الخميس 2024-12-12 10:50 ص
 

الحرب العالمية الثانية تشتعل

09:07 ص

لم يكن بلا معنى اختيار الرئيس الأميركي باراك أوباما ليوم الحادي عشر من شهر أيلول (سبتمبر) موعدا لإلقاء خطاب سياسي مهم، يعلن من خلاله استراتيجية أميركا وحلفائها لمواجهة تنظيم 'داعش' في العراق وسورية، وبدء حملة عسكرية ضده؛ طويلة المدى ومتنوعة الأشكال.اضافة اعلان

ذلك التاريخ يعني للشعب الأميركي الكثير، وهو ما يزال محفورا في الوجدان كواحد من أسوأ الأيام في تاريخهم. فقبل 13 عاما، وقعت تفجيرات نيويورك وواشنطن الرهيبة. حدث هز أميركا والعالم، وكان له من بعده تداعيات كبيرة، كان لمنطقة الشرق الأوسط النصيب الأكبر منها.
في ذلك اليوم المشؤوم، شرعت الولايات المتحدة في حرب عالمية على الإرهاب، وقادتها خطاها المتعثرة إلى احتلال بلدين مسلمين؛ أفغانستان حيث مأوى قيادة تنظيم 'القاعدة' وحليفتها حركة طالبان، ثم العراق بذريعة أسلحة الدمار الشامل.
لسنا بحاجة لقول رأي فيما تمخضت عنه تلك الحروب والمواجهات؛ فإطلاق نسخة جديدة منها ضد سلالة أكثر دموية وشراسة من 'القاعدة' اليوم، لهو دليل على ما انطوت عليه هذه الحرب من أخطاء وكوارث، لم تجلب سوى المزيد من الإرهاب والتطرف.
بعد ثلاث عشرة سنة من العمل الإرهابي في أميركا، وما تلاه من حروب كبيرة وصغيرة، علنية وسرية، لم يصبح عالمنا أكثر أمنا؛ على العكس تماما، الفكر المتطرف صار حاضرا في كل مكان، وها هي 'القاعدة' تستعد لافتتاح فرع جديد في الهند بعد أن دشنت عديد الفروع في قارة أفريقيا، وتوسع نشاطها في أوروبا.
قضى المئات من المتطرفين في الحرب، وعلى رأسهم زعيم 'القاعدة' أسامة بن لادن، وأبو مصعب الزرقاوي، وزعماء كثر في اليمن والعراق والصومال ومالي وغيرها من الدول. كما اعتقل المئات في باكستان وأفغانستان، ونقلوا إلى المعتقل الرهيب في غوانتانامو. لكن في المقابل ولدت أجيال جديدة من الإرهابيين أشد فتكا وقتلا، في العراق وسورية، وصار للمتطرفين بنسختهم الجديدة 'داعش' دولة وأرض وشعب يحكمونه، يستلزم القضاء عليها تحالفا دوليا جديدا، وحربا عالمية ثانية على الإرهاب.
لقد أخفقت الحرب الأولى على الإرهاب لأنها لم تأخذ بالاعتبار المظالم التاريخية للشعوب، والتي تغذى عليها الفكر المتطرف؛ لم تفهم أميركا والغرب ومعهما الأنظمة العربية أن المعركة مع الإرهاب لا تحسم بالقاذفات العملاقة والطائرات بدون طيار فقط، إنما وقبل ذلك بتغيير جذري في البيئة المنتجة للتطرف، وفي حل المعضلات السياسية والتنموية التي وقفت في الطريق.
الحرب العالمية الثانية على الإرهاب تأسس تحالفها المركزي في اجتماع 'الناتو' قبل أسبوع، ويستكمل اليوم في مدينة جدة. المرحلة الثانية من التحالف مهمة للغاية؛ فهي التي تضفي عليه طابعا عربيا وإسلاميا، بحيث تكون الحرب الثانية على الإرهاب حرب دول المنطقة، قبل أن تكون حرب أميركا والغرب.
مشاركة الدول السُنّية الرئيسة في المنطقة؛ مصر والسعودية والأردن وتركيا التي سبقت الجميع في دخول الحلف، هي أمر حيوي لنجاح المهمة.
لكن الحرب على 'داعش' لن تجلب الاستقرار للمنطقة، إذا لم ترافقها خطة سياسية تاريخية لتسوية قضايا المنطقة. ثمة بداية مشجعة في العراق، غير أنها ليست كافية. ينبغي التفكير في الأزمة السورية؛ المصنع الذي ينتج المتطرفين بغزارة. كما أن قضية الشعب الفلسطيني تبقى أم القضايا العربية والإسلامية، والمظلمة الأكبر في التاريخ الحديث. لا يمكن للمرء أن يتخيل شرق أوسط مستقرا من دون حل يرفع الظلم عن الشعب الفلسطيني.
 
gnews

أحدث الأخبار



 




الأكثر مشاهدة