الإثنين 2024-12-16 08:16 ص
 

الخيار النووي السلمي في العالم العربي - نموذج الأردن

02:59 م

الوكيل - لقد كرست الأردن، وكذلك بلدان أخرى في العالم العربي، اهتماما كبيرا خلال السنوات القليلة الماضية للصناعة النووية؛ ليس فقط بسبب احتمال استخدامها كمصدر للطاقة، ولكن نظرا إلى ضرورة تعزيز التطبيقات السلمية للعلوم النووية أيضا. في هذا السياق، وجه جلالة الملك عبد الله الثاني الحكومة في عام 2007 لاستعراض وتحديث الاستراتيجية الوطنية الرئيسة لقطاع الطاقة، التي أقرها مجلس الوزراء في عام 2004، وذلك بهدف تلبية احتياجات المملكة من مصادر الطاقة وتأمين مخزون الطاقة.اضافة اعلان


يتم إنتاج ما يقارب من 98? من الطاقة في الأردن، باستخدام النفط والغاز المستورد، بتكلفة تقدر بربع الناتج المحلي الإجمالي تقريبا. وقد اضطرت الأردن نتيجة لاستمرار انقطاع امدادات الغاز الطبيعي المصري للبلاد، إلى الاعتماد على واردات النفط الثقيل الأكثر كلفة، مما أدى الى أن يصل دعم الكهرباء الى أكثر من مليار دولار. وقد تقدّمت قضية الاستقلال في مجال الطاقة في البلاد النقاشات السياساتية المحلية والإقليمية، التي من الواضح أن لها آثارا على حالة البلاد في خضم الاضطرابات السياسية في المنطقة.

وبناء على الاستراتيجية الوطنية المحدّثة مؤخرا، يوجد هناك سيناريو محتمل لتلبية الطلب في عام 2025 يتضمن الخيار النووي ضمن مصادر توليد الكهرباء. وعلاوة على ذلك، شجعت الاحتياطيات المتوقعة لليورانيوم في الأردن مسؤولين في عام 2007 لإعلان 'فرصة الانتقال إلى تحويل الأردن إلى دولة مصدرة للكهرباء من خلال تنفيذ برنامج نووي'.

ومع ذلك، فإن هناك العديد من العقبات التي تقف في ذلك الطريق. من هذه الأمور الحاجة إلى الموارد البشرية المدربة والماهرة، ارتفاع كلفة رأس المال الاستثماري، محدودية المواقع المناسبة لمحطات الطاقة النووية، عدم وجود مصادر مائية كافية للتبريد، والمناخ الإقليمي السياسي المتقلب بشكل واضح. وقد بدأت للتو، برامج جامعية محلية وكذلك التعاون التقني الدولي، بتحقيق الحد الأدنى من الحاجة لبناء القدرات، هذا بالاضافة الى التحديات الأخرى التي تعيق المشروع بقوة.

وفي تطور آخر، تعرضت العملية الطويلة لاختيار المزودين، والتكنولوجيا اللازمة لمزيد من التأخير لعدة سنوات ، مع توصية رسمية لتحديد مستثمر استراتيجي بدلا من أن اختيار واحد من القائمة القصيرة السابقة لمقدمي العطاءات (الفرنسية-اليابانية أو الروسية). ولم يتمكن المسؤولين من حصر القائمة لأسباب فنية ومالية، لأن المزودين لم يعطوا موقعا محددا، وقد كانت هناك مشاكل في المواقع المقترحة التي كانت لا تزال غير مؤكدة. وبالتالي كانت الشركات غير قادرة على توفير بيانات مؤكدة عن التكاليف.

وقد كان الموقع الأولي للمفاعلات في خليج العقبة معرضا بدرجة كبيرة إلى النشاط الزلزالي، بالإضافة إلى الأوضاع السياسية غير المستقرة، كذلك لاقى النقل المحلي المخطط له معارضة من قبل المجتمعات المحلية. بعد ذلك، أضيف الموقع الثالث الى القائمة، ولكن كلا الموقعين كانا يتطلبان ضخ المياه التي تنتجها محطة معالجة المياه العادمة في خربة السمرا. وقد أثار هذا تساؤلات جدية بشأن جدوى نظام التبريد، رغم أن المسؤولين دافعوا عن المخطط بناء على خبرتهم في بالو فيردي بولاية أريزونا، والتي هي المحطة النووية الوحيدة في العالم التي لا تقع بالقرب من الماء.

ومع أنه لا ينبغي استبعاد الطاقة النووية، مثلها مثل أي خيار آخر من الخيارات المختلفة للطاقة، الا أن التوقيت هو عنصر غاية في الأهمية. وبكل المعاني فان حل أزمة الطاقة هو عنصر وجودي للدولة ذاتها. يجب علينا وقف الجدل حول ما نستبقيه وما نقوم باستبعاده. يجب الاستناد فقط على الحقائق والأرقام والتواريخ لتحديد الأولويات والنسب المئوية في مزيج الطاقة المستخدمة. ان تأجيل، أو تلفيق أي إنجاز هو ضار جدا. ولذلك، فإن التأخير المتتالي المرتبط بالنقص النسبي في الشفافية والخبرة في البرنامج النووي، يؤدي الى تكلفة أكثر أهمية بكثير؛ وهي تكلفة الفرصة الضائعة للسعي الى الخيارات الأخرى التي يمكن أن تلبي احتياجات الأردن.

ومع ذلك، ينبغي أن يبقى التحدي النووي قائم للنظر اليه مستقبلا. الأردن يكتسب الخبرة في هذا المجال، كما يثبت الشباب الأردني بالتأكيد، القدرة على استيعاب وحتى العمل بنشاط على ترويج الجوانب المختلفة في التكنولوجيا النووية، مما يجعل الأردن واحدة من الدول العربية التي يمكن أن تسهم بشكل إيجابي في تبادل الخبرات. وتحتاج الأردن ودول عربية أخرى إلى أن تدرك الفترة الزمنية اللازمة للمتابعة، محليا، في مجال الموارد البشرية، الأدوات القانونية لتنظيم الحقل النووي، وتبني نظام إدارة ذات مصداقية وشفافة، والضرورة لخلق الثقافة المناسبة للسلامة، البنية التحتية التعليمية الأساسية، والأطر التشريعية والتنظيمية المناسبة المتعلقة بالسلامة والأمن والتأهب لحالات الطوارئ والاستجابة لها، وإدارة النفايات المشعة، كل هذا من بين قضايا أخرى ينبغي متابعتها جميعا بطريقة منهجية.

يجب علينا أن ننشئ أفضل مثال للجيل القادم. قد نحتاج في النهاية إلى الطاقة النووية، ولكننا بالتأكيد لسنا بحاجة الى اللعب النووي.

الدكتور سائد دبابنة


 
gnews

أحدث الأخبار



 




الأكثر مشاهدة