يمكن ببساطة التقاط حجم التماسك في الخطاب السياسي الاردني, من خلال كلمة الاردن في الاجتماع الاخير لوزراء الخارجية العرب, فالخطاب حافظ على التوازن والعقلانية في اقليم يفتقد الى العقل, بعد ان سادت الرغائبية في السياسة القُطرية, فكان التركيز مكثفا في كلمة الاردن عن الشراكة في التفكير والتحليل والتقييم ثم الاجراء الملائم, فسياسة الفزعة والركض خلف الرغائبية انتهى زمنها, واذا حافظت السياسة الاردنية على سلوكها العقلاني ومصالحها الحيوية فستجد كثير قبول داخلي وخارجي, وبالتالي سيستجيب العقل الوطني الى سياسة الاعتماد على الذات اقتصاديا رغم كلفته الموجعة في سنوات قادمة مقابل احساسه بسيادية القرار السياسي وعدم ارتهانه للدعم الخارجي .
ببسالة سياسية انتقى وزير الخارجية ايمن الصفدي كلمات الخطاب, والبداية من الازمة الدائمة في فلسطين , فالحل يبدأ منها وينتهي فيها, والاردن موقن اكثر من غيره بهذه المعادلة, ويبدأ كل حديثه منها ويربط كل مساراته بها, دون مزاودة او شعاراتية , فالجميع يعلم ان ارتباكات الاقليم وتشظيته كانت لمنح دولة الاحتلال راحة وتمدد سرطاني , وكانت تستهدف القضاء على كل الاصوات المنادية بالحل العادل والشامل, والقضاء على الاصوات التي تنادي بحفظ موازين الصراع غير منقلبة او مختلة, سواء كانت هذه الاصوات دولا او احزابا وحركات سياسية وعسكرية, فكل ما يقلق دولة الاحتلال يجب ان يزول بدل زوال الاحتلال .
ثمة التقاطة هادئة لموازين الوحدة والصراع في السياسة الاردنية, فالخلاف مع دولة في مفصل او تموضع, لا يعني ادراج تلك الدولة في خانة العداء, وكذلك الموقف من الاحزاب والحركات السياسية والعسكرية , فثمة قانون وحدة وصراع يحكم المشهد, فالذي نختلف معه في هذا الموقع نلتقي معه في موقع آخر, وللتوضيح أكثر فالاحزاب القائمة على اسس دينية نختلف معها على المجتمع المدني وطبيعته ويصل الخلاف الى درجة الصراع , لكن في نفس الوقت نحن في وحدة معها لمقاومة الاحتلال الصهيوني وضرورة وجود ردع لهذا الاحتلال, وكذلك الحال مع الارهاب والتطرف, فقانون الوحدة والصراع ضروري لاي دبلوماسية, وقاعدة صديق صديقي صديقي وعدو عدوي عدوي ليست صائبة بل يشوبها الاختلال الهائل وتكفي اطلالة بسيطة على تطبيقات هذه القاعدة لنكتشف بأنها ليست قاعدة ثابتة على الاقل .
المصلحة الوطنية بالضرورة مصلحة قومية , فاستقرار الاردن ومنعته وثباته, مصلحة للاقليم العربي , وتنعكس بالضرورة على محيطه الحيوي , فهل يمكن لدولة مثبطة او غير قادرة, ان تمسك بالحدود امام موجات الارهاب والتطرف , وهل انهيار منظومة الامن في دولة عربية لا ينعكس سلبا على منظومة الامن القومي , لنراجع احداث سوريا واليمن وليبيا لنعرف الجواب الواضح, والمصلحة القومية لا تتناقض مع علاقات حُسن الجوار مع محيطها الاقليمي , والسلوكيات المزعجة التي يقوم الجوار الاقليمي لا تُدخله في خانة الاعداء, على الاقل طالما هناك احتلال صهيوني لفلسطين .
ننتقد الديلوماسية الاردنية كثيرا, وننتقد غيابها عن بعض المفاصل الاقليمية, لكن الواجب ان نسندها اذا ما قامت بما هو مطلوب ومامول, وخطاب الاردن في الجامعة العربية, يستحق الدعم والاسناد ليكون هذا الخطاب هو الاستراتيجية السياسية الاردنية, وليس مناورة او تكتيك تستوجبه حالة غضب او عتب اقليمية.
-
أخبار متعلقة
-
أفضل سيارات مازدا في استهلاك البنزين لعام 2018
-
الفاخوري يعلن تبرع بنك الأردن بمليون دينار أردني لصندوق "همة وطن"
-
توفيق فاخوري يدعم صندوق "همة وطن" بمبلغ نصف مليون دينار أردني
-
شاهد لحظة سقوط الطائرة الأوكرانية بعد اشتعالها في الهواء
-
مدرسة الموقر ترسم أجمل منظر – فيديو وصور
-
مدرسة الموقر ترسم أجمل منظر
-
بـرنامـج الـوكـيـل فـي إجـازة سـنـوية
-
حفرة امتصاصية في جرش .. خطرٌ يُهدد المواطنين و يُضر السياحة | فيديو