الأحد 2024-12-15 10:00 م
 

الدولة العميقة ..

09:19 ص

كتب الزميل عريب الرنتاوي مقالاً عن الدولة العميقة في الأردن...ويبدو أن الزميل تورط في قراءة مجموعة من التعريفات عن الدولة العميقة في مواقع الانترنت، دون أن يتوسع في القراءة ثم نسخ هذه التعليقات وأسقطها على الأردن...وفي النهاية خرج بصورة (المنظر) وأكد وجود جورة عميقة يتراوح عمقها من 10- 20 متراً في فهمنا لهذا المصطلح.اضافة اعلان

أولاً: لا يوجد في الأردن ما يسمى ب»الدولة العميقة» لأن شروط وجود هذا الأمر يتطلب نظاما رئاسيا انتخابيا مثل تركيا...أو مثل مصر بالمقابل يوجد في الأردن نظام ملكي دستوري...وراثي.
الدولة العميقة ظهرت في تركيا كمسألة ايجابية وليست حالة سلبية كما يصورها الزميل الرنتاوي..فهي توصيف لقوى سياسية وطنية داخل النظام الحاكم نفسه تعمل على أعادة الدولة للحالة العلمانية وتثبيت الهوية التركية وعدم المساس بهيبة الدولة وقوتها في أطار الدعوات الليبرالية والإصلاحية...في النهاية الهوية التركية كانت هي المحرك والباعث لبروز تلك التيارات داخل الحكم وأكثر من ترجمها هو الجيش...ولكن البعض رأى في الأمر حالة سلبية والبعض وجده أمرا جميلا ومهما وضرورة من ضرورات الدولة ذاتها.
في الأردن الجيش هو صورة للهوية الوطنية ولكن الجيش لا يقرر في السياسة.. والجيش لم يقم بإقصاء أحد والجيش ليس عقائديا..والجيش الأردني أيضا لم يتورط بالقرار السياسي مثلما حدث في تركيا..ولكن يبدو أن الزميل عريب ألتبست عليه التعريفات ونسخ ما رسخ منها في مخيلته على الورق دون أن يتروى مثلا أو أن يأخذ مجموعة من الملاحظات عن هذا الأمر حول من أستاذ السياسة في الجامعة الأردنية والملم بالنموذج التركي (عبدالله نقرش).
في مصر لا يوجد دولة عميقة..يوجد شيء استعمله الزميل ناهض حتر في مقالاته كثيرا وهو (الكمبرادور)...اي مجموعة من رجال المال والبزنس والمصالح والتي ترى أن رعاية مصالحها في الدولة تقتضي الارتباط بالمصالح الغربية...وهذا المصطلح (الدولة العميقة) ابتكرته بعض الاتجاهات الإسلامية المصرية إضافة للقوى الناصرية في محاولة لنسخ النموذج التركي وتمهيد الطريق للإسلاميين في مصر عبر صدامهم مع المؤسسة العسكرية...مصر لا يوجد بها (دولة عميقة) بحكم أن الجيش كان منقذا ولم يتورط في الدم بالمقابل تركيا تورط الجيش في الدم لصالح علمانية وهوية الدولة...
الزميل الرنتاوي دمر التعريف وقام بتشويهه تماما..حين وصف البلطجية في الأردن أنهم أدوات للدولة العميقة، وحين اختصر المفهوم بواقعة الجمل في مصر..والشبيحة في سوريا..مع أن سوريا أبعد ما تكون عن فكرة الدولة العميقة...أما بالنسبة للأردن فالبلطجية كما يصفهم الزميل عريب يتناقضون تماما مع التعريف لأن أدوات الدولة العميقة قوى نافذة في القرار وليس أناسا يتشاجرون في الشوارع...وموقعة الجمل في مصر هي موقعة رأس المال الذي يريد الحفاظ على مصالحه مع شعب يطمح لتعريته.
الطامة الكبرى في الأمر أن الزميل الرنتاوي وصف منظمة (ارجنكون) التركية بأنها تعريف للدولة العميقة، ونسي أنها منظمة أقرب ما تكون في الوصف للمافيا وليس لها علاقة لا بالهوية ولا بمسار الدولة أو دورها هي أقرب لما نسميه في الأردن تيار التكنوقراط أو الديجتال كونها منظمة أدعت الإصلاح وتبين فيما بعد أنها تتاجر بالأراضي وليس بالسياسة تماما مثلما حدث لدينا فالزميل الرنتاوي هو نفسه من كتب مجموعة هائلة من المقالات تؤيد هذا التيار حصل على تمويل من برنامج التحول الاقتصادي والاجتماعي...
أنا لا أعرف كيف نسقط مفهوما أكاديميا تركيا على الأردن وهناك أختلاف في أدوار الجيوش وهناك أختلاف تام في الأنظمة السياسية وهناك وجه واحد للنظام الهاشمي وهو أنه لم يتورط بالدم ولا يوجد مراكز قوى داخل النظام نفسه تقوم بشده بطرق ملتوية لاتخاذ قرارات اقصائية...بالمقابل في تركيا وحتى عهد قريب كانت سلطة الجيش أعلى من أي سلطة.
كان الأجدى قبل أن نكتب أن نذهب إلى الدكتور محمد عدنان البخيت في الجامعة الأردنية وهو بالمناسبة رئيس إتحاد المؤرخين الدولي وملم بالشأن التركي ويستطيع أن يعطينا نبذة عن مفهوم ومعنى الدولة العميقة ومن الممكن التعريج على الدكتور عبدالله نقرش خريج (السوربون) والمدرس في الجامعة الأردنية والذي سيشرح لنا الاختلاف بين النموذج التركي والمصري ومن ثم كتابة المقال.
ولكن الزميل الرنتاوي يبدو أنه قرأ بعض العناوين ثم كتب مقالا .. وأسقط المفهوم علينا مباشرة الأمر أشبه بتركيب ماتور مرسيدس على دراجة نارية...انتظر قليلا نحن دولة عمرنا قصير في التاريخ ونظامنا متسامح..ولم تحدث لدينا حرب تصفية أو اقصاء حتى يكون لدينا عمق في السياسة أو الاقتصاد.


 
gnews

أحدث الأخبار



 




الأكثر مشاهدة