضموناً، فهي لم تكن قد تطابقت معها في الماضي ولن تتطابق معها في المستقبل، لا من حيث الرؤى السياسية بالنسبة للقضية الفلسطينية، ولا من حيث الموروثات الدينية حيث الامتدادات المعروفة للحركة بجماعة الإخوان المسلمين.
يساعد في ذلك الأمر، أن عقلية النظم (الجيوش) العربية كانت وما تزال كما هي ولم تتغير بالنسبة لنظرتها إلى شعوبها، حيث تضع في حسبانها إخضاعها بالحديد والنار، أو استمرار صراعها معها عشرات السنين وإلى ما لا نهاية، في مقابل لم تتغير أيضاً العقلية الاستعمارية الغربية فيما يتعلّق برغبتها في استمرار الفوضى داخل الوطن العربي والإسلامي بشكلٍ عام. لا سيما وأن تلك الصراعات هي إحدى البدائل المواتية وبفاعلية أكبر للاستعمار التقليدي على حساب الدول والشعوب العربية المتصارعة. ولا تخفي تلك الدول وخاصةً إسرائيل رغبتها في إطالة مُدد تلك الصراعات كونها تحقق الأهداف المرجوّة، من غير جهد ولا مشقة. ولا يغيب عن البال، أن تنفست إسرائيل الصعداء تبعاً للتطورات المؤلمة التي تجري داخل الوطن العربي بعمومه، حيث أعلن وزير الجيش الإسرائيلي 'موشيه يعالون' ما يدل على هذا المعنى الراحة والثقة بالنفس، من أن خطّه جيشه الجديدة، قد أسقطت من حساباتها فكرة استمرار معارك جيش قبالة جيش، مثلما حصل في الحروب السابقة قد انتهت. وذلك في إشارة إلى تطور التكنولوجيا العسكرية لديها، والأهم هو انهيار الجيوش العربية وسقوطها في القبضة الإسرائيلية تباعاً. وعلى أيّة حال فإن هذا لا يبدو مخيفاً بقدر الخشية من أن الجيش المصري – فيما إذا استمر في الحكم- أن يكون معتمداً لدى إسرائيل، سواءً من الآن أو في المستقبل، لتولي مسؤولية كبح جماح أعداءها وخاصةً بالنسبة لحركة حماس.
-
أخبار متعلقة
-
أفضل سيارات مازدا في استهلاك البنزين لعام 2018
-
الفاخوري يعلن تبرع بنك الأردن بمليون دينار أردني لصندوق "همة وطن"
-
توفيق فاخوري يدعم صندوق "همة وطن" بمبلغ نصف مليون دينار أردني
-
شاهد لحظة سقوط الطائرة الأوكرانية بعد اشتعالها في الهواء
-
مدرسة الموقر ترسم أجمل منظر – فيديو وصور
-
مدرسة الموقر ترسم أجمل منظر
-
بـرنامـج الـوكـيـل فـي إجـازة سـنـوية
-
حفرة امتصاصية في جرش .. خطرٌ يُهدد المواطنين و يُضر السياحة | فيديو