على خلاف الارتياح العام في الأوساط الشعبية تجاه أسلوب الدولة في التعامل مع العاصفة الثلجية 'هدى'، عبّرت فئة من المواطنين عن استغرابها من هذا الارتياح إزاء ما هو متوقع من الدولة إنجازه، ويقع ضمن الحدّ الأدنى من المهمات المطلوبة منها.
وجهة نظر منطقية وتستحق الاحترام. لكن بعيداً عن دعاوى 'التسحيج' أو تدبيج المديح في الدولة، ومع الإقرار بأنّ ذلك -في الأصل- واجبها، إلاّ أنّ النظر إلى أداء الدولة خلال العاصفة 'هدى' يأتي في سياق المقارنة مع الحالة العامة الداخلية، والوضع الإقليمي. هكذا تبدو إدارة الدولة الناجحة نسبياً بصورة جلية، مقارنة بالعاصفة السابقة 'أليكسا' (2013)، وما شهدته من فوضى وإهمال وتراشق للاتهامات، وبما يعني أنّنا نتعلم من دروسنا ومن أخطائنا، وأن 'السيستم' يعمل، وقادر على تطوير الأداء والقدرات وتحسينها في مواجهة الامتحانات والتحديات المختلفة.
قد يكون التشبيه، هنا، مع ما حدث في امتحان الثانوية العامة 'التوجيهي'، معبراً. فمهمة الدولة إجراء الامتحان في ظروف صحية، بلا انتهاكات ولا تجاوزات. لكن ذلك لم يكن يحدث في أعوام سابقة، شهدت انتهاكات غير مسبوقة ولا مقبولة، ومخجلة، لامتحان 'التوجيهي'، وبدا 'السيستم' الإداري والسياسي معطلاً أمام تلك الظاهرة، حتى جاء رجل إصلاحي إداري صارم، وزير التربية والتعليم د. محمد الذنيبات، وأصلح جزءاً كبيراً من الاختلالات والأضرار. وهذا إنجاز مهم، حتى وإن كان في الأصل جزءا من عمل الإدارة، ولا بد من الإشارة الإيجابية إليه.
بالمقارنة بين 'أليكسا' و'هدى'، فإنّ العاصفة الماضية كانت تجربة محزنة ومزعجة لناحية أسلوب إدارة الدولة وأمانة عمان والبلديات وشركات الكهرباء، وحتى سلوك المواطنين؛ إذ فشلنا جميعاً في ذلك الامتحان بامتياز، وبدت الدولة وكأنّها من دول العالم السابع عشر. وهو ما تجنّبناه بالكلية في تجربة العاصفة الحالية بجدارة وامتياز. فالحكومة أمسكت الأمور منذ البداية بروح علمية وموضوعية، وأمانة عمان والبلديات أعدت خططاً جيدة، والرسالة الإعلامية في ترشيد الرأي العام وسلوك المواطنين، واستخدام النظام لفرض ذلك في بعض الأحيان، كل ذلك أتى أكله في مشهد الأردن خلال العاصفة.
رأينا تنسيقاً وتعاوناً، وإدارة تبتعد عن الارتجالية، وجديّة من الجميع في الحدّ من الأضرار خلال العاصفة 'هدى'. وحتى القطاع الخاص الذي وُجّه له لوم كبير في العاصفة السابقة، أظهر هذه المرة درجة جيدة من المسؤولية الأخلاقية والوطنية. وكذلك الحال بشأن النقابات المهنية، والنسبة الكبيرة من المواطنين التي التزمت بالتعليمات والإرشادات وتعاملت باحترام مع فرض نظام معين للتعامل مع العاصفة؛ فلم نشهد عشرات الآلاف من السيارات العالقة في كل مكان. وإن كان البعض أصرّ على مخالفة ذلك، فقد كان مطلوباً أن يكون هناك قدر من الحزم في تعامل الدولة معهم، وذلك أمر -في ظني- جيد وإيجابي، حتى إن رأى فيه بعض المواطنين غير ذلك، إذ إن ما نحتاجه في هذه المجالات تحديداً؛ سيادة القانون والنظام، هو الحزم والجدية والإصرار.
من المهم أن يكون هناك تقييم داخل الدولة لدور مركز الأزمات في إدارة العملية، وفيما إذا كان هو بالفعل العقل المدبّر لهذا التنسيق والتنظيم في عمل الأجهزة المختلفة، إذ ستكون أول تجربة ناجحة للمركز الذي أُعدّ للتعامل مع حالات الطوارئ والتحديات المختلفة، وبقي مشروعه مرتهناً لصراع مراكز القوى، ولعدم رغبة مؤسسات في الدولة في منح هذه الصلاحيات والسلطات لمؤسسة جديدة في عملها وأسلوب إدارتها، لكن الظروف تثبت أنّ هذه المؤسسة باتت ضرورة وطنية.
بالطبع، المطلوب تطوير الأداء وأسلوب التعامل مع هذه الأحوال. وإذا كان هناك بالفعل مؤشرات على انقلاب مناخي في المنطقة، فإنّ ذلك يدفع إلى بناء تصوّر لذلك، وأن يتزاوج تطوير أداء الدولة بالوعي السلوكي لدى المواطنين.
-
أخبار متعلقة
-
أفضل سيارات مازدا في استهلاك البنزين لعام 2018
-
الفاخوري يعلن تبرع بنك الأردن بمليون دينار أردني لصندوق "همة وطن"
-
توفيق فاخوري يدعم صندوق "همة وطن" بمبلغ نصف مليون دينار أردني
-
شاهد لحظة سقوط الطائرة الأوكرانية بعد اشتعالها في الهواء
-
مدرسة الموقر ترسم أجمل منظر – فيديو وصور
-
مدرسة الموقر ترسم أجمل منظر
-
بـرنامـج الـوكـيـل فـي إجـازة سـنـوية
-
حفرة امتصاصية في جرش .. خطرٌ يُهدد المواطنين و يُضر السياحة | فيديو