السبت 2024-12-14 09:38 ص
 

الجيوش العربية مستهدفة

08:17 ص

من خلال النظر في المشهد العربي والإقليمي القائم، ومن خلال النظر إلى الخلف قليلاً، والرجوع بضع سنوات يلحظ المراقب بوضوح مسألة استهداف الجيوش العربية، ومحاولة إضعافها أو تقليص أعدادها، أو تجريدها من قوتها، أو الاستفراد بها وتدميرها أحياناً، فقد كان استهداف الجيش المصري بشكل مبكر عندما تم استهداف سلاح الجو وتدميره بشكل كامل قبل بدء معركة (67) بساعات، بالإضافة إلى ما جرى للجيش الثالث بسيناء، حيث تعرض لمجزرة فناء، بالإضافة إلى ما تم عبر معاهدة كامب ديفد السلمية التي كان من بنودها تخفيض الأعداد ومراقبة التسلح والحد من حركته في سيناء وبالقرب من الحدود، وهذا كانت (اسرائيل) تسعى إليه في معظم الاتفاقيات السلمية مع العرب، إذ كانت تذهب إلى النص على تقليص الجيوش العربية دون أن يتم شيء مماثل إلى جيش العدو.

اضافة اعلان


الجيش الذي تم استهدافه في المرحلة التي تلت ذلك هو الجيش العراقي، فقد تم زجه بحرب طاحنة طويلة الأمد مع إيران في عام (1981)، ولكن بعد مرور ثمان سنوات من الحرب لم يضعف الجيش العراقي، فتم الدخول في خطة أخرى تمثلت بمصيدة احتلال الكويت، التي شكلت الحلقة الأولى في مسلسل إنهاء الجيش العراقي وتدمير دولة العراق، وهذا ما حدث فعلاً فبعد الخسائر الكبرى التي مني بها الجيش العراقي في حرب التحالف الثلاثيني على زمن بوش الأب التي شارك فيها جيوش عربية وقت ذاك، وفي حرب بوش الابن تم الإجهاز على الجيش العراقي بالكامل، حيث تم حل الجيش بتوجيه من (اسرائيل) وحلفائها، تحت ذرائع مختلفة.


ربما يكون الجيش السوري هو المستهدف في الوقت الحاضر، من خلال الزج به في حرب داخلية طاحنة أكلت الأخضر واليابس، ولم تنته بعد، وسوف يكون الجيش السوري محلاً للتفاوض القادم في عمليات التسوية «المطروحة»، وقد تم سابقاً تدمير ترسانة أسلحته الكيماوية بإرادته الداخلية عبر اتفاق تم توقيعه بإرادة روسية، وما زال المخطط جارياً في هذا السياق.


ليس المقصود في هذا الحديث تحميل المسؤولية الكاملة للدول الخارجية، والمخططات «الإسرائيلية» وإن كانت موجودة فعلاً، ولكن يجب تحميل الأنظمة السياسية الجزء الأكبر من مسؤولية الحفاظ على جيوشها، وعلى شعوبها وأوطانها وحدودها، حيث أن الضرر الأكبر الذي لحق بالجيوش العربية كان بسبب فقدانها لمظلة سياسية حقيقية قادرة على حفظ مقدراتها بطريقة حكيمة ونظرة سياسية ثاقبة.


ما تشهده الأقطار العربية من ثورات داخلية وفتن وحروب أهلية ألحقت ضرراً كبيراً بالجيوش العربية، حيث أنها تتعرض لعمليات انقسام وتشتيت للجهد، بالإضافة إلى الخلل الكبير الذي أصاب الجيوش برسالتها وهويتها وعقيدتها العسكرية، فضلاً عن فقدان قيادتها وتدمير ترساناتها العسكرية، وفي هذا الصدد يمكن القول إن الأردن إذا استطاع النجاة من هذا المنزلق بحفظ الدولة ومؤسساتها، وحفظ الجيش بكامل قوته بطريقة حكيمة فقد حقق مكسباً عظيماً.


رغم كل التطورات الجارية على الأرض السورية فما زال الحل السياسي على صعيد الأزمة السورية الذي يؤمن لسوريا وحدة الأرض والشعب هو المطلوب، مع ضرورة اتفاق الأطراف على مرحلة انتقالية تؤمن للشعب السوري حقه الكامل في تحقيق خياره الديمقراطي الكامل وسيادته الكاملة غير المنقوصة بعيداً عن كل التدخلات الخارجية.


 
gnews

أحدث الأخبار



 




الأكثر مشاهدة