السندات .. الشيء بالشيء يذكر

لم تمنح حكومات متعاقبة وقتا ينعم فيه الاقتصاد بالأثار الايجابية للتخفيف من الدين الخارجي عن طريق شراء مبكر لجزء من ديون نادي باريس , فسارعت الى الاستدانة بتوسع .اضافة اعلان

تسارع وتيرة الإستدانة الخارجية جاء لاطفاء عجز كبير في الموازنة لتراجع المساعدات وتأثرا بالأزمة المالية العالمية لكن السبب الأكثر تأثيرا كان في إرجاء أو تعطيل إصلاحات ضرورية في المالية العامة وأبرزها فاتورة الدعم .
لم يرافق كبح جماح التوسع في الاستدانة الخارجية إصلاحات ضرورية كان يفترض أن تتم بالتزامن , بل العكس فبينما كان يطلق العنان للاستدانة خارجية وداخلية كان العجز يتزايد بفضل إرتفاع متزايد لفاتورة الدعم مع إنقطاع الغاز المصري وإرتفاع كلفة فاتورة النفط , هذه هي الصورة النمطية لارتفاع الدين وتنامي العجز , لكن المشهد غير النمطي هو التوسع في الاستدانة بطرح سندات في ظل تقلبات عنيفة لأسعار الفوائد .
شراء جزء من الدين وفر على الخزينة نحو 200 مليون دينار سنويا هي فوائد وأقساط قروض , لكن سرعان ما فقد هذا الوفر بسبب الارتفاع المضطرد للمديونية وتراجع أسعار الفوائد على سندات دولية كان طرحها الأردن الى أقل من السعر المثبت حينذاك فالتوقعات لم تحالف جمهور المتفائلين لان اتجاه أسعار الفائدة عالمياً لم يتجه الى الارتفاع.
أمس تمت عملية إصدار سندات بالدولار في الأسواق العالمية بقيمة اجمالية 1.25 مليار دولار ولمدة سبع سنوات تستحق دفعة واحدة في نهاية عمر السندات في العام 2020، وبسعر فائدة (2.503%) تدفع الفوائد المترتبة على الاصدار بشكل نصف سنوي .
هذه ليست هي المرة الأولى التي يطرح فيها الأردن سندات دولية فقد سبق وان طرح في عام 2010
سندات بالدولار في الأسواق العالمية ، بقيمة إجمالية «750» مليون دولار ولمدة خمس سنوات تستحق على دفعة واحدة في نهاية عمر السندات ، وبسعر فائدة سنوي ثابت يبلغ «3,875%» تدفع بشكل نصف سنوي طيلة عمر السندات .
الفرق هنا هو أن السندات الأخيرة تتمتع بضمانات كاملة للالتزامات المترتبة على أصل الدين والفوائد المستحقة , كما أنها تتجه الى الاقتراض في ظل أسعار فائدة متدنية , ومن غير المتوقع أن تتراجع الى ما هو أكثر , كما أنها تقترض , وقد نفذت إصلاحات مالية تمس فاتورة الدعم ولا تزال مستمرة أي بمعنى أخر إن العجز لن يبقى في محلك سر , لأنه لن يمول بالدين بل بنتائج الاصلاحات المالية التي بدأنا نرى أثرها .