لا نحتاج كمجتمعات وأفراد لأجل بناء شراكة مؤثرة مع السلطة والشركات سوى أن نترك في عليائه الخواء المتعالي على همومنا وقضايانا الأساسية واليومية والحياتية، ونفكر في حياتنا كما يجب ونحب أن نعيشها. وفي ذلك فقط نجعل للانتخابات النيابية والبلدية والنقابية دورا منتجا ومؤثرا في تحسين الحياة، ونمنح النقابات والمؤسسات السياسية والاجتماعية معنى مستمدا من فكرتها المنشئة ويحميها من التحول إلى فيروسات تدمر المنظومة المحيطة بها من خلال قواعدها المفترضة للعمل والنمو والتأثير.
المسألة أولا وببساطة إعادة بناء العلاقة بين المكونات الرئيسة للدولة (السلطة والمجتمعات والأفراد والمدن والأسواق) إلى سياقها المنشئ، وكما يحدث في التاريخ والجغرافيا وفي الأمم الغنية والفقيرة! نحتاج فقط أن تدرك الطبقات المتسعة والمتنامية من المتعلمين والمهنيين والذين يديرون منظومة واسعة من الأعمال والتواصل في الشبكة وحولها أنها يمكن أن تستخدم الشبكة ومعرفتها العلمية والمهنية في تطوير الحياة السياسية والاجتماعية من غير تضحية أو خسارة، فقط أن تنظر إلى الفرص الممكنة والمتاحة في الشبكة والانتخابات الجارية بالقدر الذي تدرك فرصها في عملها ومهنها وتحسين حياتها. أن تسأل نفسها مجرد سؤال كيف يمكن أن تساهم الشبكة والحياة السياسية والاجتماعية المتاحة في تحسين الحياة؟ فلا تبدو الشبكة اليوم والفضائيات والانتخابات والأعمال التطوعية والاجتماعية سوى فضاء عملاق لإنتاج الخواء والانفصال، ولا يستفيد منها سوى الذين يؤمنون بحق نزل من السماء لتنظيم البلدات والمدن أو مسوقي الفساد والآمال! أو المجموعات القرابية، كيف ينجح الوهم والفساد في الانتخابات ولا يجد تحسين الحياة مجالاً يعبر به من الصناديق؟ يفترض أن نمضي إلى الانتخابات ونحن نفكر بما نريده. فماذا نريد؟
في خطابها المتعالي فإن التيارات الفاعلة دينية أو وطنية او ليبرالية أو يسارية تنشئ حول القيمة العليا والسامية لفكرتها سلوكا سياسيا ويوميا، وتريد لهذا المتعالي أن يحل كما هو متعاليا ومنزها ومثاليا وساميا في الأداء اليومي في السلطة والنقابات والبلديات والضرائب والتعليم، وبما أنه لن يحلّ أبدا فقد صار تمثله شخصيات ومؤسسات ومجموعات متعالية هي أيضا، هي الدين أو الوطنية أو المدنية أو الديمقراطية أو التقدم، وليس من صواب سواها، وأسوأ من ذلك فإنها تشمئز من كل فكرة او مجموعة أخرى، ليس ما سواها سوى خيانة أو كفر أو تخلف.
هكذا يتحول العمل السياسي والانتخابي والإعلامي إلى لعبة تواطؤ نمارسها جميعا لنهرب من الاستحقاقات إلى التعالي، ويصير ما يقال وما لا يقال، سوى زينة غير ضارة، أو حيلة لتجنب مواجهة أنفسنا بالمحركات والحوافز الحقيقية للحياة السياسية والاجتماعية. وفي ذلك فلا معنى ولا فائدة أو أهمية لسياسات أو أفكار أو مبادرات أو برامج انتخابية متقدمة وناضجة، إلا بما يكفي لتزويد القِدْر الذي يغلي الحجارة بحاسوب لقياس وتنظيم الاشتعال؛ فينخفض اللهب عند الغليان إلى أدنى درجة، ثم يعاود الارتفاع عندما يبرد الماء، أو أن نضع بجوار القدر بدلاً من حكواتي أو عازف ربابة أوركسترا جميلة ومتقدمة.
وفي متوالية أفظع شرّا وكارثية تتحول الأدوات السياسية نفسها إلى عمليات اجتماعية واقتصادية ثانوية، لا تؤثر في حراك وتدوير الطبقات والنخب السائدة. ويحدث دائماً أن العمليات الهامشية تنشئ مع الزمن والتراكم مصالح راسخة وقوية لأفراد ونخب وطبقات وجماعات، تبحث عن مجال في الهامش المتبقي والمتاح، مثل بيع المأكولات والمشروبات في الطرق أو بجوار المباريات الرياضية!
لكن يظل الوعي المنشئ عملية بسيطة ممكنة ومدهشة! ليس سوى سؤال لماذا ندفع الضرائب مرتين؛ مرة بما هي ضريبة، ومرة بسبب عدم إنفاقها في الأوجه المفترضة للإنفاق، وبعدالة وكفاءة. وهذه قصتنا.
-
أخبار متعلقة
-
أفضل سيارات مازدا في استهلاك البنزين لعام 2018
-
الفاخوري يعلن تبرع بنك الأردن بمليون دينار أردني لصندوق "همة وطن"
-
توفيق فاخوري يدعم صندوق "همة وطن" بمبلغ نصف مليون دينار أردني
-
شاهد لحظة سقوط الطائرة الأوكرانية بعد اشتعالها في الهواء
-
مدرسة الموقر ترسم أجمل منظر – فيديو وصور
-
مدرسة الموقر ترسم أجمل منظر
-
بـرنامـج الـوكـيـل فـي إجـازة سـنـوية
-
حفرة امتصاصية في جرش .. خطرٌ يُهدد المواطنين و يُضر السياحة | فيديو